حكايات «الغيطاني» الهائمة 12

حكايات «الغيطاني» الهائمة (1-2)

حكايات «الغيطاني» الهائمة (1-2)

 العرب اليوم -

حكايات «الغيطاني» الهائمة 12

عمار علي حسن

يستعصى نص جمال الغيطانى الأخير الذى سماه «حكايات هائمة» على التصنيف حسب الأنواع الأدبية المتعارف عليها، وهو إن كان قد اعتاد التجريب مثلما رأينا فى ثلاثيته «التجليات» أو سباعيته «دفاتر التدوين»، إلا أنه فارق فى نصه الأخير المحطات التى كان قد حط فيها رحاله عبر أعماله السابقة، روايات وقصص وتأملات وسير ودراسات ومشاهدات.

فى النص الجديد نحن أمام مزيج من الإبداع الخالص والتناص الظاهر بل والاقتطاف الكامل الذى يأخذ عن الآخرين بعض أقوالهم ويضعها كما هى أو بتصرف، موزعة على فلسفات ورؤى وأساطير وحكايات متعددة، آتية من الشرق والغرب، من عند الأقدمين والمحدثين والمعاصرين، عرباً وعجماً، أوربيين وآسيويين، مما هو تحت أقدامنا وما وراء الحجب.

ولم يفُت الكاتب نفسه أن يخط لنا معالم التعامل مع نصه إذ يقول فى مستهله: «هذه حكايات هائمة فى الذاكرة، بعضها ربما تكون له أصول فى الواقع إلا أنه يصعب تحديدها، وبعضها توهم محض، المصادر المذكورة لا أصول لها، ربما فقدت إلى الأبد، وربما لا توجد إلا فى مخيلتى».

وهنا يتفاوت عطاء «الغيطانى» بين ما تنتجه قريحته الساردة، وما يختاره لنا، من حصيلة قراءاته المتنوعة، وهى مسألة يدل عليها النص ذاته حين خصص كاتبه جزءاً بعنوان «حكايات الكتب»، توالت فيه عناوين من قبيل: «كتاب الكتب» و«كتب ما لم يكتب» و«كتاب الحدائق» و«كتاب الخاص» و«ما لم يرد فى كتب» و«كتب الوصول» و«كتب وافدة» و«كتاب البحر» و«مجنون الكتب» و«كتاب الوجود».. إلخ، ليستعرض بعض ما يقرأه الآن، وهو ما يدل عليه قوله: «بعد تقاعده لزم مكتبته التى أمضى عمره فى تكوينها، يرجع الأمر إلى سنوات النشأة الأولى، عندما بدأ يكتشف روعة القراءة، وإطلاقها المخيال».

كما تتفاوت اللغة بين القديمة فى تراكيبها ومفرداتها وتصويرها للذات والمجتمع والكون، وبين معاصرة تتبسط فصاحتها إلى حد السائد والمتداول فى الحياة اليومية أو تتعقد لتصبح بعيدة عن متناول عموم الناس، مقتصرة على أفهام الخاصة، لكنها فى الحالتين لا تفقد جمالها، وتحتاج إلى قدر من التأمل والتبصر فى سبيل فك شفراتها، والوقوف على ما وراء ظاهر النص.

وهذه الطريقة سار عليها «الغيطانى» منذ روايته «الزينى بركات» التى رأت النور قبل خمسة وثلاثين عاماً، فبعدها تكرر الأمر فى أعمال مثل «اتحاف الزمان بحكاية جلبى السلطان» و«رسالة البصائر فى المصائر» وغيرهما، حيث فُتن «الغيطانى» بلغة الحكى القديمة، لا سيما تلك التى انطوى عليها كتاب ابن إياس الحنفى المصرى «بدائع الزهور فى وقائع الدهور» الذى تأثر به إلى حد عميق، ثم فتن بالنص الصوفى الذى سيطر عليه، خاصة منذ روايته «شطح المدينة». لكن «الغيطانى» أديب يعيش فى زماننا، ولم يكن بوسعه أن يهمل ما تمنحه إياه تجربته من قصص وروايات، فصور شخصيات وحكايات من زماننا، وبلغته وطريقته فى التفكير والتعبير، ومن وحى تجاربه فى الطفولة والصبا والكهولة.

(ونكمل غدًا إن شاء الله تعالى)

 

arabstoday

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 06:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 06:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 06:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 06:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 06:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 06:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكايات «الغيطاني» الهائمة 12 حكايات «الغيطاني» الهائمة 12



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 العرب اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab