«الدقن والأفرول»

«الدقن والأفرول»

«الدقن والأفرول»

 العرب اليوم -

«الدقن والأفرول»

عمار علي حسن

قابلت الشاعر الأستاذ عبدالباسط السرسى مصادفة بمعرض القاهرة الدولى للكتاب السنة الفائتة، فى يسراه كتب اشتراها، وفى يمناه طفلته الصغيرة التى تحفظ شعره عن ظهر قلب، وقد وقفت أمامى، وراحت تشدو بقصائده، وأنا منها فى عجب واندهاش. لم يكن صوتها مجرد ترديد وتغريد، بل كانت تشعر بكل حرف يخرج من بين شفتيها، وتنطق بحب وتبتل وامتنان الأبيات التى تتهادى كسنابل القمح. وبناءً على طلبى أرسل لى ديواناً أعطاه عنواناً دالاً: «الدقن والأفرول»، يعزف فيه على وجعنا المتأرجح عبر آلاف السنين بين «المدفع»، و«المعبد»، لأن هناك من يستغل حاجتنا الماسة إلى الحماية والولاية ليجلس فوق رؤوسنا، فيكسر أحلامنا.
وتعبر القصيدة التى أخذت عنوان الديوان عن هذا المعنى حيث تقول: «نزلوا بمواد/ من غير كتاب ولا ملزمة/ والامتحان/ من قبل شرح المسألة/ أول سؤال/ (ما بين قوسين.. غشيت نعم) وقعت وبعيد السنة/ ومن يومها وأنا سارح/ ومستنى أشوف بكره/ لاقيتنى لسه فـ إمبارح/ وبتكدر/ يفوت عامك/ وصوت الثورة قدامك/ ولسه الحلم بتفسر/ وعمالك/ علامة فقر عنوانك/ تعدى الأزمة يتصدر/ وإعلامك/ يبيعنى بقرش إعلانك/ وساعة الجد بيهزر/ ونوابك/ من السلفى لإخوانك/ يفوت الفرض ويكبر/ وقال منى/ وغفلنى/ وسلم دقنه للعسكر/ يعدى الليل ويليل / وقبل النهار ما يقيل/ يرجع بطنه قدامه/ يلم فضيحته فى ميدانه/ جنين مقلوب ومتعسر/ ولو كتبوا الكتاب فى النور/ ساعتها كنت أتنحنح/ وأقول دستور/ وأشوفه وهو بتسطر/ وخوّنى/ وسابنى فى وش قاتلينى/ بترجمنى/ ويزعل لو أزقل طوب/ ويتنكر/ وقفت فى وش خرطوشك/ أسجل شرفى فى كشوفك/ واشوف اليوم على جيوشك/ تعرى شرفى ببيادتك/ وجرت جسدى/ فى زبالتك/ سألنى شهيد/ ماشافش جديد/ يرجعنى/ وقفت وحيد ومتكتف/ ولسه نصى بتأسف/ وتحت الكنبة متخفى/ أقول دستور/ يقول لى فلول/ يخيرنى/ ما بين الدقن والأفرول/ بكاب ماضى/ إن اخترته/ تمر الثورة ع الفاضى/ ونرجع تانى نتعسكر/ وقدامى فريق تانى/ بيسرق منى إسلامى/ شايفنى بفكره علمانى/ وبيكفر/ لكن حصلنى فــــ ميدانى/ ما بين (إخوانه وإخوانى)/ وعدنى بجاز/ وحصة غاز/ وعيش مخبوز/ ونهضة طالعه من حزبه/ بخير محجوز/ وكام مليار فى برنامجه/ وعنده كنوز/ عصرت لمونة/ واخترته/ وسره تحت نضارته/ وفى المطبخ/ ضمير الأمة بيطبخ/ بكدب العضو بلكيمى/ وفجر ونيس/ وإعلانه بيتحصن/ ورا الكواليس يقسمها/ وجاب أنصاره تقتلها/ بنفس الولاد/ نزلوا بمواد/ من غير كتاب ولا ملزمة/ والامتحان من قبل شرح المسألة/ تانى سؤال/ (مابين قوسين)/ ح نعيد نعم/ فرصة ودى آخر سنة/ تلاقى الثورة مش ثورة/ مجرد فكره مش أكتر».
ولا ينشغل «السرسى» بهذا اللون السياسى الحاد والمباشر، الذى صبغ الكثير من قصائد ديوانه، إنما أيضاً يمد شعره ليطوق مسائل جمالية ونفسية واجتماعية، مثل قصيدته «فتحت عينى ع الشقا»، التى يقول مطلعها: «فى بلدنا شبه الطيبة/ ليلة شتا/ الأرض بكر موحلة/ والبنت لاحسة المغرفة/ ومسيره/ بحرايه واطيه ومصطبة/ شبرينها طين الفرن بيسوى العجين/ فيه عرصة حامية مولعة/ من فوقها قبة مسطحة/ فارشة الحصير/ ساعة دفا/ تحت الغطا/ تحصل حاجات متلخبطة/ فبقيت مصير/ فتحت عينى ع الشقا/ مربوطة فحلة مقرفصة/ بنت البهيم».
ومن هذه القصيدة التى تحتفل بالريف لهجة وطقوسا إلى أخرى عن التضحية من أجل الوطن، عنوانها: «قدمت موتى دليل» يأتى مطلعها: «قدمت موتى دليل/ أجيال أنا عشتهم تمثال/ من بعد نور السد لحد آخره ومال / واللى ابتدى بالنصر/ فتح الحياة ع العصر/ ملكوا الغرور اُغتال/ واللى نهشها نهش/ مغسل الأموال/ أجيال أنا عشتهم تمثال/ ما بين أمنك وشعبك/ ودفتر الأحوال/ رسمتِك على وشى تلات ألوان/ وف مرايتى/ بلون وردى/ بتقرى وترمى فى قصايدى/ وتشطبى العنوان/ فات الهرم عطشان/ وشربته ف نيلك/ الآه بتنده آآآآآآآآآآه/ بصرخة فى إميلك/ واللى صرخها معاه/ جمع الولاد وياه/ لفوا حواريكى/ ماشيين وشيلينك/ وصلوا الميدان/ نصبوا البيبان/ بلجان محوطينك/ واقفين ف وش ضالينك».
هكذا تمضى قصائد «السرسى» عفوية عفية متدفقة، تنهل من طين الأرض، ومن إبداع آباء قصيدة العامية، جاهين وحداد والأبنودى ونجم وحجاب، لتصور أفراح الناس فى بلادنا وأتراحهم، وترسم معالم طريق شاعر يمضى واثقاً مما لديه.

 

arabstoday

GMT 07:45 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 07:27 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 07:25 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 07:23 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 07:21 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 07:18 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 07:16 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

حتى يكون ممكناً استعادة الدولة

GMT 07:13 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الدقن والأفرول» «الدقن والأفرول»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab