سلطة الأدب 12

سلطة الأدب (1-2)

سلطة الأدب (1-2)

 العرب اليوم -

سلطة الأدب 12

عمار علي حسن

«لا يمكن للسلطة السياسية أن تستولى على الأعمال الإبداعية، كما تستولى على المصانع، كذلك لا يمكن الاستيلاء على أشكال التعبير الأدبى، كما يتم الاستيلاء على الرخص والتصاريح». هكذا يقول الأديب الألمانى الكبير برتولد بريخت، فى إيحاء جلى بأن الأدب يستمد سلطته من صعوبة السيطرة عليه.

فرغم القيود التى تفرضها بعض السلطات الحاكمة على حرية التعبير، فإن الأدب يمتلك، ربما أكثر من غيره، قدرة على تطويق هذه القيود، ومقاومتها، فهو يتصدى للإكراه، ويحطم كل سلطة، حين ينفتح على الخيال، من أجل توليد المتعة، وخلق الوعى، كما أن الأدب، فى النهاية، هو نوع من الخطاب، الذى ينازل خطاب السلطة، فى إطار المساحة التى تقاوم فيها سلطة المعرفة، بكل مقوماتها التى عرضها المفكر الفرنسى ميشيل فوكو، السلطة المادية التى تضغط فى اتجاه إخضاع الإنسان لمنطقها ومصالحها.

كما يستقى الأدب سلطته، كذلك، من «سلطة المثقف»، التى رغم تشكيك البعض فيها، بحديثهم عن «موت المثقف»، أو تدجين السلطة له، فإنه لا يمكن إغفالها تماماً، مع توقع انبعاثها فى أى لحظة تاريخية، ومع الإيمان بأن النهضة الثقافية تسبق أى نهضة اقتصادية واجتماعية. والأديب، فى النهاية، هو مثقف، له موقف من السلطة، ويحاول أن يمارس دوره فى المجتمع، الذى يعيش فيه. وهو بقدر ما يكون جاداً فى ممارسة هذا الدور، وبقدر ما ينحاز للقيم النبيلة، وينشد الوضع الأفضل لمجتمعه، يصنع سلطته الخاصة.

وسلطة المثقف هى من نوع آخر، بمعنى أنها ليست سلطة مادية، بل رمزية، أى سلطة الكلام والكتابة، لكنها فى النهاية سلطة تُمارس على النفوس والعقول، بواسطة المنتج الرمزى، المتمثل فى الأفكار والمعارف أو فى العقائد والطقوس وهذه السلطة تؤدى هذا الدور منذ زمن العراف، حتى وقت المثقف الحديث، مروراً بالكهنة والقساوسة والفقهاء. وحين يعى المثقف حقيقة دوره الاجتماعى، ويحرص على تأديته بأكمل وجه، فإن اصطدامه بالسلطة يصبح وارداً إلى حد كبير. ويكون هذا الصدام بحجم الهوة التى تفصل بين الحلم الذى يراود المثقف والواقع الذى تعيشه السلطة السياسية بالفعل. فمن المفترض أن يصوب المثقفون أهدافهم إلى أبعد مرمى يرونه، ويطالبون الحكام بأن يصلوا معهم إلى تلك النقطة، وإذا ما وصلت السلطة، بعد جهد وصراع، إليها، يكون المثقف قد رابط عند نقطة أبعد، ليطالب السلطة مجدداً أن تتبعه، وهكذا، فى رحلة لا تنتهى، بحثاً عن وضع أفضل للمجتمع. 

arabstoday

GMT 07:18 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

شريك المأوى

GMT 07:15 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

لا تنتخبوا مرشحي المال الأسود

GMT 07:12 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

“الكباريتي” رجل دولة من طراز مختلف

GMT 07:10 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

لماذا نشعر بالقلق أكثر من أى وقت مضى؟

GMT 06:57 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

يكسب دائمًا

GMT 06:52 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

صفحة جديدة

GMT 06:44 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

قضايا انتخابية 2024

GMT 06:39 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

مرونة أم تنازل؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلطة الأدب 12 سلطة الأدب 12



النجمات العرب يتألقن أثناء مشاركتهن في فعاليات مهرجان فينيسيا

فينيسيا ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - أشهر الجزر السياحية في فينيسيا لقضاء عطلة ممتعة
 العرب اليوم - إستخدام اللون الفيروزي في ديكور المنزل المودرن

GMT 05:16 2024 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

نخر الأنف قد يساهم في خطر الإصابة بمرض ألزهايمر

GMT 07:57 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

ما قبل الصناديق

GMT 18:31 2024 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

وفاة مدرب فرانكفورت في حادث سير

GMT 06:56 2024 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

الجيش الإيراني... الحسابات والأخطاء التقديرية

GMT 14:07 2024 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

انتشار واسع لـ حمى غرب النيل في أوروبا

GMT 14:09 2024 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 40878 شهيدا و94454 إصابة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab