لعبة «الغنوشى» 2  2

لعبة «الغنوشى» (2 - 2)

لعبة «الغنوشى» (2 - 2)

 العرب اليوم -

لعبة «الغنوشى» 2  2

بقلم : عمار علي حسن

طرحت بالأمس احتمالين للخطوة التى أقدم عليها راشد الغنوشى، زعيم حركة النهضة التونسية، بإبعاد الدعوى عن السياسى، وهما إما أن يكون قراره منفرداً، أو يكون بترتيب مع التنظيم الدولى لجماعة الإخوان، سواء من منطلق التقليد الذى تتبعه الجماعة بترك الفرصة لفروعها فى مختلف البلدان بتكييف أوضاعها وفق ظروفها المحلية، أو أن تكون بداية ستتبعها سلسلة تراجعات تكتيكية من الجماعة الأم فى مصر.

وفى الحالتين يبدو ما أقدم عليه «الغنوشى» تراجعاً وليس مراجعة، فهو لم ينطق بما يصنع قطيعة معرفية وسياسية مع الماضى، إنما تلاعب بالألفاظ، من حديث عن «إسلام سياسى» إلى «مسلمون ديمقراطيون»، وهو هنا لم يأت بجديد، إذ إن ادعاء التنظيمات والجماعات السياسية ذات الإسناد الدينى بأنها ديمقراطية هو ادعاء دائم. وكل ما وعد به «الغنوشى» هو أن يكون هناك من يعملون بالسياسة، وهناك من يعملون بالدعوة الدينية، داخل الحركة نفسها، ومن الناحية التطبيقية لا يوجد أى ضمان بألا تختلط الأدوار.

و«الغنوشى» نفسه، كفرد، سبق أن تراجعاً كثيراً عن الأفكار التى ساقها فى المجال السياسى والفكرى العام منذ تسعينات القرن العشرين وحتى عودته من المنفى إلى تونس عقب الإطاحة بـ«بن على»، إذ ذهبت عنه نزعته الإصلاحية، وبدا وكأن كل ما كتبه ونشره من قبل كان مجرد دعايات لا يؤمن بها، أو محاولات لتسويغ وجوده فى الخارج.

وربما لم يتخل «الغنوشى» عن أفكاره، لكنه استسلم للرؤى المحافظة والمتسلفة لأعضاء حركة النهضة فى الداخل، الذين لم يتطوروا بالقدر الكافى، وفرضوا تصورهم على الجميع على مدار السنوات الخمس الماضية. وعندها لا يوجد أيضاً ما يضمن ألا يفرض هؤلاء رؤيتهم من جديد، وهى رؤية لا ترى أى انفصال بين السياسى والدعوى فى مسار حركة النهضة ومصيرها، ما يعنى أنهم سيتصدون لـ«الغنوشى» ويفرغون إعلانه تباعاً من مضمونه، لينضم إلى ما اعتادته الجماعات الدينية من هوة واسعة بين القول والفعل، وبين الخطاب والممارسة.

يزيد على هذا أن «الغنوشى» لم يتحدث عن فصل الدين عن السلطة السياسية، ولا حتى التمييز الواضح بين المجالين، إنما قام بتوزيع الأدوار داخل جماعته، وهو أمر طالما تتشدق به الدعوة السلفية فى مصر أيضاً، التى تقول طيلة الوقت إنها لا تتدخل فى أعمال حزب النور، الجناح السياسى لها، وإن جهدها منصب على الدعوة، بينما الواقع يكذب هذا طيلة الوقت، هو أمر لا أعتقد أن تدابير وتصرفات «النهضة» ستختلف عنه فى المستقبل، لتبقى خطوة «الغنوشى» مجرد حملة علاقات عامة للداخل التونسى وللخارج أيضاً.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لعبة «الغنوشى» 2  2 لعبة «الغنوشى» 2  2



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab