أين المشروع الثقافى

أين المشروع الثقافى؟

أين المشروع الثقافى؟

 العرب اليوم -

أين المشروع الثقافى

عمار علي حسن

نعيش فى أيامنا هذه صراعاً ضارياً فى معركة الهدم والبناء، وتنافساً شديداً متعجلاً بين التيارات السياسية على قطف الثمار أو الحفاظ على المكاسب والمنافع الزائلة، وإرباكاً أمنياً واقتصادياً كان متوقعاً، وطغياناً واضحاً من بعض الماضى على الحاضر، مع عودة سريعة إلى الانتشاء بالاستبداد السياسى، واعتقاد زائف أن فيه الخلاص، مع أن فيه البوار والهلاك، وفى الوقت ذاته هناك استخفاف من السلطة بالثقافة والمثقفين، فلا تقيم لهم وزناً، ولا تضع لهم اعتباراً، ولا تعتقد أن لديهم ما ينفع، وتلك آفة كبرى.

وسط كل هذا من الضرورى أن يستعيد المثقفون دورهم الطليعى، ويؤمنوا بأن بلدنا فى حاجة ماسة إلى ثورة ثقافية، تشكل رافعة ضرورية وواجبة لاستكمال انتصار الثورة السياسية، وتخط معالم مشروع ثقافى، جامع مانع، ينتصر للنقد والابتكار والتجديد، ويحفظ لمصرنا الغالية قيمتها، ويرفع قامتها بين الأمم، ويلبى رغبة متجددة للذين يعيشون على ضفاف النيل الخالد فى صنع المعجزات.

إن تعظيم دور الثقافة واجب، شريطة على ألا تقتصر مهمة وزارة الثقافة ومؤسسات المجتمع المدنى والأفراد المهتمين بدعم الآداب والفنون فى نشر مشروط للكتب، ولا فى التوزيع الموسمى للجوائز، ولا فى إنشاءات وترميمات ينهض بها المقاولون وتحسب فى سجل إنجازاتهم، وتتقدم بها المبانى على المعانى، ولا فى محاولات مستميتة لتدجين أرباب الفكر والفن، بغية توظيفهم فى تبرير السياسات الاعتيادية الارتجالية القائمة مهما كانت هابطة، واستعمالهم فى تجميل التصورات القبيحة التى تشد كل شىء فى حياتنا إلى الوراء، وضمان سكوتهم على أى قوانين وتشريعات تقيد حرية التفكير والتعبير والتدبير، ومحاصرتهم حتى يستسلموا للمحاولات الماكرة التى تزيح الثقافة كى تصبح شيئاً ثانوياً فى حياة المصريين المعاصرين، وتسعى إلى تفريغ كل عمل ثقافى من مضمونه، وتحاول إبعاد الفن والفكر عن أداء دورهما فى الأخذ بيد الناس وتبصيرهم وتنويرهم والانتصار لجهدهم الدؤوب فى سبيل تحسين شروط العيش، أو على الأقل فى سبيل توسيع الزنازين التى يحملونها فوق ظهورهم من فرط مآسى الحياة.

إن المشروع الثقافى الذى طال غيابه يجب أن يجعل غايته الأساسية هو بناء مجتمع قوى، على المستويات المادية والمعنوية والرمزية، تتراجع فيه الأمية والجهل إلى أدنى حد، توطئة للتخلص منهما تماماً، باعتبارهما عدوين لدودين للتقدم، وتتعاظم فيه القيم التى تدفع إلى الأمام فى شتى المجالات، وتحقق التماسك القوى بين طبقاته وشرائحه وفئاته، على أسس سليمة، وتنبذ العنف والإرهاب بشتى أنواعه ودرجاته.

إن المشروع الثقافى المنتظر عليه أن يدرس كل ما يحتاجه المصريون بشتى فئاتهم، فيقف على ما يفيد تلاميذنا وطلابنا فى قاعات الدرس، وفلاحينا فى الحقول، وعمالنا فى المصانع والمشاغل والورش، وموظفينا فى المكاتب، وتجارنا فى الأسواق، ومختلف أصحاب المهن من قضاة ومحامين وأساتذة جامعات ومدرسين وأطباء ومهندسين وعلميين وحرفيين وشرطيين، ساعية فى كل هذا إلى الارتقاء بمختلف هذه الفئات، بما يحقق صالح المجتمع بأسره، وذلك من منطلق الفهم الواسع والعميق للثقافة، باعتبارها مشروع حياة، ومساراً يتداخل مع كل المسارات الأخرى، حتى لو ظن المتعجلون والجاهلون عكس ذلك.

على المثقفين أن يعكفوا من خلال جهدهم الفردى، ومؤسسات المجتمع المدنى، وقدرات الدولة، على التفكير فى هذا المشروع، وأن يقدموا ما عليهم حيال مصر، فإن لم يفعلوا هذا يكونون قد قصروا وفرطوا تفريطاً.

arabstoday

GMT 09:43 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 09:42 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 09:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

GMT 09:39 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

متى يخرج السيتى من هذا البرميل؟!

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 09:35 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 09:33 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 09:30 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أين المشروع الثقافى أين المشروع الثقافى



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab