الشجاعة الخلاقة 1  2

الشجاعة الخلاقة (1 - 2)

الشجاعة الخلاقة (1 - 2)

 العرب اليوم -

الشجاعة الخلاقة 1  2

عمار علي حسن

بعد محاورة طويلة حول معنى الشجاعة أشاح «ؤ» بيده وقال لأصحابه: «لقد فشلنا فى أن نكتشف ماهية الشجاعة». ولم يكن مرد هذا اليأس إلى كسل عقلى أو سؤال من ليسوا من أهل الاختصاص، بل كان منبعه تعقد معنى الشجاعة إلى الدرجة التى تجعل فهمها مرتبطاً بفهم الوجود نفسه.

لكن البشر لم يهملوا فى تاريخهم الطويل البحث عن معنى للشجاعة، حتى لو كان غير جامع ولا مانع. وفى المعنى العام المتواتر استخدامه فى قواميس العرب تعنى الشجاعة الجرأة والإقدام التى تقوم على شدة القلب فى البأس، والصبر والثبات على جلب الأمور النافعة ودفع الأمور الضارة، واستطاعة التغلب على رهبة المواقف. ويرى الفقيه العظيم ابن حزم الأندلسى أنها بذل النفس للذود عن الدين أو الحريم أو عن الجار المضطهد أو المستجير المظلوم، وعمن هضم ظلماً فى المال والعرض، وسائر سبل الحق سواء قلَّ من يعارض أو كثر. أما عالم اللغويات عبدالقاهر الجرجانى فينظر إليها باعتبارها هيئة حاصلة للقوة الغضبية بين التهور والجبن بها يقدم على أمور ينبغى أن يقدم عليها. ويعتبرها «الجاحظ» الإقدام على المكاره والمهالك عند الحاجة إلى ذلك، وثبات الجأش عند المخاوف مع الاستهانة بالموت.

ويعتقد الفيلسوف عبدالغفار مكاوى أن هناك نوعين من الشجاعة؛ سياسية وصوفية، الأولى تقاوم ما يعترضها من صعاب فى سبيل تحقيق العدل، والثانية تسير بالنفس فى ليل العالم وتخترق بها ظلام المادة والحواس. ومع أنهما مختلفتان فإنهما تنهلان من نبع واحد، يتمثل فى التخلى عن الذات أو العالم والاستعداد للتضحية بالنفس فى سبيل قيمة أسمى، وكلتاهما تحارب الشر فى العالم، ويحدوها الأمل فى النصر، حتى لو تطلب الأمر التضحية بالنفس. وهنا نرى أن الشجاعة تتعلق بإدراك الموت، ولذا لا يمكن للحيوان أو الملاك أن يتصف بالشجاعة. فالشجاع هو الذى يواجه الموت فى كل وقت، ويستعد أن يلاقيه فى أى مكان، ولذا فإن الاستشهاد هو غاية الشجاعة، والدم تاجها، سواء كان فى سبيل العقيدة الدينية أو فى سبيل الوطن والمبدأ أو تحقيق رسالة فى الحياة.

واعتبر «أفلاطون» أن الشجاعة هى الجهد الذى يقع بين العقل والحس، ويجعل المرء يسعى سعياً غير إرادى إلى كل ما هو عظيم ونبيل. ووافقه «أرسطو» فى حصر الشجاعة فى طبقة المقاتلين، ليكون الشجاع فى نظره هو من يقدم على الفعل من أجل ما هو نبيل. ويعرّف الأديب الأمريكى الكبير أرنست هيمنجواى الشجاعة بأنها الصبر الجميل على الشدائد. ويتفق الفلاسفة الأوروبيون «نيتشه وسارتر وكامو وكيركجور» على أن الشجاعة لا تعنى غياب اليأس، وإنما القدرة على التقدم فى الحياة رغم اليأس.

وفى سياق فلسفة القوة التى يؤمن بها والتى تقول للإنسان فى صراحة جلية: «عش فى خطر» يرى نيتشه أن الخير يكمن فى الشجاعة، إذ يقول فى كتابه الشهير «هكذا تحدث زرادشت»: «تسألون ما هو الخير؟ الخير هو أن تكون شجاعاً.. والخير ألا تهتم بالحياة الطويلة، ولا بالنجاة من الأخطار، وألا تحب الحياة حباً يجعلك تتعلق بها مهما نفت إرادة القوة والحياة فيك».

arabstoday

GMT 17:42 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

سر الرواس

GMT 17:40 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

حلّ «إخوان الأردن»... بين السياسة والفكر

GMT 17:38 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

دارفور وعرب الشتات وأحاديث الانفصال

GMT 17:37 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 17:35 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بعثة الملكة حتشبسوت إلى بونت... عودة أخرى

GMT 17:34 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بقايا «حزب الله» والانفصام السياسي

GMT 17:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

الهادئ كولر والموسيقار يوروتشيتش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشجاعة الخلاقة 1  2 الشجاعة الخلاقة 1  2



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 12:43 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السودان .. وغزة!

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عودة النّزاع على سلاح “الحزب”!

GMT 11:38 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ماذا تفعل لو كنت جوزف عون؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 23 إبريل / نيسان 2025

GMT 11:52 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب ولاية جوجارات الهندية

GMT 15:51 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

وفاة الإعلامى السورى صبحى عطرى

GMT 15:48 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

"بتكوين" تقفز لأعلى مستوى فى 7 أسابيع

GMT 03:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

غارات أميركية تستهدف صنعاء وصعدة

GMT 03:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 24 إبريل / نيسان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab