حكاية «القات» في اليمن

حكاية «القات» في اليمن

حكاية «القات» في اليمن

 العرب اليوم -

حكاية «القات» في اليمن

عمار علي حسن

سألنى شاب تابع بعض الخطباء بساحة يمنية احتشد فيها بعض أنصار الحوثيين: لماذا كانت صدوغهم متورمة؟ فأجبته: لأنهم يخزنون القات. فعاد إلى السؤال: ما القات هذا؟ فأجبته: نبات يُزرع بغزارة هناك، ويدمنه أغلب اليمنيين، أو كلهم، كبيراً وصغيراً، حتى الرؤساء والوزراء وشيوخ القبائل. وأراد أن أمدّه بمعلومات أكثر، فقلت له: هذه ظاهرة يمنية خالصة، لم تفلح كل الجهود التى بذلتها الحكومة والمثقفون من أجل التخلص منها، أو على الأقل الحد من استشرائها. بل حدث العكس، إذ شهدت السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة فى المساحة المنزرعة بالقات مقارنة بالمحاصيل النافعة مثل البن والقطن والسمسم. وفى تقديرات المنظمة الدولية للأغذية والزراعة «الفاو» فإن المساحات المزروعة بالقات فى اليمن تبلغ ربع مساحة الأراضى المروية، فى حين يبلغ حجم الإنفاق الأهلى على تعاطيه ما يربو على 3.2 مليار دولار، حيث يأتى الإنفاق على القات والتبغ فى المرتبة الأولى بين إنفاق الأسرة الحضرية اليمنية على السلع الغذائية، وجاء فى المرتبة الثانية بعد الإنفاق على الحبوب بالنسبة للأسرة الريفية. ويضيع القات على الدولة اليمنية عشرين مليون ساعة عمل يومياً، حيث يبقى البعض ماكثين فى مجلس تعاطى القات «الديوان» لأكثر من عشر ساعات يومياً.

وقد أصدرت الحكومة اليمنية عدة قرارات بين عامى 1972 و1976 فى سبيل منع زراعة القات وتعاطيه، لكن مصيرها جميعاً كان الفشل. ثم عادت واتخذت عدة إجراءات فى سبيل الحد من الظاهرة، منها منع تعاطى القات فى المؤسسات العسكرية والأمنية، وداخل المؤسسات الحكومية، وقامت بزيادة ساعات العمل لتفوّت على المتعاطين فرصة شراء القات أو الخروج قرب الثانية عشرة ظهراً للبحث عنه. وقد أنشئت بعض الجمعيات الأهلية لمحاربة تعاطى القات، فى مقدمتها «الجمعية الوطنية لمواجهة أضرار القات»، التى تأسست عام 1992، ولها فروع فى بعض محافظات البلاد. وتم إصدار صحيفة غير دورية اسمها «يمن بلا قات»، تكرس صفحاتها للتوعية بالأضرار الصحية والنفسية والاقتصادية له، بوصفه مصنفاً لدى الهيئات الصحية الدولية بأنه من المخدرات.

وقد نظمت الحكومة اليمنية خلال الفترة من الثالث إلى الرابع من شهر أبريل عام 2002 مؤتمراً وطنياً موسعاً لمناقشة ظاهرة القات من شتى جوانبها. لكن انقسام علماء الدين فى الرأى حول ما إذا كان القات من «المسكرات» أم لا، إلى جانب أن هناك أكثر من نصف مليون أسرة تعتمد عليه كمصدر دخل ثابت لها، يساهم فى استمرار هذه الظاهرة.

وقد تعدى «القات» حدود «المخدر» أو «المسكر» ليصبح مؤسسة اجتماعية ضاربة بجذورها فى أعماق اليمن، تؤثر فى صناعة القرار وتحقق الاتصال الاجتماعى. فجلسات تعاطى القات تُعد حجر أساس فى إجراء المناقشات حول القضايا السياسية والاجتماعية فى اليمن، وتشكل فرصة سانحة لتسوية الخلافات الشخصية والقبلية. وهناك من يصف القات بأنه «الحاكم الأول فى اليمن نظراً لسيطرته على معظم الفئات الشعبية وكونه عادة قديمة لا مفر منها تستبد بالجميع». وكافة هذه العوامل تجعل القات خياراً اجتماعياً يبدو من الصعب على اليمنيين التفريط فيه حتى يتحصلوا على خيار آخر.

arabstoday

GMT 08:09 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

وحدة الساحات

GMT 08:08 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

لبنان... نتنياهو أخطر من شارون

GMT 08:05 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

الأردن و«الإخوان»... «حكي القرايا وحكي السرايا»

GMT 07:59 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

أوسلو... من الازدهار إلى الانهيار

GMT 07:57 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إيران ــ أميركا ــ أوروبا وإدارة الصراع

GMT 07:55 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

«الكلمة نور وبعض الكلمات قبور»

GMT 07:53 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

رؤية عربية للمتغير الرئاسي الأميركي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكاية «القات» في اليمن حكاية «القات» في اليمن



ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:43 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالة مختلفة تضج جمالاً
 العرب اليوم - نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالة مختلفة تضج جمالاً

GMT 00:23 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

طرق متميزة ومُساعدة في تنظيف غرفة النوم وتنظيمها
 العرب اليوم - طرق متميزة ومُساعدة في تنظيف غرفة النوم وتنظيمها

GMT 19:41 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

إطلاق نار بمحيط إقامة دونالد ترامب

GMT 02:19 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

حالة طوارئ في جنوب ليبيا بسبب السيول

GMT 17:46 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

إصابة شرطي إسرائيلي في عملية طعن في القدس

GMT 04:25 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

سماع صوت انفجار بمحيط مخيم العين غربي مدينة نابلس

GMT 17:24 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

قصف إسرائيلي عنيف على بلدة عيتا الشعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab