رواية عن أنسنة الكلاب 22

رواية عن أنسنة الكلاب (2-2)

رواية عن أنسنة الكلاب (2-2)

 العرب اليوم -

رواية عن أنسنة الكلاب 22

عمار علي حسن

وتمتد أنسنة الكلاب فى رواية «قمر»، للكاتبة مريم البنا، إلى إبداء الإعجاب بسماتها الجسدية إلى درجة أن تقول الكاتبة عن إحداها: «رأيت أجمل عينين عسلياً لونها، وأنبل وجه»، أو تدير حواراً مع واحد من الكلاب، يبدى ضيقه من تقبيلها المستمر له، بعد أن «هجمت عليه وحملته وحضنته وأخذت أقبّله مائة قبلة فى الدقيقة، وأربت على رأسه الصغير الناعم»، أو أن تحرص على دفن أى كلب أو كلبة تموت، فى تبتل وتوقير، وكأنها توارى جسد إنسان الثرى، غير عابئة ببعض النظرات المتعجبة، أو التعليقات الساخرة من جيرانها، أو من العابرين.

ورغم أن بطلة الرواية زوجة وربة أسرة، لا نجد فى الرواية أى إشارة إلى أبنائها أو حياتها الأسرية، إلا مرتين فقط وبشكل عابر، وكأنها اكتفت بتلك الحيوانات الأليفة بديلاً عن الناس، صغاراً كانوا أم كباراً. وحتى الكبار الذين تأتى على ذكرهم فى حكايتها، مثل الطبيب وزوجها وجارتها وعيال الجيران، لا وظيفة لهم فى السرد غير أن يتمموا تفاصيل العلاقة العامرة بالمودة بينها وبين كلاب آلت على نفسها أن تحميها من عبث الصغار، وطيش أصحاب السيارات المارقة، والجوع، والسعار، وأى أمراض تصيبها، وهجوم كلاب الشوارع الضخمة الجائعة أو الراغبة فى التسافد، وإلقاء أحد طعاماً مسموماً أمامها للفتك بها، وضيق الجيران من وجود الكلاب بين البنايات وسعيهم إلى التخلص منها بأى طريقة، مما يدفع البطلة فى النهاية إلى البحث عن أى مأوى لكلابها، فتأخذها إلى «ملجأ» مخصص لمختلف أنواع الكلاب، لكنها لا تطمئن إلى وجودها هناك، فينتهى الأمر بها إلى الموافقة على منحها لواحد من أديرة الرهبان، وتقف لتودعها بعد أن حملتها عربة ذاهبة بمؤن إلى الدير، فلا تتمالك نفسها وتنفجر فى بكاء حار.

والرواية على قصرها (71 صفحة من القطع المتوسط) تحتفى بالتفاصيل إلى أبعد حد، ولا تترك أى فراغات للقارئ كى يملأها، ولا تطلق العنان له كى يتخيل ما هو أبعد من هذه المشاهد المتتالية عن علاقة بطلة الرواية بكلابها، لا سيما أن اللغة مقتصدة جداً فى البلاغة، وهى أقرب إلى الحكى الشفاهى الذى يلغى الكثير من المسافات بين من يسمعه ومن ينطق به، سواء ما جاء باللهجة العامية المصرية أو حتى اللغة الفصحى البسيطة.

واعتمدت الكاتبة على حكايتها الأثيرة لتحملها مسئولية الدفاع عن «الأدبية» أو الجانب الفنى والجمالى فى هذه الرواية، إذ إن ما فيها من غرابة وطرافة هو ما يشفع لها قبل أى شىء آخر، علاوة على النزعة الإنسانية العميقة التى تغمر السطور بلا انقطاع، وتدفع طيلة الوقت دفقات من حنان فى أوصال المقاطع والمشاهد المتوالية التى فضّلت الكاتبة أن تعطى كلاً منها رقماً، فجاء العمل فى تسع وستين دفقة، لتوظف هذا الشكل الذى اختارته فى كسر الرتابة والركود الذى يمكن أن يصيب السرد فى مقتل، لا سيما مع ضيق العالم الذى تطل منه الرواية، والذى كان من الممكن أن يتسع لو حفرت الكاتبة عميقاً فى أحوالها النفسية، وفتحت أفقاً أبعد لآخرين حولها كى يتفاعلوا مع انشغالاتها بثلاثة أجيال من الكلاب تبدو أوْلى بالرعاية لديها من البشر.

 

arabstoday

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 06:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رواية عن أنسنة الكلاب 22 رواية عن أنسنة الكلاب 22



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab