ألوان من العنف 3  3

ألوان من العنف (3 - 3)

ألوان من العنف (3 - 3)

 العرب اليوم -

ألوان من العنف 3  3

عمار علي حسن

يجرم القانون الداخلى «العنف الاجتماعى» وكذلك «العنف السياسى»، أياً كانت الهيئة التى يتجسد بها فى الواقع المعيش، وأياً كانت الأسباب المؤدية إليه، والبواعث الكامنة خلفه والدافعة له، وأياً كان المذهب السياسى أو الفلسفة التى تقف وراءه، أو الإطار الذى يحكم النظام السياسى للدولة التى يقع فيها. فالنظم الحاكمة يمكن أن تتدرج فى العقوبات التى تفرضها على العنف السياسى لكنها تسعى جميعها إلى أن تجعله فعلاً مؤثماً ومجرماً بموجب القانون.

ولهذا انشغل القانون الجنائى بما تسمى «الجريمة السياسية»، وتوسع بعض القانونيين فى تكييفها، فرأوا أنها كل جريمة تكمن خلفها بواعث سياسية، سواء استناداً إلى معيار شخصى مثل قتل رئيس الدولة أو أحد المسئولين أو المعارضين، أو إلى معيار موضوعى يراها كل جريمة تمس الشخصية القانونية للدولة، مثل تلك التى تمس أمن الدولة، أو المتصلة بالحريات العامة، أو الوحدة الوطنية وغيرها.

لكن الأمر يختلف بالنسبة للقانون الدولى، إذ إن المجتمع الدولى، وعلى النقيض من المجتمع المحلى، يفتقد إلى السلطة العليا، ولذا أتاح القانون الدولى العرفى استعمال العنف فى علاقات الدول، وجعل الحرب من أعمال السيادة ووسيلة لتسوية نزاع لم تفلح المفاوضات السلمية فى إنهائه، وأعطى مجلس الأمن الدولى، وفق الفصل السابع، حق استخدام القوة ضد طرف أو أطراف دولية، وتحدثت اتفاقية جنيف عن «الحرب العادلة»، أما المقاومة المسلحة للاحتلال فهى مشروعة تماماً، حسب ضوابط معينة.

وأخيراً، ففى مقابل العنف طرح علماء الاجتماع والسياسة والفلاسفة مفهوم «اللاعنف»، أى المقاومة السلمية، الذى يراه الزعيم الهندى الخالد المهاتما غاندى بأنه «تبدأ من اللحظة التى نشعر فيها بحب من يكرهوننا»، بينما عرفه الفيلسوف الإنجليزى الشهير برتراند راسل بأنه «تصرف عقلانى يرمى إلى تفادى الصراع مع طرف أو أطراف معينة، وتحقيق السلام والانسجام مع مثيرى التوتر والقلق، فى ظل الإيمان بأن ثمن الصراعات المسلحة والحروب باهظ بشرياً ومادياً». ورأى المفكر الفرنسى جان مارى مولر أن اللاعنف مسألة أعمق من مجرد التصرف العقلانى لأنه ضرب من ضروب الوعى حيال الحقوق والواجبات المتبادلة بين الأفراد والجماعات، وحيال ضرورة إنهاء الاستغلال والاحتكار والنزاعات والحروب.

وأعطى جين شارب المفهوم بعداً إجرائياً حين عرفه بأنه «ممارسة حضارية تفرض انتهاج أساليب سلمية، تتكئ على التهدئة والمهادنة والتنازل عن بعض الحقوق فى سبيل التوصل إلى حل النزاعات التى تحقق طموحات ومصالح الأطراف المتخاصمة دون اللجوء إلى العنف فى سبيل التوصل إلى الهدف ذاته». ويبتعد بتريم سورو عن هذا خطوة حين يرى أن اللاعنف غاية نبيلة يجب أن نصل إليها حتى لو كلف هذا خسائر مادية ومعنوية للطرف الراغب فى التهدئة والسلام.

واللاعنف له أسس محددة، أولها: أنه مقاومة تميل إلى العصيان وليس احتجاجاً ينبنى على مهاجمة الخصم وإيذائه. وثانيها: أنه سعى دائب لكسب القاعدة الشعبية التى يؤدى حضورها وميلها إلى جانب المقاومين ضد السلطة المستبدة إلى حسم المعركة لصالحهم. وثالثها: أنه مسعى نضالى يمكن أن يتخذ من الإجراءات الطبيعية والقانونية المتاحة طريقاً للتغيير، مثل السعى إلى إسقاط السلطة بانتخابات ينجح المقاومون فى فرض ضمانات لنزاهتها وتكافؤ الفرص بين المتنافسين فيها. ورابعها: أنه حركة علنية وليست سرية، سواء على مستوى أساليب الحشد والتعبئة أو الأنشطة صغيرة كانت أو كبيرة.

arabstoday

GMT 04:52 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

القوة الناعمة: سناء البيسي!

GMT 04:48 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

قفزات عسكرية ومدنية

GMT 04:45 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

عن الأزهر ود.الهلالى!

GMT 04:30 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

خير الدين حسيب

GMT 04:21 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

صوت من الزمن الجميل

GMT 19:26 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

مواعيد إغلاق المقاهى.. بلا تطبيق

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

المطلوب

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

البابا فرنسيس والسلام مع الإسلام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ألوان من العنف 3  3 ألوان من العنف 3  3



ميريام فارس تتألق بإطلالات ربيعية مبهجة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:05 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

مصر تبحث تطورات المفاوضات الأميركية الإيرانية
 العرب اليوم - مصر تبحث تطورات المفاوضات الأميركية الإيرانية

GMT 08:58 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

هزتان ارضيتان تضربان تركيا بقوة 4.5 و4.6 درجات

GMT 04:30 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

خير الدين حسيب

GMT 07:50 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

ميريام فارس تتألق بإطلالات ربيعية مبهجة

GMT 04:52 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

القوة الناعمة: سناء البيسي!

GMT 04:45 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

عن الأزهر ود.الهلالى!

GMT 04:21 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

صوت من الزمن الجميل

GMT 04:22 2025 السبت ,26 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم السبت 26 إبريل / نيسان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab