المصري الذى نحلم به 33

المصري الذى نحلم به (3-3)

المصري الذى نحلم به (3-3)

 العرب اليوم -

المصري الذى نحلم به 33

عمار علي حسن

والسؤال الذى يفرض نفسه فى هذا المقام هو: كيف نغير؟ أى كيف نحول الاستسلام للوضع الراهن إلى طاقة إيجابية تعيد صياغة العلاقة النفسية بين المصريين والسلطة بحيث تصبح الأخيرة مصدراً للحماية والعدل، وليست مؤسسة للقهر والإكراه والطغيان؟ وبما يقود بالتبعية إلى تغيير كل ما اعوجّ أو حاد عن جادة الصواب والحق فى حياتنا، وتفكيك السياق المغذى للتخلف فى المجالات كافة، وفتح الطريق أمام بناء المصرى الذى نحلم به.

بالطبع فإن الإجابة ليست سهلة أبداً، فتغيير النفس البشرية أصعب بكثير من تغيير الأوضاع المادية مهما صعبت، ومهما تردت أحوالها، وهو ما تعبر عنه حكمة أثيرة تقول «بناء المصانع يسير، وبناء الرجال عسير». ولذا طالما رفض كثيرون، قبل ثورة يناير، فكرة «الإصلاح من أسفل»، أى تغيير القاعدة العريضة توطئة لإصلاح القمة، لأنها بطيئة، وطالبوا بـ«الإصلاح من أعلى» على أساس قاعدة «من أفسد شيئاً فعليه إصلاحه»، فنظراً لأن الفساد والاستبداد هو من فعل السلطة وترتيبها، فعليها أن تبدأ بنفسها، ولا تتذرع بأن الثقافة السياسية السائدة فى مصر لا تشجع على التطور الديمقراطى.

وأولى خطوات مقاومة هذا التصور المريض، تأسيساً على ما جرى بعد الثورة، هو بناء النفسية القادرة على المقاومة والانخراط، ما يعنى قطيعة مع موروث طويل من سلبية ظاهرية للمصريين، رصدتها الدراسات السياسية والنفسية والاجتماعية والفلكلورية، وعزتها إلى عناصر عدة، منها «الفرعونية السياسية»، التى جعلت المصريين يؤلهون حكامهم على مدار أربعة آلاف سنة، و«سمات المجتمع النهرى» حيث تتحكم السلطة فى موارد الرى فيخضع لها الفلاحون، و«انتشار الطرق الصوفية» جنباً إلى جنب مع الدعوة الانسحابية الكامنة فى الفكر المسيحى التى تقاوم رغبة قطاع من المصريين فى ممارسة حياة سياسية مدنية إيجابية، وتجعلهم يتوهمون أن بإمكان الكنيسة أن تلعب دور الزعامة السياسية، مثلما حدث فى العقود الأخيرة.

وبناء النفسية المصرية المقاومة ليس أمراً صعباً، بعد أن أثبت الشعب المصرى قدرته على الخروج العارم ضد الظلم والفساد والاستبداد مثلما رأينا فى ثورتى يناير ويونيو، حيث ظهر أن لدى المصريين قدرة على التحدى من الواجب أن يتم تطويرها لتتحول إلى عمل بناء، يجرى فى إطار المشروعية القانونية والشرعية السياسية، ولا يقتصر على الجوانب السياسية، إنما يمتد إلى التنمية والبناء وتعزيز الثقافة وتعميق الوعى.

إن الإنسان المصرى فى حاجة إلى تقدير ذاته، وهذا لن يتم إلا باستلهام جذوره الحضارية، والوعى بالنقاط المضيئة فى التاريخ الاجتماعى والسياسى للبلاد، وإدراك ما فى الأديان (الإسلام والمسيحية) من دعوة إلى مقاومة الظلم، ومكافحة الشر والفساد، وإلى البحث عن الحل الجماعى، وليست الحلول الفردية المفرطة فى الأنانية التى لا تنتج سوى تمزق النسيج الاجتماعى، وبذلك تجد السلطة الحاكمة فرصاً متجددة للتجبر والتوحش.

arabstoday

GMT 19:26 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

مواعيد إغلاق المقاهى.. بلا تطبيق

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

المطلوب

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

البابا فرنسيس والسلام مع الإسلام

GMT 19:23 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

الإحساس في كلام عبّاس

GMT 19:23 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

خيار الفاتيكان القادم: الكرازة أم التعاليم؟

GMT 19:21 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

السوداني والإخوة الحائرون

GMT 19:21 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

... والجامعيون أيضاً أيها الرئيس!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المصري الذى نحلم به 33 المصري الذى نحلم به 33



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 17:37 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 04:47 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الجمعة 25 إبريل / نيسان 2025

GMT 17:02 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

صعود طفيف لأسعار النفط بعد انخفاض 2%

GMT 10:33 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

GMT 17:34 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بقايا «حزب الله» والانفصام السياسي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab