«جبل الزمرد» 2 2

«جبل الزمرد» (2- 2)

«جبل الزمرد» (2- 2)

 العرب اليوم -

«جبل الزمرد» 2 2

عمار علي حسن

... وهناك عبارة وردت فى رواية «جبل الزمرد» للأديبة منصورة عز الدين تمثل مفتاحاً لقراءتها، أو تشرح الدافع الذى حدا بالكاتبة إلى إبداعها، حيث تقول: «لم تعرف شهرزاد أن خبر زمردة، كما وصلها وكما حكته لشهريار، لم يكن إلا تحريفاً مشئوماً لقصة حياة أميرة واقعية عاشت ذات يوم فوق جبل قاف السحرى، حياة تلاشت ولم تخلف وراءها سوى حكاية خضعت لتحريف مستمر، وتنتظر من يخلصها مما علق بها من آثار التشويه، ويحيى ما مات من أجزائها، أو أُغرق فى ضباب النسيان». وهنا تصبح مهمة المؤلفة، عبر بطلتها الرئيسية، تنقية الحكاية مما شابها من تحريف وتحوير، دون أن تفقد حق الإضافة إليها، أو ملء الفراغات التى تركت فيها طيلة القرون الفائتة، وهذا لا يتم بشكل أحادى، إنما عبر استحضار الشخصيات القديمة لتفعل ما لم تفعله، وتحقق ما رحلت دون أن تنجزه، وما تسبب فى نقصان الحكاية أو بترها، واستدعى ضرورة البحث فيها أو السعى لإتمامها.

فالبطلة والراوية العليمة فى آن: «بستان البحر» هى فتاة إيرانية ابنة آخر النساك الراحلين الحافظين لأسطورة «جبل الزمرد» والمولودة على مقربة من «قلعة ألموت» جاءت إلى القاهرة لتفتش عما نقص من الحكاية فى المخطوطات القديمة، وتتصرف طيلة الوقت على أنها «منذورة لشىء غامض» وليس أمامها من سبيل سوى المضىّ قدماً والتوحد بمصيرها، بغية استعادة زمردة «أميرة قاف» سيرة ومعنى. وفى مصر، وبينما كانت أحداث ثورة يناير تجرى فى الشوارع، كانت «بستان» ماضية وراء هدفها، لتلتقى فى رحلتها بفتاة مصرية ابنة أبوين منفصلين تُدعى «هدير»، فتتساندا معاً، ومعهما شاب إيرانى آخر يدعى «كريم»، ويسعون جميعاً وراء هذه الغاية، فتقرأ الأولى تعاويذ على الثانية فتمكنها من السفر فى الزمن: «بدأت فى ترتيل تعاويذى وعيناى مثبتتان على الشابة الجالسة أمامى، ابتهلت بأقصى ما أملك من إيمان، مع آخر جملة قرأتها هدير شعرت بأنها تطير، تطفو فوق العالم بتفاصيله التافهة، بمشكلاته الجادة، بأسئلته غير القابلة للإجابة، كانت خفيفة منسجمة مع نفسها، ومع الكون من حولها، شعور رائع بالصفاء والتناغم مع الذات هيمن عليها، أحست بأنها غير مرئية من الآخرين، تعلو رويداً، وكلما علت أكثر تخففت من أعبائها. غاب جزء من ذاكرتها، واستعارت فى مقابله جزءاً بديلاً من ذاكرة الجبل وأميرته».

وبهذه العودة إلى الماضى يمكن لبطلة الرواية أن تكمل الناقص، ليس عبر الإملاء على من كتبوا النص الأصلى، بل تمكين الشخصيات الأسطورية نفسها من أن تحدد مصيرها، وبهذا تمكنت الكاتبة نفسها من أن «تغلق الدائرة» التى ظلت مفتوحة على حكاية أميرة قاف ردحاً طويلاً من الزمن، لتبرهن بجلاء على أن فن الرواية قد يكون الوسيلة المثلى ليس فقط للإضافة إلى «ألف ليلة وليلة» أو استلهامها فى حكايات شبيهة أو التناص معها أو توظيفها فى شحذ الخيال وترسيخ معالم «الواقعية السحرية» فى السرد العربى المعاصر، بل أيضاً فى تجاوزها إلى حكايات جديدة، مستمدة من أساطيرنا الشفاهية المتداولة حالياً، أو خلق عوالم موازية مبتدعة صنعها خيال خصب، وهى مسألة آن للأدباء العرب أن ينشغلوا بها أكثر فى المستقبل.

arabstoday

GMT 10:21 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

التشكيل المنتظر امتحان حسان الأول

GMT 07:36 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 07:34 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 07:29 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 07:27 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

معضلة الحل في السودان!

GMT 07:25 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

الكشف عن مقبرة مطربي الإله آمون

GMT 07:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

مذاق الأيام المتبقية من عُمر السباق

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«جبل الزمرد» 2 2 «جبل الزمرد» 2 2



ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:12 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
 العرب اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 05:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

الضوء في الليل يزيد فرص الإصابة بالسكري

GMT 07:29 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 11:29 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

هجوم سيبراني يستهدف مواقع حكومية إسرائيلية

GMT 19:16 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

الرجاء المغربي يخفض تذاكر مباريات دوري الأبطال
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab