قصص «النهر الراجف» 12

قصص «النهر الراجف» (1-2)

قصص «النهر الراجف» (1-2)

 العرب اليوم -

قصص «النهر الراجف» 12

عمار علي حسن

ليس من قبيل المبالغة أو التجاوز والتجنى أن نجد جسراً واصلاً بين انشغالات الكاتبة عزة كامل واهتماماتها كحقوقية ذات خبرة ميدانية ورؤية نظرية، لا سيما حول قضايا المرأة والتهميش الاجتماعى، وبين ما أبدعته من قصص صاخبة فى لغتها ومضمونها وأشكالها المختلفة ضمتها مجموعتها «النهر الراجف»، وهو صخب يأتى العنوان معبراً عنه إلى حد بعيد، فهو «نهر» متدفق من القصص المتنوعة، وهو «راجف» بحركة دائبة عبر جمل قصيرة متتابعة تجذب القارئ ليلهث وراءها، وهى تنتقل من موقف إلى آخر، ومن صورة إلى أخرى، ومن نقطة قوة إلى موضع ضعف فى سردها المتتابع.

فى هذه المجموعة، نجد نساء فضليات ومتسامحات وعاطفيات ومضحيات ونجيبات وجديرات بالاحترام وفى المقابل هناك رجال متوحشون وأوغاد وقتلة وجبناء ومنسحبون وخونة، ولا توجد لحظات يتساوى فيها الطرفان إلا تلك اللحظات الحميمة التى يلتحم فيها جسدا الذكر والأنثى، وكأن الراوى أراد طيلة الوقت أن ينبهنا إلى أن الاحتياجات العاطفية العذرية والرغبات الجنسية سواء، وهى دليل قوى على أن الفطرة وطبيعة الخلق لا تفرق بين الجنسين، لكن ما يُكتسب من الأفكار والممارسات الاجتماعية هو الذى يخلق هذا التمييز، وهى مسألة يبدو أنها لم تكن بعيدة عن ذهن كاتبة تحمل درجة الدكتوراه فى فلسفة التربية.

لكن ما يفسد هذا التصور هو أن تلك اللحظات الحميمة لم تخل فى بعض القصص من نوائب، فواحدة قتلت قاطع طريق، خدعها بأنه شاب صالح، أثناء لقاء حميم، ورجل ريفى مهيب انتهت علاقته المحرمة بزوجة أخيه بكارثة له ولها، بل إن هناك من رأى أن الحالة الرومانسية العذبة تفسدها شهوة الجسد أحياناً. وكأن هذا التناقض بين الجنسين يمر عبر جملة وردت على لسان بطل قصة «يا لكم من أغبياء»، الذى قال واصفاً علاقته مع زوجته: «كنا نعيش فى عالمين متنافرين».

والكاتبة كانت معنية طيلة الوقت بمقاومة الأفكار الخاطئة عن المرأة الراكدة فى جنبات المجتمع والمعششة فى أذهان بعض الرجال، كما انشغلت بتبديد الكثير من الأوهام التى خلقتها الطائفية والطبقية، ما يعنى أنها تكتب بتدبير، وتتوسل بالفن فى النزوع إلى القيم التى تؤمن بها مثل الحرية والتسامح وقبول الآخر، أو تحاول من خلال السرد أن تفهم العالم الذى تعيش فيه حتى تمهد الطريق لتغييره.

وفى المجموعة برهان قوى على الخبرة المتنوعة للكاتبة وعلى ثراء عالمها الموزع بين الريف والمدينة على مستوى المكان الذى يشمل أيضاً المسجد والكنيسة والحقل والبحيرة والبحر والبار، وبين مسلمين ومسيحيين على مستوى الدين، وبين فقراء ومتوسطى الحال وأثرياء على المستوى الطبقى، أما على مستوى المهن، فهناك فلاحون وصيادون وطلبة وموظفون وفنانون، وهناك تصورات ومقولات الطبقة الأرستقراطية ومفردات عالمها المخملى، بمن فيهم من أناخ عليهم الدهر، وتوجد مضامين الموروث الشعبى بخرافاته وأساطيره وحكمه وأمثاله، وتوجد حالات صوفية ظاهرة مثل تلك التى تقول فيها الرواية: «إن الوصول إلى مقام العشق هو عذاب أبدى، يجعلك تصير مقتولاً»، وهناك وجود للحيوانات والطيور بكثافة إلى جانب البشر بتنوعاتهم، ولهم وظائف وأدوار داخل النص.

arabstoday

GMT 09:58 2025 الخميس ,06 شباط / فبراير

قربى البوادي

GMT 09:55 2025 الخميس ,06 شباط / فبراير

الترمبية... المخاطر والفرص

GMT 09:48 2025 الخميس ,06 شباط / فبراير

عهد الفرصة السانحة يحتاج إلى حكومة صدمة!

GMT 09:45 2025 الخميس ,06 شباط / فبراير

السودان... حرب ضد المواطن

GMT 09:43 2025 الخميس ,06 شباط / فبراير

ثقة اللبنانيين ضمانة قيام الدولة المرتجاة!

GMT 09:41 2025 الخميس ,06 شباط / فبراير

البحث عن الهرم المفقود في سقارة

GMT 09:40 2025 الخميس ,06 شباط / فبراير

استراتيجية «ترمب ــ ماسك»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصص «النهر الراجف» 12 قصص «النهر الراجف» 12



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:29 2025 الخميس ,06 شباط / فبراير

محمد رمضان يحيّر جمهوره حول مشاركته في رمضان
 العرب اليوم - محمد رمضان يحيّر جمهوره حول مشاركته في رمضان

GMT 02:54 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

انتشال جثث 39 شهيدًا من غزة بعد أشهر من الحرب

GMT 03:50 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الاتحاد الأوروبي يحاول تجنب حرب تجارية مع أميركا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab