مزايا توافق الديمقراطية والتنمية 4

مزايا توافق الديمقراطية والتنمية (4)

مزايا توافق الديمقراطية والتنمية (4)

 العرب اليوم -

مزايا توافق الديمقراطية والتنمية 4

بقلم : عمار علي حسن

وإذا كانت تجارب التحول فى دول جنوب شرق آسيا مثل كوريا الجنوبية وتايوان تشير إلى أن التحرر الاقتصادى يسبق الانفتاح السياسى، فإن تجارب دول أوروبا الشرقية بعد انهيار نظمها الشيوعية تبين أن الاثنين يمضيان معاً.

كما أن خبرة العالم الثالث فى تحوله التدريجى نحو الديمقراطية تبرهن على أنه ليست هناك شروط مسبقة لهذا التحول، ومن ثم لا ينهض البحث عن الأسباب التى تقود إلى الديمقراطية، سواء كانت اقتصادية أم اجتماعية وثقافية ونفسية أو ترتبط بعوامل خارجية، ببناء قانون عام للتحول الديمقراطى.

ومن أجل حل هذا الاختلاف ينبغى فك البعض التلازم بين النمو الاقتصادى والديمقراطية. فقد انتهى روبرت دال إلى القول «يبدو أنه لا يوجد ارتباط بين النمو الاقتصادى ونوع الحكم أو النظام فى الدولة» إذ لا توجد حتميات فى هذا الشأن وليس هناك أقدار مسبقة، أو طريق مرسوم سلفاً لتطور طبيعى نحو الديمقراطية فى البلدان التى طالها التحديث أو نزعة إلى الاستبداد فى البلدان التى لم تحقق مستويات تنمية كبيرة.

وفى المقابل فإن كانت الديمقراطيات تعنى توافر مجتمعات منفتحة سياسياً، فإن هذا لا يقود بالضرورة إلى إيجاد اقتصاد مفتوح قائم على حرية التجارة وليس الحمائية أو التخطيط المركزى، ولا يعنى أن الديمقراطيات ذات كفاءة اقتصادية أكثر من النظم غير الديمقراطية، خاصة خلال فترة التحول الاجتماعى الذاتى نحو الديمقراطية.

وإذا كان من الممكن القول بأنه ليست هناك ديمقراطية دون اقتصاد سوق، فتوجد بلدان عديدة ذات اقتصاد سوقى لكنها ليست ديمقراطية. ومن السهولة بمكان دحض المقولات التى تربط النمو الاقتصادى بوجود الديمقراطية من خلال تجارب عملية واضحة جهاراً نهاراً.

فالهند مثلاً، لم يؤدِّ تراجع نموها الاقتصادى إلى تردى وضعها الديمقراطى. وفى المقابل فإن دولة مثل سنغافورة لم يجلب لها انتعاش حالتها الاقتصادية نظام حكم ديمقراطى. والصين رغم أنها حققت خلال الفترة من 1965 حتى 1994 تقدماً فى معدل النمو الاقتصادى فاق ضعف، وأحياناً ثلاثة أمثال، ما حققته الهند فإن الأولى لم تقدم على انفتاح اقتصادى.

وإذا كان ليس هناك ارتباط لا يقبل الدحض بين التنمية والديمقراطية، ولا يمكن القطع بأن الرخاء الاقتصادى يؤدى إلى الانفتاح السياسى أو العكس، فعلى الجانب الآخر نجد أن عدم الاستقرار الاقتصادى لا يقود بالضرورة إلى تغيير سياسى ينزع نحو الديمقراطية.

فمن الممكن أن تقود أزمة اقتصادية طاحنة مجتمعاً إلى حل سياسى ديمقراطى أملاً فى تغيير الأحوال المتردية، لكن الأزمة نفسها من الممكن أن ترتد بنظم ديمقراطية إلى الاستبداد، بدعوى الحيلولة دون تهديد سلامة المجتمع، وقد تجعل أنظمة ديمقراطية تسقط وتحل محلها نظم ديكتاتورية. فالأزمة الاقتصادية تنال من شرعية الحكومات سواء كانت ديمقراطية أم استبدادية، وتؤثر سلباً على الاستقرار السياسى فى أى منهما. وتقدم الخبرة الأوروبية ذاتها مثالاً واضحاً على هذا، فعدم الاستقرار الاقتصادى الذى شهدته أوروبا عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى وحتى وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، وتحديداً فى الفترة من 1919 إلى 1945، هدد الأنظمة الديمقراطية، لأنه وضع صعوبات جمة أمامها فى تحديد الأولويات الاجتماعية والاقتصادية، التى تعد المهمة الرئيسية للحكومات، ومن ثم أثّر سلبياً على شرعيتها.

(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى)

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مزايا توافق الديمقراطية والتنمية 4 مزايا توافق الديمقراطية والتنمية 4



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab