حكايات عن نساء مهمشات

حكايات عن نساء مهمشات

حكايات عن نساء مهمشات

 العرب اليوم -

حكايات عن نساء مهمشات

بقلم:عمار علي حسن

لا تفلح المقاييس الغربية لـ«تمكين المرأة» في كل المواقف والمواضع والظروف فى تبيان حال المرأة المصرية، فبعضها مفيد إن أردنا للمرأة المصرية، اتكاء على الدور الاجتماعى المهم الذى تمارسه، أن تتمكن وتتقدم، غير لاهية عن مهمتها، وغير ناسية لما تحت قدميها من مسار حقيقي، عليها أن تمضى فيه، سواء كانت مُعالة أو تعول أو شريكة فى الإنفاق، فتاة كانت أو زوجة، أماً أو ابنة.

لا أنسى في هذا المقام ثلاث حكايات لرائدات في زماننا اهتممن بقضايا النساء، وعملن، على قدر الجهد، في سبيلها، كل بطريقتها، ووفق الدور المنوط بها فى الحياة. الأولى تنظيراً للراحلة نوال السعداوى، وهي كاتبة، اتفقنا مع آرائها أو اختلفنا، أثرت فى أجيال من المتعلمات أو المثقفات اللاتى كن يبحثن عن تحرر أو انطلاق، وفق رؤية لا تخلو من تمرد.

فقد سمعت «السعداوى» تقول ذات يوم إن النساء الأميات اللاتى التقت بهن مرات فى قريتها «كفر طلحة»، كن أكثر استعداداً لسماع آرائها، والاقتناع بها، إلى حد كبير، من مثيلاتهن بين نساء المدن المتعلمات. وكانت تعزو ذلك إلى أن المرأة البسيطة لم يتلوث عقلها بعد ببعض الأفكار التى تحملها كتب متسلفة أو محافظة، يسند مؤلفوها تصوراتهم، إلى تفسيرات وتأويلات مغلوطة لنصوص دينية، أو روايات قديمة، أو مواقف جرت فى الأزمنة الغابرة، بعضها تتلقاه المتعلمات قراءة، وبعضها سماعاً من مختلف وسائل الإعلام، أو الدروس المباشرة فى المساجد والكنائس.

هنا بدت النسوة غير المتعلمات فى نظرها متحررات من قيود تصنعها أفكار غيرهن، من تلك المشبعة بنزعة ذكورية، أو التي لا ترى المصلحة الآنية قائمة، ثم تأخذها في اعتبارها، وتريد دمج النساء ليس في أفكار معاصرة تنتشلهن من التهميش، وتجعلهن يعملن طوال الوقت لصالحهن، إنما في تصورات لم تعد تناسب المجتمع فى الوقت الراهن، لم يراع من يتبنونها أن مياهاً كثيرة قد جرت في نهر حياتنا، جرفت أمامها الكثير من الآراء التي يظن المتمسكون بها أنها راسية راسخة كالجبال.

والحكاية الثانية سمعتها من الكاتبة أمينة شفيق، التى نشطت زمناً طويلاً مع مؤسسات المجتمع المدني، في زيارات متلاحقة للريف المصرى، قابلت خلالها فلاحات، وبنات متعلمات فى القرى. رأيتها تضحك وهي تقول: إن الطليعيات من نسوة المدينة، يذهبن إلى الريف لتعليم النساء كيف ينتزعن حقوقهن، دون أن يقفن على المتطلبات الأساسية للنساء هناك، ومنها مثلاً مشكلة تتعلق بقضاء المرأة حاجتها.

وروت لي أنها تعجبت من حال النساء اللاتي لم تكن في بيوتهن مراحيض، كيف يتحملن وقتاً طويلاً، حتى يجن الليل، ثم يتسللن إلى الغيطان لإفراغ ما في بطونهن، بينما يتمكن رجالهن من فعل هذا طوال الوقت، وفي وضح النهار. بالطبع فإن هذا الظرف القاسي زال من أكثر القرى والنجوع الآن، لكنه تبقى استعادته دالة بشدة على زمن طويل من انحراف بعض جدول أعمال المنظمات النسائية، وهي تتحدث بإسهاب ونبرة عالية عن تمكين المرأة.

الحكاية الثالثة، كنت شاهداً عليها، وهي للدكتورة هدى بدران، أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان، التى أسست رابطة المرأة العربية ثم رأست اتحاد نساء مصر سنوات. فهذه السيدة المخلصة لدورها، لم تكن تكتفى بتثقيف النساء بما ينفعهن في بناء أسرة مصرية سليمة فقط، بل كانت أيضاً تهتم بالجانب العملى، على قدر استطاعتها.

فقد رأيتها تطلق مشروعات صغيرة للنساء فى شمال سيناء وجنوبها، وهى البقعة الجغرافية التى حظى سكانها باهتمام شديد من «بدران»، لم تزد على التطريز، وتقشير الجمبري وغيرها. رأيت برفقتها بدويات منهمكات فى العمل، ووقفت على إنتاجهن المفيد، الذى يدر عليهن دخلاً يساعدهن في تدبير بعض احتياجات أسرهن.

إن هذه الحكايات الثلاثة على اختلافها، تقول لنا بلا مواربة، إن جوانب ليست بالقليلة من انشغال الحركة النسائية في مصر، تغفل خصوصية مجتمعنا، ليس على مستوى منظومة القيم فحسب، بل الظروف الحياتية أو شروط الواقع القاسي أيضاً، وهو عيب لا بد من اجتنابه فى قابل الأيام، ولا بد أيضاً للمنظمات النسائية أن تنشغل بالأمور العملية ولا تكتفى بالتفكير والتنظير، إن كنا نريد حقاً أن ننهض بأوضاع النساء في مجتمعنا، لاسيما أن مصر باتت اليوم فى حاجة ماسة إلى ذلك، أكثر من أي وقت مضى.

نقلاً عن "الوطن"

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكايات عن نساء مهمشات حكايات عن نساء مهمشات



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 العرب اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab