مزايا توافق الديمقراطية والتنمية 5

مزايا توافق الديمقراطية والتنمية (5)

مزايا توافق الديمقراطية والتنمية (5)

 العرب اليوم -

مزايا توافق الديمقراطية والتنمية 5

بقلم : عمار علي حسن

وفى الوقت الراهن نلمس ضآلة تأثير الاختلاف فى إدارة العملية الاقتصادية بين الدول التى تنتج صناعات «هاى تيك»، وهى الولايات المتحدة واليابان والبلدان الأوروبية، على مخرجات أنظمتها السياسية الديمقراطية.

فهذه البلدان احتفظت بنظم ديمقراطية تقوم على إجراءات متشابهة وحزمة من القيم متطابقة، إلى حد كبير، رغم أن النظام الإدارى الأوروبى واليابانى يقوم على إعطاء صلاحيات أكبر للمديرين البيروقراطيين ويميل إلى المساواة النسبية فى توزيع الثروة، بينما يقوم نظام الولايات المتحدة على إعطاء فرص أوسع للممولين وليس للمديرين ويجنح إلى التوزيع غير المتكافئ للثروة.

لكن عدم وجود ارتباط يصل إلى درجة «القانون العلمى» أو يقوم على قاعدة منطقية تؤدى مقدماتها إلى نتائج محددة بين الديمقراطية واقتصاد السوق، أو بين التنمية والديمقراطية، لا ينفى أمرين مهمين تثبتهما الخبرة العملية، الأول هو أن الرأسمالية أثرت تاريخياً فى أنظمة الحكم بما ساهم فى ميلاد الديمقراطية، وأن النظم الديمقراطية تحمل مقومات أكثر من غيرها على تحقيق تنمية اقتصادية حقيقية، وأن التحرر الاقتصادى قد لا يفضى بالضرورة إلى ليبرالية سياسية على المدى القريب، لكنه قد يؤثر فى ذلك المضمار على المدى البعيد، حال حياد العوامل الأخرى، كما سيتم شرحه لاحقاً.

والأمر الثانى هو أن الاقتصاد كبنية وعمليات وإجراءات وعلاقات يؤثر على الديمقراطية من عدة زوايا، الأولى تتعلق بتأثير الإنجاز الاقتصادى فى العملية الانتخابية. فهناك اعتقاد شائع بين الساسة فى العديد من الدول الديمقراطية، إن لم يكن فى جميعها مفاده أن التركيز على الإنجاز الاقتصادى يمثل جواز مرور الحزب الذى يتولى الحكم إلى الجماهير، لأنها تصوت لصالح من يحقق لها درجة أفضل من الرخاء الاقتصادى. والعكس صحيح، فالجماهير تعاقب الحزب الذى يخفق فى هذه المهمة عبر صناديق الانتخابات، ومن ثم تعتمد قدرة أى حزب سياسى على الاستمرار فى السلطة على ما يحققه من رفاه اجتماعى.

والزاوية الثانية ترتبط بكون الاقتصاد يستخدم أداة لتشجيع الديمقراطية أو الحض عليها، إما بطريقة سلبية عن طريق تهديد الدول الديمقراطية الكبرى لنظيرتها غير الديمقراطية بقطع المعونات الاقتصادية أو فرض عقوبات أو تضييق الخناق عليها فى المؤسسات المالية الدولية المانحة للقروض حتى تتخذ خطوات ديمقراطية، أو تعود إلى الديمقراطية إذا حدث ارتداد عليها، وإما إيجابياً عبر زيادة المعونات الاقتصادية والحصول على القروض والمنح.

أما الزاوية الثالثة فتتمثل فى الدور الذى يعوله البعض على العولمة الاقتصادية فى دفع مجتمعات ذات نظم حكم تسلطية أو شمولية إلى الديمقراطية. وقد اختبر باحثون أثر التجارة الدولية على التحالفات السياسية فى بعض الدول، فألفوا أن التغير فى معدل المكسب والخسارة الناجم عن حركة التجارة العالمية يؤثر على مصادر القوة للتحالفات الاجتماعية داخل الدول، وتوجد طبقة وسطى تجارية تكافح لتجذير قيم الديمقراطية، لأن هذا يحقق مصالحها، من خلال توفير مناخ من الاستقرار السياسى الذى يضمن لها مواصلة أعمالها وزيادة حجم أرباحها.

وفى المقابل، تخص الزاوية الرابعة ترسب قيم وإجراءات الديمقراطية داخل البنى الاقتصادية ذاتها، بحيث تكون الديمقراطية هى العنصر الفاعل والاقتصاد هو العنصر القابل أو المتلقى للفعل. وهنا يظهر مفهوم «الديمقراطية الصناعية» التى تعد من إفرازات التوجهات الفوضوية والحركة النقابية والنزعة الاشتراكية، حيث مشاركة العمال فى اتخاذ القرارات الخاصة بشروط العمل، مع بقاء السيطرة الفعلية فى يد صاحب العمل.

وقد استفادت الحركة النقابية بالفعل فى دول عديدة من التوجهات الديمقراطية، حيث توافرت لها وسائل للتعبير الحر عن نفسها، وتمكنت من إجراء الانتخابات الداخلية التى تدفع إلى الأمام عناصر تحقق مصالح العمال، سواء فى مواجهة أرباب العمل أو التصلب أمام أى قرارات تتخذها السلطات، ويرى العمال أنها تؤثر سلباً على مواقعهم ومكتسباتهم. وفى الدول التى تحكمها أنظمة تسلطية أو شمولية وجدت الحركة النقابية نفسها تعانى من آثار غياب الديمقراطية، حيث تدس الحكومة أنفها فى الشأن النقابى لمنع وصول عناصر معارضة أو تدجين النضال النقابى، بما لا يسبب أى إزعاج للسلطة.

arabstoday

GMT 18:57 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

هل تغمد أميركا سيفها الإعلامي؟

GMT 18:56 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

«بلبن».. ومناخ الاستثمار

GMT 18:55 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

مستر «كان»

GMT 14:49 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

خَواء في عقول مغلقة

GMT 14:48 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

مفهوم «الزمن» ومحاولات الإنكار

GMT 14:47 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

وفاة البابا فرنسيس.. خسارة لقضية السلام

GMT 10:49 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

غزة مسئولية من؟

GMT 03:56 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

الدعم والدهس

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مزايا توافق الديمقراطية والتنمية 5 مزايا توافق الديمقراطية والتنمية 5



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 10:18 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

اغتيال فاطمة حسونة منح فيلمها الحياة

GMT 03:01 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

سلاح حزب الله

GMT 03:10 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

القصة الإيرانية

GMT 00:55 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

3 غارات جوية أمريكية تستهدف منطقة نقم شرق صنعاء

GMT 00:51 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

هجوم روسي عنيف على أوديسا الأوكرانية

GMT 08:34 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

قطة تثير ضجة بين الصحفيين في البيت الأبيض

GMT 06:19 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

السعودية وهندسة تبريد المنطقة

GMT 01:13 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

جليد القطب الشمالي يسجل أصغر مساحة منذ 46 عاماً

GMT 01:20 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

شهيدان برصاص الاحتلال في مدينتي غزة وخان يونس

GMT 00:53 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

سماع دوي صافرات الإنذار بمستوطنة إيلي زهاف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab