تقدير الموقف

تقدير الموقف

تقدير الموقف

 العرب اليوم -

تقدير الموقف

بقلم : عمار علي حسن

هو عملية مركبة تقوم على جمع وتحليل وربط بيانات تم جمعها بعناية، ووفق طريقة علمية، لتتشكل فى صياغات متعددة الأبعاد تسهم فى إمدادنا بالقدرة على اتخاذ القرار السليم حيال القضية أو المشكلة أو الموقف الذى نحن بصدده.

وهذه العملية تحتاج إلى خيال علمى، رغم الخطوات العلمية الصارمة التى تمر بها، والتى تحتاج فى بعض الأحيان إلى تحليل كمى. ولذا إن كان لدى مقدرى الموقف تفكيراً إبداعياً، وحدساً سليماً، وبصيرة نيِّرة، فإن النتائج التى يتوصلون إليها تكون بالقطع أفضل بكثير مما لو كانوا يفتقرون إلى هذه الملكات العقلية والوجدانية.

وقد نبت مفهوم «تقدير الموقف»، الذى تتداخل فيه عدة أنساق، فى العلوم العسكرية، وامتد منها إلى مختلف مجالات الحياة، السياسية والاجتماعية والأمنية والنفسية والثقافية، وبذا فهو عملية مهمة يحتاج إليها الساسة ورجال الإدارة والمال والمحاربون ورجال المخابرات والإعلاميون والقائمون بالتعبئة للمقاتلين أو للجمهور فى أوقات الانتخابات والاحتجاجات، بل يحتاجها كل إنسان لديه دراية بأهمية تخطيط مسار حياته.

وصار «تقدير الموقف» نهجاً معتمداً كنقطة انطلاق إلى مستوى ممتد من التفكير والتدبير يبدأ بكتابة دراسات ومقالات تنطوى على ألوان من التنبؤ بالمستقبل وينتهى عند إطلاق تصريحات فى اتجاه عموم الناس أو الجمهور، مروراً بامتلاك القدرة على التحاور والتخاطب الفعال.

وهناك عدة شروط يجب توافرها لتكون عملية «تقدير الموقف» سليمة، ونتائجها مضمونة إلى حد بعيد، وهذه الشروط هى:

1- جمع المعلومات الكافية: فلا يمكن تقدير الموقف من دون الإلمام بجميع المعلومات المرتبطة بالقضية أو المشكلة التى يُنظر فيها. والمعلومات تكون مكتبية، تجود بها الكتب، وميدانية تجمع من أفواه الجمهور المرتبط بالقضية التى ندرسها ونستشرفها. ويجب أن يبذل أقصى جهد ممكن فى سبيل استكمال المعلومات، وألا يتم التعجل فى هذا الإجراء، فالمعلومات الناقصة نقيصة، ولن يكون بمقدورها أن توجد الحالة الملائمة لاتخاذ القرار الصائب.

2- العقلانية: وتعنى هنا اتباع المنهج العلمى فى التفكير ابتداء، ثم تحديد التصورات بما يتناسب مع الإمكانات المتوافرة لدى مقدرى الموقف، وما يتماشى مع الواقع، الذى يجب أن يؤخذ فى الاعتبار أنه فى حال من التغير المستمر، وأن ما نقدره الآن قد يطرأ عليه تغير غداً.

3- الاستمرار: فتغير الواقع يفرض ضرورة الاستمرار فى تقدير الموقف، وبذا لا تصلح التقديرات القديمة فى فهم وضع جديد، إنما لا بد من أن تلاحق التقديرات التى نعدها الأوضاع التى تتبدل بلا هوادة. ولذا فإن القائمين على هذه العملية يضعون فى مخططهم دوماً خانات فارغة يخطون فيها كل مستجد، ويعيدون التقييم بناء عليه.

4- التمسك بالرشد: وهذه قيمة مهمة فى تقدير الموقف، فالخطأ والنزق والتسرع والعشوائية ستقود إلى مسار آخر بعيداً عما نصبو إليه، أو نستهدفه، وبالتالى لن نتمكن من وضع أيدينا على حلول ناجعة للمشكلات التى تعترض طريقنا.

5- الإلمام بالبيئة المحيطة: فعملية تقدير الموقف لا يجب أن تتم بمعزل عما يجرى فى المجتمع من وقائع وأحداث يقوم بها الأفراد فى تفاعلاتهم مع التنظيمات والمؤسسات والأفكار السائدة، والمصالح والمنافع المادية، وكذلك ما يتعلق بالهيبة والكرامة وتقدير الذات.

6- المرونة، فهى ليست عملية جامدة، تتم وفق تصورات ثابتة، بل يمكن لكل فرد أو مؤسسة تقوم بها أن تدخل عليها التعديلات التى تعن لها، طالما أنها تخدم الهدف، وتتسم بالانضباط العلمى. ولهذا تختلف المقالات والدراسات التى تقدر المواقف من حالة إلى أخرى، ومن فريق عمل إلى آخر.

وكل هذه الخطوات على تكاملها تعد ناقصة إن تمت عملية تقدير الموقف بشكل ميكانيكى، متكئة على تحليل الأرقام، على جفافها وجفائها، أو استعراض المعلومات الغزيرة التى تم جمعها من مصادر شتى، متناسية أو مهملة، عن جهل أو غفلة، ضرورة إعطاء مكان للخيال كى ينطلق، وللتفكير الإبداعى أن يمارس دوره فى استنطاق البيانات بشكل أفضل، ومنحها طاقة خلاقة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تقدير الموقف تقدير الموقف



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 العرب اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
 العرب اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab