تساؤلات حول «نوبل» 22

تساؤلات حول «نوبل» (2-2)

تساؤلات حول «نوبل» (2-2)

 العرب اليوم -

تساؤلات حول «نوبل» 22

عمار علي حسن

والقاعدة الثانية التى تخفف من حدة الجدال والخلاف حول هذه الجائزة هى أن «نوبل» لا تعنى أن الفائز بها سيكون الأهم عالمياً من حيث الانتشار والتأثير والخلود، فعلى مدار 113 سنة، هى عمر نوبل، هناك كتّاب حازوها لا يتذكرهم حتى أهم نقاد الأدب والمنشغلين به ولا تُطبع كتبهم وتوزع على نطاق واسع أو تُعد عنها دراسات نقدية. وعلى النقيض هناك كتّاب لم ينالوها واستمروا ملء السمع والبصر، ولا تزال أعمالهم قادرة على إدهاش أجيال تلو أخرى. وهذا أمر طبيعى، فليس معقولاً أن نقول إن العالم على مدار القرن العشرين لم يعرف سوى مائة أديب جيد فقط، بعدد من حازوا نوبل، كما أن الجائزة التى تُمنح لشخص واحد من بين أدباء يبدعون ألواناً عدة من الشعر والنثر ليس بوسعها أن تذهب إلى كل من يستحقونها، ولم يكن بوسعها أيضاً أن تُطبق بأثر رجعى فتُعطَى لأدباء عظام كتبوا قبل إطلاق «نوبل» من أمثال بلزاك وبوشكين وغيرهما.

ولعل نجيب محفوظ، وهو الكاتب العربى الوحيد الذى نالها فى الأدب، كان منصفاً حين قال بعد فوزه: «كان يستحقها قبلى طه حسين وتوفيق الحكيم ويحيى حقى»، بينما رأى آخرون أن يوسف إدريس أيضاً كان يستحق، وكذلك عدد لا بأس به من أدباء العرب، روائيون وشعراء وكتّاب قصة ومسرح.

ويوجد من أدرك أن قيمته ونظرة الناس إلى إبداعه لا تحتاج إلى نوبل كى تترسخ وتتسع، ولذا امتلك القدرة على رفضها، مثل الأديب الأيرلندى جورج برناردشو الذى وصفها بأنها «طوق نجاة يلقى به إلى رجل وصل فعلاً إلى بر الأمان، ولم يعد عليه من خطر»، والأديب الفرنسى جان بول سارتر الذى رأى أن قبوله لها يتناقض مع مبادئه وقال: «حُكم الآخرين علينا، ما هو إلا محاولة لتحويلنا إلى موضوع وتشييئنا، بدل النظر إلينا كذوات إنسانية»، والشاعر والروائى الروسى بوريس باسترناك الذى رفضها لضغوط السلطات فى موسكو وعاد وقبلها فيما بعد عام 1958 عن روايته الوحيدة «دكتور زيفاجو»، ويقال إن الروسى ليو تولستوى رفض أن تُمنح له فى أول دورة لها عام 1901 ورد قائلاً: «تبرعوا بقيمة الجائزة للجوعى فى القوقاز».

أما القاعدة الثالثة فهى لعنة نوبل، إذ إن بعض من حازوا عليها لم يتمكنوا من أن يكتبوا بعد هذا شيئاً ذا بال نتيجة ملاحقة الإعلام لهم أو شعورهم بأنهم فعلوا ما عليهم وجاء وقت أن يتفرغوا للاستمتاع بإنفاق قيمة الجائزة خلال ما تبقى من حيواتهم، وبعضهم كتب أعمالاً أضعف بكثير من تلك التى أبدعها قبل نوبل، معتمداً على أن حيازته للجائزة كفيلة بأن يتابع الناس ما يكتبه حتى ولو كان ضحلاً، وبعضهم عاش بعدها كئيباً فى ظل اعتقاده أنه قد صار بلا هدف، خاصة أولئك الذين كانوا يكتبون ويجودون من أجل نيلها.

هذه القواعد كان بوسعها أن تريح أيضاً الناقد «مالكولم جونز» فلا يصرخ بمقال له فى موقع «ذا ديلى بيست» الأمريكى الشهير: «من هو باتريك موديانو.. بحق الجحيم؟»، ومعه يستريح مواطنه فورست ويكام الذى سخر على موقع «سلايت» الأمريكى من الضغط الذى واجهه «ويكيبيديا» من محررين يبحثون عن أى شىء يخص موديان ليستكملوا قصصهم الإخبارية، كما سيهدأ كل من غرّد على «تويتر» ساخراً من منح الجائزة لموديان المجهول هو حقاً وليس أبطال روايته «مجهولات».

فجائزة نوبل هكذا منذ إطلاقها، وإذا كان الأمريكيون مغبونين بهذه الطريقة رغم أنهم حصدوا منها 323 جائزة من بين 900 وزعوا منها فى مختلف مجالاتها فماذا يقول غيرهم فى شرق آسيا أو فى أفريقيا والعالم العربى، والموت يحصد كل عام من أدبائهم كثيرين يستحقون «نوبل» عن جدارة، ولن يأخذوها أبداً، لأنها لا تُمنح للموتى حتى لو ظلت أعمالهم تُقرأ وتدهش وتؤثر وتغيّر إلى قيام الساعة.

arabstoday

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 06:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تساؤلات حول «نوبل» 22 تساؤلات حول «نوبل» 22



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab