«كتاب الأمان» 22

«كتاب الأمان» (2-2)

«كتاب الأمان» (2-2)

 العرب اليوم -

«كتاب الأمان» 22

عمار علي حسن

ويطلق ياسر عبدالحافظ، فى روايته «كتاب الأمان»، العنان للتجريب من خلال تفاوت مستويات السرد وتبادل الأدوار مع الراوى، وكأننا أمام مؤلفَين للنص، أحدهما مستتر والآخر ظاهر، إلى جانب الضن بالاستمرار فى إضاءة كل جوانب بعض المواقف والوقائع.
بطل الرواية هو خالد مأمون الملازم لـ«قصر الاعترافات» الذى يأتى إليه المعترفون تباعاً، ليحكوا أمامه ويدوّن هو ما يتفوهون به، لكنه لا يقف منه محايداً، إنما يتفاعل معه ويذوب فيه، فيقرر هو الآخر أن يعترف، وأن يروى للعالم ما يدور داخل هذا القصر الغامض. والشخصية المثيرة للجدل فى الرواية هى اللص، الذى يقود عصابة مكونة من عشر مجموعات عنقودية، والذى يفلت بسرقات عديدة لكنه لم يلبث أن يسقط فى يد الأمن حين يسطو على بيت قائد حرس رئيس الجمهورية، ويظهر التحقيق معه أنه كان يسرق الأغنياء لصالح الفقراء، كما كان يفعل «روبن هود» أو شعراء العرب الصعاليك؛ لذا كان يطلب من أفراد العصابة ألا يتصرفوا بصلف وخشونة وإكراه وتبجح مع أصحاب البيوت التى يسرقونها إن وجدوهم فى طريقهم.
ويمنحنا خالد مأمون فرصة لنتعرف على شخصية هذا اللص المختلف حين يقول: «ومثلما هم الأبطال الأسطوريون فإن شيئاً فى وجهه يترك الانطباع بحزن غائر. أدركت ساعتها أن الوصف الذى يرد فى الملاحم البشرية عن سمات البطل لم يكن تكاسلاً من مدونيها كما ظننت، إنما الوجوه تُنحت على حسب الدور المقرر لها لعبه». وهناك شخصية سوسن الكاشف المولعة بالحياة الخالية من كل قيد؛ لذا تتمرد على زوجها وتقاليد وقيم المجتمع، وتسقط بعدها فى الخطيئة كى تبرهن على أنها حرة، فينعتها الزوج بأنها وقعت تحت سطوة شيطان سرق روحها وإنسانيتها. وفى المقابل توجد «حسناء»، ابنة مصطفى إسماعيل، التى تسعى إلى إعادة صياغة «كتاب الأمان»، بحيث يتضمن ما خفى من حكايات عن أبيها اللص.
مقابل هذه الشخصيات المرتبطة بحياة «القصر» فى حى مصر الجديدة، الذى تقطنه بعض شرائح الطبقة الثرية، هناك شخصيات مرتبطة بحى شبرا الشعبى الذى يقطنه الفقراء ومساتير الناس، يحرص الكاتب على أن تأتى حياتها موافقة للسياق الاجتماعى المحيط بها؛ فها هو لطفى زاده الذى بدأ حياته عاشقاً لحفظ الشعر وحاول كتابته وينتهى قعيداً، ويوجد «فخرى» الذى نال شرف لعب الشطرنج مع الملك فاروق وتعادل معه، فتصدرت صورته الصحف، قبل يوم واحد من اندلاع ثورة يوليو 1952، ليلازمه سوء الحظ، كما يلازم كل الذين حوله ممن تنحصر حياتهم بين الذهاب إلى السينما لمشاهدة الأفلام الهندية والجلوس على المقهى لترويض الفراغ والألم.
وبذا، سنجد الأمان قد تحوّل بهذا النص إلى خوف وقلق وحسرات دائمة لا يفلح خيال الروائى فى التخفيف من حدتها، ولا يتمكن هو من خلال إقحام نفسه فى النص مكملاً وشارحاً وسائلاً فى فتح أى نافذة للأمل، ولا تفعل ذلك حتى الأفلام الهندية الحالمة والمشبعة بالأساطير المبهجة، فليس بوسع هذا جميعاً تبديد عبارة قاسية جاءت على لسان «فخرى»، تقول: «المرأة مثل شعوبنا، تعشق الديكتاتور».

 

arabstoday

GMT 01:51 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

اكتساح حلب قَلبَ الطَّاولة

GMT 01:47 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

جاءوا من حلب

GMT 01:43 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

نكتة سمجة اسمها السيادة اللبنانية

GMT 01:41 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

هو ظل بيوت في غزة يا أبا زهري؟!

GMT 01:31 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

... عن الانتصار والهزيمة والخوف من الانقراض!

GMT 01:27 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 01:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 01:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بعيداً عن الأوهام... لبنان أمام استحقاق البقاء

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«كتاب الأمان» 22 «كتاب الأمان» 22



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 15:37 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - الأسد يؤكد قدرة سوريا على دحر الإرهابيين رغم شدة الهجمات

GMT 06:22 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الخروج إلى البراح!

GMT 13:18 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتفاق.. ونصر حزب الله!

GMT 16:01 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف فوري لانتهاكات الهدنة في لبنان

GMT 06:56 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حلب... ليالي الشتاء الحزينة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab