من رواية «السلفى» 1  2

من رواية «السلفى» (1 - 2)

من رواية «السلفى» (1 - 2)

 العرب اليوم -

من رواية «السلفى» 1  2

عمار علي حسن

أقدم لقارئ «الوطن» مقتطفات من روايتى «السلفى» التى صدرت قبل أيام، آثرت أن تكون العتبات الإحدى والعشرين لأنها تمثل مفاتيح الرواية وشخصياتها الرئيسية، فها هى:
العتبة الأولى: أنا، وصهريج بيتى، الذى سيهدمه الطامعون، دار معلق فى وجه الريح له عتبة غير العتبات، وهذه فقط التى أكشفها لك، لأنها جلية كشمس نهار الصيف، منها البداية، ولا رجوع إليها، وبعدها حيرة مقيمة.
العتبة الثانية: الرجل الذى لا صلى ولا صام، لكنه صمت وهام، إلى أن جاءه اليقين، فركع وجاع، لتسمو روحه وتنخطف على بعد خطوات من السفر الأخير، بعد أن كان يجرى من تحت قدميه ماء، ويمد بيده ماء إلى العابرين وهو يبتسم تائهاً.
العتبة الثالثة: امرأة كالنسيم، اسم على مسمى، صبوحة عفيفة، تقترن فى غفلة من الزمن بالفاجر الجبار، وتعاند الألم، وترعى الظل، وتتركه ليرطب رءوس العابرين فى لفح الهجير.
العتبة الرابعة: راعى الغنم الذى يطوق الحكمة بذراعيه حتى لا يخطفها السفهاء، يعيش حتى ينحنى ويدفن رأسه فى قدميه، ويجحده من كان يطيعه، ويعطيه ظهره متجهماً، لكنه يقابل هذا بابتسامة تقطر بمحبة دائمة، لتغسل أوجاع المشيب.
العتبة الخامسة: الصخرة العنيدة كبغل هرِم، والمسنونة كإبر صدئة، تصير رملاً ناعماً فى لحظة خاطفة، تستريح للمسه الأقدام المجهدة من طول الترحال. والوجيه المغرور يتواضع، ويلملم العبوس الذى أقام على وجهه سنين، ليفرش البسمات، ويتبدل شره المستطير خيراً عميماً.
العتبة السادسة: حاملة الأفراح والأتراح النائمة فوق سطور تعانق الأبيض الفارغ، تعبر سريعاً، فى غفلة من الزمن، قنطرة هشة بين الصبا والكهولة، لتمضى حياتها قاسية فوق أرض بور، منتظرة العابر الذى خطف عذريتها فى لحظة وهرب بعيداً، ولم يرسل لها سوى جمرات من عظمه المتفحم راحت تتساقط، بلا رحمة، على وجهها الذى قددته الأيام العصيبة.
العتبة السابعة: الأسود الرائع المنبوذ، الذى يميط الأذى من طريق أناس يوجعونه بهجرهم، تتحقق له الهيبة بفضل ورعه وأخلاقه، ومن أجل هذا يرمى كثيرون أحجاراً فى بحيرة آسنة، فتهتز، ويتبعثر العفن تباعاً، ليأكله صهد الشمس، وموجات الريح، ويتدفق الماء النمير.
العتبة الثامنة: الحائر بين نصف اسمه، وكل رسمه، يرق كالنسيم ثم يهيج كالعاصفة، وينقل قدميه بين أرقام مبعثرة، ويجلس ليملمها فى حضنه متوهماً أنه يمتلك كل شىء، لكن يولد من يصلبه من يعلمه أن العلم لا يجافى الجمال.
العتبة التاسعة: جنوبى صغير، تحط الصحراء على رأسه، وتتناثر فوقها أحراش عفنة، تتساقط يابسة بمرور الأيام على كتفين عريضين، يرتفعان ويملآن جلباباً فضفاضاً، يهفهف بين وردة وعود ريحان، بعد أن تنغرس القدمان فى الأرض الجديدة، وتنبت الجذور المقطوعة.
العتبة العاشرة: المسكين الذى يتغرب سابحاً فى بحار الرمل والحصى، ويدع أزهاره جائعة، تجف وهى ملقاة إلى جانب جدران سوداء محنية، والبطون التى تئن فارغة لا تجد سوى العبد الصالح ليملأها، فينفتح طريقاً وسيعاً لم يجد به الخيرون، فيذهب الجوع، وتكبر الأجسام، وتملأ عيون من كانوا لا يرونها أبداً.
العتبة الحادية عشرة: فاتنة طيبة، ذات قلب موصول بالسماء، وحظ مطمور فى سابع أرض. تحبس عشقها الغض، لكنه لا ينام، ولا يشيخ، فتهدهده وتروض أحلامها الجامحة، لتمضى حياتها رتيبة. حين تشرق يسيل لعاب كثيرين فتجبرهم على أن يلملموا رذاذ رغباتهم المتوحشة ويتحسروا، غير عارفين بأن وجدانها لا يحمل إلا صورة شخص واحد، ولا يردد إلا صوتاً واحداً، يقول بلا انقطاع: الله محبة.
العتبة الثانية عشرة: جسد يفور، وعقل يغور، لصبى نزق، يعطى ظهره لعجوز ورث عنه عينيه الشرهتين، وأنانيته المفرطة، وبطنه الذى لا يشبع. فى يوم يمضى إلى رحلتين، واحدة قصيرة الزمن والمسافة إلى رغيف ناشف، وثانية إلى لقمة طرية، مغموسة فى الدم واللهيب، تأخذه هذه إلى النهاية المحتومة، ويفتح وراءه نوافذ الأسئلة الصعبة.

arabstoday

GMT 07:04 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 06:59 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 06:56 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 06:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هذه الأقدام تقول الكثير من الأشياء

GMT 06:51 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 06:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 06:46 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

GMT 06:44 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هيثم المالح وإليسا... بلا حدود!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من رواية «السلفى» 1  2 من رواية «السلفى» 1  2



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:16 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ميمي جمال تكشف سبب منع ابنتها من التمثيل
 العرب اليوم - ميمي جمال تكشف سبب منع ابنتها من التمثيل

GMT 06:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الحكومة والأطباء

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 11:18 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

رسميًا توتنهام يمدد عقد قائده سون هيونج مين حتى عام 2026

GMT 13:28 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

5 قتلى جراء عاصفة ثلجية بالولايات المتحدة

GMT 19:53 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

أوكرانيا تعلن إسقاط معظم الطائرات الروسية في "هجوم الليل"

GMT 10:05 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

شركات الطيران الأجنبية ترفض العودة إلى أجواء إسرائيل

GMT 19:00 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

أوكرانيا تؤكد إطلاق عمليات هجومية جديدة في كورسك الروسية

GMT 10:12 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

انخفاض مبيعات هيونداي موتور السنوية بنسبة 8ر1% في عام 2024

GMT 11:11 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

إقلاع أول طائرة من مطار دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab