تنوير يحاصر الإرهاب

تنوير يحاصر الإرهاب

تنوير يحاصر الإرهاب

 العرب اليوم -

تنوير يحاصر الإرهاب

عمار علي حسن

ينمو التطرف الدينى والإرهاب فى الغالب الأعم إن وجد بيئة اجتماعية مظلمة، بكل ما يعنيه الإظلام من معان تنصرف إلى الفاقة والجهل والعزلة وضيق الانتماء وانحرافه بفعل التعصب الأعمى تارة والاستهانة بكل فكرة وكل جماعة بشرية أو نزعة إنسانية خارج تحكمات التنظيم المتطرف وتعاليمه تارة أخرى. كما ينمو التطرف مع الشعور الدفين بالنقص والمهانة حقيقة كان أو زيفاً، وكذلك وجود هوة واسعة بين الحكام والمحكومين، وظهور علامات لفشل الدولة أو ارتخائها.

وقد حوى كتاب «السراب» للدكتور جمال سند السويدى، أستاذ العلوم السياسية ومدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، كثيراً من الأفكار والتدابير التى تُظهر هذه الأسباب بطريقة غير مباشرة، أو مضمرة فى مقاربته للتنظيمات والجماعات الدينية السياسية، بدءاً من عرض تاريخ نشأتها وتطورها وانتهاء برسم مسارات مستقبلها مروراً بطرح أفكارها الأساسية وشخصياتها البارزة ومواقفها من الوقائع السياسية والاجتماعية فى البلاد التى ظهرت فيها أو تلك التى امتدت إليها.

وهذا الكتاب، الذى رسم خريطة معرفية لمثل هذه التنظيمات، يفرض ثلاثة أمور أساسية، تشكل حصيلة إمعان النظر فيه أو الوقوف على الرسالة التى يطرحها ويرعاها، وهى:

1- مشروع هذه التنظيمات المتطرفة التى أنتجت الإرهاب الرمزى واللفظى والمادى محض كذبة كبرى، فهى ظلت كثيراً تطرح نفسها باعتبارها «الحل» و«الوعد» و«الأمل» وانخدعت قطاعات عريضة من الناس بهذا، لكن اكتشف الجميع أن كل ذلك وهمٌ وسراب، لأن الفكرة من حيث المنشأ فاسدة، والممارسات معوجة، علاوة على التواء النهج، وغياب البرنامج العصرى، والسير عكس حركة التاريخ.

2- لا خروج من هذا الوهم إلا بكشف مقولاته وفضح مساراته وممارساته، وإنهاء الذرائع التى توجده، أو الأسباب التى تولده، ووقف كل ما يغذيه ويقويه، ويمكّنه من الاستقرار والاستمرار، وذلك عبر تعبئة الموارد المادية والمعنوية التى تملكها الدولة والمجتمع المدنى فى وجه الجماعات الدينية السياسية.

3- يكون هذا الخروج بالإصلاح الدينى والتنوير جنباً إلى جنب مع الإصلاح المجتمعى وتحرير إرادة البشر، بما يقطع الطريق على سعى هذه التنظيمات إلى بناء عمق اجتماعى مستغلة أى انسحاب للدولة من تقديم الخدمات الكافية للمواطنين، ويطرح أمام الناس بديلاً اجتماعياً راسخ المعالم فلا يجدون أنفسهم فى حاجة ماسة إلى الانتماء لهذه التنظيمات أو الإنصات إليها بحثاً عن ألفة أو منفعة.

وهذا التنوير يجب أن يتوسل بالتعليم والتثقيف والإعلام واعتدال الخطاب الدينى، ويرمى أولاً إلى تبديد المقولات الرئيسة للمتطرفين والإرهابيين، من قبيل «الحاكمية» و«الجاهلية» و«جهاد الطلب» و«إقامة الخلافة» بمنطقها ومسلكها التاريخى الذى امتد من غانا إلى فرغانة، و«الولاء والبراء» و«غياب الشريعة» فى حياة المسلمين المعاصرين، وضرورة وجود «جماعة» تقيم الإسلام فى شموله.

ثم بعد ذلك ينطلق التنوير إلى بناء مشروعه الذى يعيد الدين إلى وظيفته الأساسية فى الامتلاء الروحى والسمو الأخلاقى والخيرية، ويطلق العنان للعقل ليفكر ويبدع وهو مطمئن إلى أنه يكمل مسيرة الوحى ولا يناقضها، كما يطلق العنان للإرادة الإنسانية بعيداً عن تسلط أمير التنظيم وشيخ الجماعة وولى الطريقة، وبعيداً عن تقديس المقولات القديمة وأصحابها.

arabstoday

GMT 07:18 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

شريك المأوى

GMT 07:15 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

لا تنتخبوا مرشحي المال الأسود

GMT 07:12 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

“الكباريتي” رجل دولة من طراز مختلف

GMT 07:10 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

لماذا نشعر بالقلق أكثر من أى وقت مضى؟

GMT 06:57 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

يكسب دائمًا

GMT 06:52 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

صفحة جديدة

GMT 06:44 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

قضايا انتخابية 2024

GMT 06:39 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

مرونة أم تنازل؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تنوير يحاصر الإرهاب تنوير يحاصر الإرهاب



النجمات العرب يتألقن أثناء مشاركتهن في فعاليات مهرجان فينيسيا

فينيسيا ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - أشهر الجزر السياحية في فينيسيا لقضاء عطلة ممتعة
 العرب اليوم - إستخدام اللون الفيروزي في ديكور المنزل المودرن

GMT 05:16 2024 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

نخر الأنف قد يساهم في خطر الإصابة بمرض ألزهايمر

GMT 07:57 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

ما قبل الصناديق

GMT 18:31 2024 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

وفاة مدرب فرانكفورت في حادث سير

GMT 06:56 2024 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

الجيش الإيراني... الحسابات والأخطاء التقديرية

GMT 14:07 2024 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

انتشار واسع لـ حمى غرب النيل في أوروبا

GMT 14:09 2024 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 40878 شهيدا و94454 إصابة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab