ألوان من العنف 13

ألوان من العنف (1-3)

ألوان من العنف (1-3)

 العرب اليوم -

ألوان من العنف 13

عمار علي حسن

تعتبر الثورات والانقلابات والإرهاب والحروب الأهلية والحروب الشاملة من أشد الحالات الاجتماعية التى تشهد ممارسة العنف، فالرغبة العارمة فى تغيير جذرى يضمن قيام سلطة وطبقة جديدتين، أو سعى العسكريين للقفز على الحكم، أو عمليات الترويع الدموى المنظم التى تستهدف السلطة والمجتمع أو أحدهما، والاقتتال الذى يدور بين الطوائف والقبائل والأعراق والجماعات السياسية حول النفوذ أو ثأراً للحقوق والكرامة، كلها من الظواهر والحالات التى يضرب العنف الشديد جنباتها وأعطافها بلا هوادة، وأكثر نسبياً من مواقف أخرى أصغر وأقل نطاقاً.

ورغم أن الثورات فعل إيجابى ولا تقصد أن تكون مجرد شكل احتجاجى من قبيل «التمرد»، و«الحرب الأهلية» و«العنف الاجتماعى المفرط» و«إشاعة الفوضى» فإنها لا تخلو فى سعيها إلى إسقاط النظام القائم من أعمال عنف، تتفاوت فى الدرجة والحجم، من حالة ثورية إلى أخرى. ونحن حين نصف ثورة بأنها «سلمية» فإن وصفنا ينصب على الفعل الرئيسى أو القوة الأساسية الدافعة وليس على كل المشهد، لأن النظم الحاكمة تقاوم بضراوة من يريدون إسقاطها وقد تجبرهم على رد فعل عنيف ودموى.

والإرهاب هو فعل عنيف منظم وسرى ومخطط وذو هدف محدد ذو طابع سياسى وجنائى معاً، يرتكبه مجموعة أو حركة أو تنظيم، ويتم فيه استعمال القوة أو التهديد بها وإثارة الخوف والرهبة، وهو وسيلة للقتال العشوائى لا تحدها قيود إنسانية ولا يمكن التنبؤ بها، قد تكون تكتيكاً أو استراتيجية، تتضمن الإكراه والابتزاز والحض على الإذعان، فى ظل دعاية مدبرة. وضحايا الإرهاب قد يكونون أبرياء من المدنيين غير المقاتلين أو المحايدين غير المنخرطين فى عمليات المقاومة.

والحرب الأهلية هى أعمال عنف داخلى طويل الأمد يرمى فيه المتصارعون إلى السيطرة على الجهاز السياسى والقانونى للدولة، ويمكن أن تكون هذه الحرب محاولة للتخلص من الاحتلال، أو سعى جزء من الدولة إلى الانفصال، أو على النقيض من ذلك حين يسعى إقليم منفصل إلى العودة إلى التوحد مع بقية أقاليم الدولة. وعادة نجد فى هذه الحروب أن هناك طرفاً يحكم وطرفاً يتمرد على الحكم، وقد يقف المجتمع مترقباً أو متفرجاً على الطرفين، وقد يبدأ الناس فى الميل إلى هذا الطرف أو ذاك، وحينها ينقسم المجتمع إلى فريقين متناحرين. ويمكن أن تقتصر المشاركة على الدعم السلبى لأى من هذين الفريقين، وقد ينجذب البعض إلى أنشطة سياسية وعسكرية فى أتون هذه الحرب، وينفتح الباب غالباً لأطراف إقليمية ودولية كى تتدخل، إما بتقديم الدعم الدبلوماسى، كأن يسمح للمتمردين بتكوين حكومة فى المنفى مثلاً، أو الدعم الاقتصادى عبر تمويل المتحاربين، أو عسكرى عبر الإمداد بالسلاح أو المقاتلين.

والانقلاب العسكرى هو ضربة مفاجئة وحاسمة ضد السلطة السياسية تؤدى إلى الإطاحة بها، قد يقوم بها ثوريون أو غير ثوريين يسعون إلى القفز على الحكم دون أن تكون لديهم رغبة فى إحداث تغيير سياسى واجتماعى، وقد يعمل الانقلابيون على جلب التغيير للحصول على رضاء الجماهير، بعد أن يتمكنوا من الاستيلاء على مفاتيح القوة داخل الدولة، ويمكن أن يستخدموا عنفاً واسعاً وحاداً لتحقيق هذا، وقد لا يستخدمون العنف لأنهم ينجحون فى إجراء جراحة سياسية نظيفة. وفى الغالب الأعم فإن العسكريين عندما يقومون بانقلاب يستولون على السلطة المدنية، ويظلون فيها مدة طويلة. وفى بعض الأحيان يعودون سريعاً إلى ثكناتهم، لكن بعد أن يتخلصوا من الزعماء السياسيين الذين انقلبوا عليهم. وأحياناً يكون قطاع من الجيش ضد الانقلاب، فيقاوم الانقلابيين، وهنا قد ينفتح الباب واسعاً أمام حرب أهلية.

والحرب الشاملة هى عنف مفرط وقاسٍ وواسع أو صراع مسلح أو موقف اجتماعى يشهد ارتكاب عنف شديد وحاد عبر مواجهة مسلحة، ويتضمن التعبئة القصوى لكافة الموارد التى تمتلكها الدولة، ويفتح باباً لتعرض المدنيين ومؤسسات البلد الاقتصادية لهجمات العدو، وتتدرج الحروب عموماً من الحرب التقليدية الإقليمية أو الدولية إلى الحرب النووية التى باتت أمراً محتملاً بعد امتلاك دول عدة للسلاح النووى. ومصطلح الحرب يعنى فى القانون الدولى، الصراع المسلح بين دولتين أو أكثر، تسعى كل منهما إلى فرض سيطرتها على الأخرى بالانتقاص من سيادتها.

(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى)

 

arabstoday

GMT 09:43 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 09:42 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 09:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

GMT 09:39 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

متى يخرج السيتى من هذا البرميل؟!

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 09:35 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 09:33 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 09:30 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ألوان من العنف 13 ألوان من العنف 13



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab