تمييز الدين عن السلطة السياسية 1  2

تمييز الدين عن السلطة السياسية (1 - 2)

تمييز الدين عن السلطة السياسية (1 - 2)

 العرب اليوم -

تمييز الدين عن السلطة السياسية 1  2

تمييز الدين عن السلطة السياسية (1 - 2)
عمار علي حسن

من يمعن النظر فى تجربة المسلمين التاريخية يدرك أن ربط الدين بالسلطة السياسية حول الدين إلى أيديولوجيا أو إطار يبشر بالسلطة باعتبارها غاية، أو يبرر لها مسلكها بعد تحصيلها وحيازتها، أو يجند لها الأنصار والأتباع ليقوى شوكتها، ويسعى إلى تثبيت أركانها بتحريم الخروج عليها، أو يرد عنها معارضيها بتكفيرهم وتجهيلهم (من الجاهلية)، ونعتهم بالبغى. وخبرة التاريخ تلك تبين أن السعى إلى السلطة السياسية كان الخنجر المسموم، الذى طعن كل الأديان، دون استثناء، ولذا فإن مصلحة الدين تقتضى التمييز بينه وبينها قبل مصلحة الساسة، وكل من يطرح الدين باعتباره مشروعاً للسلطة، أو يتذرع بأن الوصول إلى السلطة ضرورى لحراسة الدين ونشره، هو فى حقيقة الأمر يتلاعب بالدين، ويوظفه بلا ورع ولا تحسب فى سبيل منفعة دنيوية، طالما ارتبطت بالمخاتلة والزيف والخداع والمكر والمراوغة. ولعل «الآداب السلطانية» تقدم برهاناً عملياً ناصعاً على الفساد والإفساد الذى أحدثه خلط الدين بالسلطة السياسية فى تاريخ المسلمين، والآداب السلطانية، حسبما أورد عز الدين العلام فى كتابه «الآداب السلطانية: دراسة فى بنية وثوابت الخطاب السياسى» هى «تلك الكتابات السياسية التى تزامن ظهورها الجنينى مع ما يدعوه الجميع بانقلاب الخلافة إلى ملك، وكانت فى جزء كبير منها نقلاً واقتباساً من التراث السياسى الفارسى، واستعانة به فى تدبير أمور الدولة الإسلامية الوليدة، وهى كتابات تقوم فى أساسها على مبدأ نصيحة أولى الأمر فى تسيير شئون سلطتهم، إذ تتضمن كل موادها مجموعة هائلة من النصائح الأخلاقية والقواعد السلوكية الواجب على الحاكم اتباعها، بدءاً مما يجب أن يكون عليه فى شخصه إلى طرق التعامل مع رعيته مروراً بكيفية اختيار خدامه واختبارهم، وسلوكه مع أعدائه. وفى عرضها لنصائحها الهادفة إلى تقوية السلطة ودوام الملك، تتبع هذه الآداب منهجية، أو لنقل تصوراً عملياً براجماتياً يجعل منها فى النهاية فكراً سياسياً أداتياً لا يطمح إلى التنظير بقدر ما يعتمد على التجربة، ولا يتوق إلى الشمولية بقدر ما يلزم حدود الواقع السلطانى». فى حقيقة الأمر فإن كثيراً من الفقهاء ومنتجى الخطاب الدينى انخرطوا فى صناعة آراء وأفكار تحت مسار «الآداب السلطانية» استهدفت فى أكثرها إطالة أمد بقاء الحاكم فى عرشه أكثر مما رمت إلى إقامة العدل فى الرعية. والأشد وطأة فى هذا المضمار أن تبرير هذا الهدف جاء من باب دينى، انفتح على استغلال علوم الإسلام ونصوصه فى تحقيق مصلحة السلطة السياسية، ولا بد من إنهاء هذه العملية فى ركاب عملية فارقة نحو العصرنة فى كافة الاتجاهات. وإذا كانت الجماعات الدينية السياسية تحتج فى تبرير مشروعها السياسى بأن الرسول الكريم قد مارس السياسة، وتصرف كرئيس دولة، فإن مراجعة التجربة النبوية بعلم ووعى تفند هذا التصور، وهنا يقول عبدالإله بلقزيز فى كتابه «تكوين المجال السياسى الإسلامى: النبوة والسياسة»: «نعم وقع تلازم بين الدينى والسياسى فى التجربة النبوية، ولكن ليس بالمعنى الذى فهمه حسن البنا ودافع عنه. لم تكن السياسة منفصلة عن الدين فى المشروع النبوى، لكنها، فى الوقت نفسه، لم تكن محكومة به أو مجرد فرع من فروعه».

arabstoday

GMT 10:49 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

ترامب والقضية الفلسطينية

GMT 10:43 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

لا يمكن الإستخفاف بأحمد الشرع

GMT 10:41 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أحمد الشرع... صفات استثنائية

GMT 10:38 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

شروط ضرورية لنجاح البكالوريا

GMT 10:35 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

ماذا ستفعل إسرائيل؟

GMT 10:32 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

درجات آرسنال ودرجة مرموش؟

GMT 04:06 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

صاحب الزاوية

GMT 04:04 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

الدخيل وشفافية الذكاء الاصطناعي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تمييز الدين عن السلطة السياسية 1  2 تمييز الدين عن السلطة السياسية 1  2



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 05:31 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

نتنياهو يسعى لتعطيل المرحلة الثانية من اتفاق غزة
 العرب اليوم - نتنياهو يسعى لتعطيل المرحلة الثانية من اتفاق غزة

GMT 10:27 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

سهر الصايغ تكشف الصعوبات التي تواجهها في رمضان
 العرب اليوم - سهر الصايغ تكشف الصعوبات التي تواجهها في رمضان

GMT 03:57 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

الرياض تحتضن دمشق

GMT 07:34 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

زلزالان بقوة 4.7 درجة يضربان بحر إيجه غرب تركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab