الإنتاج والإنتاج ثم الإنتاج

الإنتاج والإنتاج ثم الإنتاج

الإنتاج والإنتاج ثم الإنتاج

 العرب اليوم -

الإنتاج والإنتاج ثم الإنتاج

بقلم:عمار علي حسن

نعيش اليوم بؤس إهمال الإنتاج، أو حتى الالتفات إليه ثم إسناد إدارته إلى من ليس أهلاً لذلك. ولو كان هذا المسار قد لقى انشغالاً واهتماماً به أولاً، وقبل أي شىء، لما دخل اقتصادنا هذا النفق الطويل، وبتنا في حاجة إلى بيع أصول الدولة لتسديد أقساط الديون، أو الطاعة شبه التامة لشروط صندوق النقد والبنك الدوليين وإملاءاتهما.

كان من الضرورى أن نمضى على التوازي في المشروعات الإنتاجية، وتلك التي تقيم البنية الأساسية، أو نؤجل جانباً من الثانية إلى أن تنطلق الأولى قوية عفية، ومن وفورتها تُبنى المدن، وتُشق الطرق وتُعبّد، ويُسد الدين المتراكم، ويتوقف الاقتراض نهائياً. أو ننشغل من هذه البنية بما له علاقة مباشرة بالإنتاج، يخدمه في كل وقت، ويفتح أمامه الأفق، أو يضمن له قوة انطلاقه في كل حين.

لا يمكن الاحتجاج بتلك العبارات السهلة التي تجرى على ألسنة المبررين أو المستسلمين، من قبيل أن المصريين قد تعلموا الكسل، أو أنهم ينزعون إلى الاستهلاك دون رويّة، أو أنهم يريدون الكسب دون جهد، والحصاد دون زرع. ففي واقعنا آلاف من الحالات وقصص النجاح البارزة، التي تؤكد أن شعبنا يريد أن يعرق ويفلح وينجح، وآلاف غيرها تقول إن المصرى إن وجد بيئة عمل ملائمة فعل المستحيل، حتى بأقل القليل.

لا يعني هذا بالطبع أن مجتمعنا يخلو من الكسالى، والاتكاليين، والساعين إلى خطف المال بأي طريقة، لكن هؤلاء موجودون في كل المجتمعات، بما فيها هذه التي وصلت في الإنتاج والتصدير إلى مستوى متقدم جداً. كما أن جانباً لا يُستهان به من أسباب وجود هؤلاء لدينا هى الظروف الصعبة، والسياسات التي سقطت من علٍ، فغيرت الكثير من قيم العمل وعلاقاته، وأنماط الاستهلاك، وفي هذا تُلام سلطات متعاقبة، ولا يُلام شعب وجد نفسه موضع تجريب سياسات اقتصادية، لم تُدرس على نحو علمي دقيق.

لكن عدد من تبقوا مخلصين للعمل الحقيقى المنتج، يكفي تماماً. ولو وجد هؤلاء بيئة مناسبة وخطة مدروسة، لدفع عجلة الإنتاج، حسب المجاز المتداول في الأدبيات الاقتصادية، لحققوا انتعاشاً اقتصادياً في زمن قياسي، أو على الأقل أوقفوا التدهور، وفق ما هو متعارف عليه في التاريخ الاقتصادي المصري، أو استعراض النماذج الناجحة، التي حافظت على نفسها سنين طويلة، رغم الظروف الصعبة المعاندة، حيث وجدنا مدناً أو قرى أو مناطق متميزة بإنتاج سلعة معينة، وبلغت حداً في الإتقان إلى درجة أن هناك من يطلبها في الخارج على الدوام.

مع هذا يتم إغفال هذا التاريخ، وهذه النماذج، لنجد الإنتاج في مصر قد بات متوعكاً، لأسباب كثيرة، بعضها متوارث وبعضها مستجد، مثل: الإفراط في الإنفاق على البنية التحتية عبر الاستدانة، وغياب الخطة، وسوء الإدارة، ونقص مستلزمات التشغيل في ظل أزمة توفير الدولار، علاوة على المشكلات الخاصة بالضرائب، والتحجر البيروقراطي، ومنظومة التشريعات والقوانين.

وأدى ضعف إنتاجنا إلى طمع الآخرين في مصر كسوق استهلاكية ضخمة، فرغم تدنى دخول أغلبية السكان قياساً إلى ما هو مطلوب لتحقيق الاكتفاء من الاحتياجات الضرورية، فإن القوة البشرية لمصر، ومهما كان حجم الإنفاق، تجعلها سوقاً رائجة، لمنتجى الغذاء والدواء والكساء والأدوات والأجهزة المنزلية.

إننا في حاجة إلى تشجيع الإنتاج، حتى على المستوى الأدنى، فملايين السواعد التي تمتد لتبنى، بوسعها أن تعوض إخفاق مشروعات كبرى أنفقت عليها مئات المليارات، ولم تجدِ نفعاً. وبوسع الدولة أن تضع الخطة، أو الخطوط العريضة، ثم تترك الحافز الفردى يؤدى دوره الطبيعى في الحياة الاقتصادية. فكل شخص سيقاتل في سبيل إنجاح مشروعه، وجمع هذه المعارك الإيجابية الصغيرة، ستشكل رافعة لمعركة اقتصادية كبرى، يجب أن نخوضها الآن، بلا تردد.

لتبحث مصر الرسمية، عن شىء نتمتع فيه بـ«ميزة نسبية»، وتكرس له التفكير والجهد والمال والتشجيع، فتنتج سلعة يطلبها العالم منا، وهى مهما كانت صغيرة أو بسيطة، فإن انفرادنا أو تميزنا فيها، سيفتح الباب لبلادنا لتصدر، وتسهم في حركة الاقتصاد العالمى كله.

 

arabstoday

GMT 07:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 07:15 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ما بعد وقف إطلاق النار؟

GMT 07:12 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ليس نصراً ولا هزيمة إنما دروس للمستقبل

GMT 06:46 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

العلاقات التركية السورية تاريخ معقد

GMT 06:44 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإنتاج والإنتاج ثم الإنتاج الإنتاج والإنتاج ثم الإنتاج



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
 العرب اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 18:34 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 هجمات على أهداف حيوية في إسرائيل
 العرب اليوم - جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 هجمات على أهداف حيوية في إسرائيل

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة
 العرب اليوم - سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 العرب اليوم - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا

GMT 18:29 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 17:20 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد توجه رسالة مؤثرة إلى لبلبة

GMT 18:45 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس الفرنسي في الرياض

GMT 11:32 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الاحتلال ينسف مبانى بحى الجنينة شرقى رفح الفلسطينية

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 11:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

فقدان ثلاثة متسلقين أثناء صعودهم لأعلى قمة جبل في نيوزيلندا

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 08:11 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات تايلاند إلى 25 قتيلا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab