مشكلة العنوسة 1  2

مشكلة العنوسة (1 - 2)

مشكلة العنوسة (1 - 2)

 العرب اليوم -

مشكلة العنوسة 1  2

عمار علي حسن

العنوسة مرض اجتماعى عضال، أسبابه متعددة وآثاره مدمرة وطرق علاجه تتوزع على نظريات وفلسفات ورؤى وأحوال يتجاذبها الناس فى الشرق والغرب من دون علاج شافٍ، أو حل حاسم، حتى هذه اللحظة، ليس فقط لأن بعض هذه التصورات يعوزه الاكتمال والنجاعة، لكن أيضاً لأن إرادة التطبيق غير متوافرة فى كل الأوقات، وأحياناً يعرف الناس المسارات التى يمكن أن تساعدهم فى التخلص من هذه المشكلة، أو تخفيفها، لكنهم يروغون منها، ويماطلون فى اتباعها. وقد استفحلت العنوسة فى بلادنا إلى درجة لم يعد معها الصمت ممكناً، فحين تشير الإحصائيات إلى أن عدد العانسات فى مصر قد بلغ تسعة ملايين فتاة، نكون بصدد مشكلة حادة، ولا حاجة إلى برهان على ذلك، إذ لا يكاد يخلو بيت من عانسة، أو فتاة فى طريقها إلى الوقوف فى طابور العوانس الطويل، أو مخاوف على بنات صغيرات من أن تنضم يوماً إليه.

وحين نقلب صفحات الدراسات التى تعرضت لفحص هذه الظاهرة الاجتماعية حتى قتلتها بحثاً نجد أن أغلبها، إن لم يكن جميعها، يركز على دور العوامل الاقتصادية فى صناعة المشكلة، حيث يعزوها إلى الفقر وضيق ذات اليد الذى يجعل الشباب يعزف عن الزواج، ويهرب من مسئولياته الجسيمة، لا سيما مع ارتفاع متطلبات الحياة وتعقدها بدرجة صارت فيها كماليات كنا نحسبها منذ سنوات ترفاً زائداً ضروريات لا استغناء عنها. وفى ركاب هذا ارتفعت المهور وبهظت وانتشرت عدوى هذا الاتجاه فأصابت أغلب الأسر، وتوارى معها أى تطبيق للحديث النبوى الشريف الذى يقول: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إن لم تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير»، فالبعض يردده، كأنه مجرد كلام يقال، فإن طالبته بتطبيقه تشعر وكأن ما قاله النبى الكريم لا يخصه، وتجد بوناً شاسعاً بين ما يفعله وبين ما يفرضه دين جعل «النطفة الحلال فى فرج الزوجة صدقة» وحرّم كل ما يجور على فطرة الإنسان وحاجاته الإنسانية الطبيعية، وعمل فى الوقت نفسه على تهذيبها وتوجيهها فى طريق الحلال.

لكن، هل العامل الاقتصادى هو المسئول وحده عن العنوسة؟ والإجابة التى تأتى للوهلة الأولى هى: لا. ففى المنشأ لا توجد مشكلة لها سبب واحد أو رافد وحيد يوجدها ويغذيها ويخدم استمرارها، فالمشكلات الإنسانية جميعاً لها أكثر من جانب، وتفسيرها يعتمد على تفكيك أكثر من عامل، لأنها تتسم بالتعقيد الذى يؤدى إلى تخالط الجوانب الاقتصادية مع الاجتماعية والسياسية والنفسية والثقافية.. إلخ. وهذه السمة تنطبق على «العنوسة» لأن البعد الاقتصادى إن كان سبباً مباشراً لها، فإن هناك أسباباً كامنة أو متوارية أو غير مباشرة تؤدى إليها، وتشكلها وتؤثر فيها وهى تنمو وتستفحل، وتصل إلى حد بالغ الخطورة.

إن هذه الظاهرة لا يمكن أن نفصلها عما يدور فى مجتمعنا من قيم ثقافية وافدة أو متوارثة، غيرت النظرة العامة إلى الزواج، ونقلته من أساسه العظيم الذى يقوم على «المودة والسكن»، وأزاحته ليصبح فى نظر كثيرين وكأنه «شر لا بد منه»، وبدأ الناس يتناقلون خبرات متوارثة تنظر إلى الزواج باعتباره «مقبرة الحب»، وينسى هؤلاء أن البشرية جربت فى مشوارها الطويل ممارسات أخرى حاولت فيها أن تتمرد على الزواج بطريقته المعهودة، لكنها فشلت فشلاً ذريعاً.
(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى)

arabstoday

GMT 08:09 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

وحدة الساحات

GMT 08:08 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

لبنان... نتنياهو أخطر من شارون

GMT 08:05 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

الأردن و«الإخوان»... «حكي القرايا وحكي السرايا»

GMT 07:59 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

أوسلو... من الازدهار إلى الانهيار

GMT 07:57 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إيران ــ أميركا ــ أوروبا وإدارة الصراع

GMT 07:55 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

«الكلمة نور وبعض الكلمات قبور»

GMT 07:53 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

رؤية عربية للمتغير الرئاسي الأميركي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشكلة العنوسة 1  2 مشكلة العنوسة 1  2



ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:43 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالة مختلفة تضج جمالاً
 العرب اليوم - نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالة مختلفة تضج جمالاً

GMT 00:23 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

طرق متميزة ومُساعدة في تنظيف غرفة النوم وتنظيمها
 العرب اليوم - طرق متميزة ومُساعدة في تنظيف غرفة النوم وتنظيمها

GMT 19:41 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

إطلاق نار بمحيط إقامة دونالد ترامب

GMT 02:19 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

حالة طوارئ في جنوب ليبيا بسبب السيول

GMT 17:46 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

إصابة شرطي إسرائيلي في عملية طعن في القدس

GMT 04:25 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

سماع صوت انفجار بمحيط مخيم العين غربي مدينة نابلس

GMT 17:24 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

قصف إسرائيلي عنيف على بلدة عيتا الشعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab