خفايا علاقة الإخوان بواشنطن

خفايا علاقة الإخوان بواشنطن

خفايا علاقة الإخوان بواشنطن

 العرب اليوم -

خفايا علاقة الإخوان بواشنطن

عمار علي حسن

قبل أيام كشفت وثيقة حصلت عليها مؤسسة «ميدل إيست بريفينج/ إم. إى. بى»، وبموجب أمر قضائى وفقاً لقانون حرية المعلومات أن إدارة الرئيس باراك أوباما ظلت تدعم فى الخفاء جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الحركات فى الشرق الأوسط التى تخدم وتتوافق مع أهداف السياسة الأمريكية فى المنطقة، فى إطار «مبادرة الشراكة الشرق أوسطية» التى تديرها وزارة الخارجية الأمريكية، بهدف تغيير الأنظمة فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتكشف الوثيقة الصادرة فى 22 أكتوبر 2010 بوضوح برامج وزارة الخارجية الأمريكية التى تستهدف مباشرة بناء منظمات مجتمع مدنى، خصوصاً المنظمات غير الحكومية، من أجل تغيير السياسات الداخلية فى الدول المستهدفة لمصلحة السياسة الخارجية الأمريكية وأهداف الأمن القومى للولايات المتحدة. وتركز الوثيقة على القرار الرئاسى رقم 11 الذى لا يزال يصنف تحت مسمى «سرى» ولم يكشف عنه للعامة. ووفقاً لـ«إم.إى.بى» يحدد القرار خطط أوباما المتعلقة بدعم جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الحركات المتحالفة مع الإسلام السياسى، التى تتوافق مع أهداف السياسة الخارجية الأمريكية فى المنطقة.
وهذه الوثيقة تستوجب منا فى هذا المقام معرفة طبيعة علاقة واشنطن بجماعة الإخوان خاصة، والجماعات السياسية التى توظف الدين لتحصيل السلطة عامة، فقبل وصول جماعة الإخوان إلى الحكم فى مصر كانت هناك ثلاث رؤى تحدد تقييم الغرب لصعود ما يسميها أتباعها حركة «الإحياء الإسلامى» فى المجتمعات العربية والإسلامية، خاصة الحركات الأممية، التى تعدت حدود البلاد التى نبتت فى تربتها، وساحت فى مناطق عدة على سطح البسيطة، تتوزع على قارات خمس تقريباً، وتمعن ظاهرياً فى تحدى الولايات المتحدة على مستويات تمتد من القيم إلى السياسات، ومن السلوك اليومى إلى الاستراتيجيات البعيدة.
والرؤية الأولى، ورائدها ناعوم تشومسكى، نظرت إلى هذه الحركات على أنها رد فعل لسياسة واشنطن الداعمة بشدة لإسرائيل. والثانية تحدثت عن هذه الحركات بوصفها تمثل جوهر «صدام حضارى» بين المسلمين والغرب، وقاد صمويل هنتنجتون من يتمسكون بهذا الاتجاه. أما الثالثة فتتعامل معها على أنها رد ثقافى نفسى يتماس مع دوائر سياسية واجتماعية واقتصادية أوسع على «الحداثة»، التى حمل الغرب لواءها، وهز بها رواسب ماضوية فى بلادنا. ويدافع باول بيرمان عن هذا الفهم لحالة الاحتقان بين الجناح العنيف من الجماعات الإسلاموية والعالم الغربى.
هذه الرؤى كانت أمام إدارة أوباما لكنها قررت الذهاب مباشرة، وبصورة براجماتية، إلى بناء علاقات ممتدة مع هذه الحركات وتوظيفها فى خدمة استراتيجيات واشنطن فى الشرق الأوسط، مطمئنة إلى خبرة الولايات المتحدة السابقة فى التعاون مع المتطرفين فى أفغانستان، وهى علاقة أثمرت فى النهاية سقوط القطب المنافس لأمريكا على قيادة العالم وهو الاتحاد السوفيتى، ولذا لا مانع أبداً من توظيف التنظيمات التكفيرية والإرهابية فى تعزيز مسار «الفوضى الخلاقة» مع استعمال «جماعة الإخوان» فى لملمة أشتات هذه التنظيمات المفرطة فى التطرف وتجميع طاقتها لتكون لصالح واشنطن وليس ضدها مثلما حدث منذ أن ظهر تنظيم القاعدة عام 1998. واعتمدت إدارة أوباما فى هذا على تقارير أصدرها «كارنيجى» و«راند» وغيرهما تصنف الإخوان على أنهم معتدلون وبراجماتيون ويمكن التفاهم معهم، وبناء على هذا شرعت واشنطن فى إجراء اتصالات عميقة مع قادة «التنظيم الدولى» للإخوان، واضعة نصب عينيها مواصلة الحفاظ على مصالحها الأساسية فى الشرق الأوسط وهى ضمان تدفق النفط، وتحقيق أمن إسرائيل، وتأمين الممر الملاحى فى قناة السويس، وتوجيه الطاقة الغضبية للإرهابيين بعيداً عن أمريكا.
لكن ما لم يدركه أوباما أن هذه الوجهة -وهى دعم جماعة الإخوان لتطويق الحركات المتطرفة والإرهابية- لن تجدى نفعاً، فبعض هذه الحركات يتقاطع مع الإخوان، لا سيما بعد أن سيطر القطبيون على الجماعة، فى أفكار وتصرفات كثيرة، وبعضهم أو جلهم خرجوا أساساً من عباءة هذه الجماعة الأم. كما أن الجميع فى مصر بدأ يدرك أن واشنطن تستعمل الإخوان كبديل استراتيجى لمبارك فى خدمة المصالح الأمريكية، ومن ثم فإن أحداً من الجهاديين لن يطيع الجماعة حين تطلب منه تصفية الخلاف مع الأمريكان.

 

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خفايا علاقة الإخوان بواشنطن خفايا علاقة الإخوان بواشنطن



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab