صبري موسى 22

صبري موسى (2-2)

صبري موسى (2-2)

 العرب اليوم -

صبري موسى 22

عمار علي حسن

على قلة أعماله المنشورة، حفر الأديب الكبير صبرى موسى لنفسه اسماً لافتاً فى عالم الأدب، إذ إن كل رواية أو قصة أو كتاب له، عمل متميز ومختلف، وكل حرف خطه بنانه مرشوق فى مكانه، بلا تزيّد ولا إسهاب، لأنه مكتوب بعد أن تأمل صاحبه الصورة والرؤية، فداعبت ذهنه وعايشها طويلاً، ثم جلس ليرسم ملامحها على مهل. ومثله قلائل فى الحياة الأدبية، ممن رفضوا أن يكتبوا أى شىء لا يضيف إلى ما أبدعوه، كعلاء الديب، وعبدالحكيم قاسم ويحيى الطاهر عبدالله، والأديب المكسيكى خوان رولفو، أو أولئك الذين قالوا كل شىء باختصار، لأنهم أمسكوا بالجواهر البعيدة مبكراً، ولذا يظل اسم صبرى موسى مطروحاً طوال الوقت، رغم توالى السنين، وتدفق الأعمال الروائية والقصصية التى يبدعها أدباء عرب، ونظل دوماً فى حاجة ماسة إلى أن نرجع إليه، لنستمتع ونتعلم ونكتشف مخبوءاً لم يتهادَ إلينا فى قراءة سابقة له، أو نقف لنندهش من جديد.

لقد عشق موسى الصحراء، كرمز للصفاء والصلابة والحرية، ولعله تعلم منها الكثير، وهو ما تدل عليه تلك العبارة الأثيرة فى روايته «فساد الأمكنة»، حيث يقول: «إن مئات الخطايا الصغيرة التى نرتكبها بسهولة ويسر فى المدينة ضد أنفسنا وضد الآخرين تتراكم على قلوبنا وعقولنا، ثم تتكثف ضباباً يغشى عيوننا وأقدامنا، فنتخبط فى الحياة كالوحوش العمياء. فالمدينة زحام، والزحام فوضى وتنافس وهمجية. ولكنهم فى الصحراء قلة، والخطايا الصغيرة تصبح واضحة تطارد من يرتكبها، ويصبح ضبابها على النفس أشد كثافة وثقلاً، بينما تحتاج دروب الحياة فى الصحراء إلى بصيرة صافية نفاذة لتجنب أخطارها. إن الفضائل تمنحهم قدرة على الصفاء، فيمتلكون حساً غريزياً مشبعاً بالطمأنينة، يضىء فى عقل البدوى حين يضيع منه الطريق فى رمال الصحراء الساخنة الناعمة، فيهتدى فى طريقه، وتجعل قلبه يدق له إنذاراً بالخطر وهو نائم فى ليل الصحراء السحرى حينما يقترب من جسده عقرب أو ثعبان».

عُرفت أعمال صبرى موسى وأنا طالب بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وحين تخرجت عام 1989، واتصلت بالجماعة الأدبية مقدماً أعمالى القصصية الأولى إلى الندوات والناشرين، التقيت أدباء كُثراً، لكن الغريب أننى لم أتشرف بلقائه ولا مرة واحدة فى حياتى، لكننى كنت أتابع كل ما ينشر عنه من أخبار، بين حين وآخر، إذ كانت شحيحة كظهوره بين الناس، لكنها عميقة وفارقة كإنتاجه الفنى البديع. وترك هذا الرجل فى نفسى ونفوس كل محبيه قيمة، لا يمحوها الزمن، وهى أن «تحرص دوماً على أن تحضر أعمالك حين تغيب»، ليكسر القاعدة التى ظل كثيرون يحاولون ترسيخها على مدار سنوات من أن الحضور الجسدى للكاتب بين من يقرأونه أو يكتبون عنه يساعده على التحقق والانتشار، وهو محض زيف، لأن الحقيقى والخالص والمعتنى به والأصيل هو الذى يعيش: «فأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِى الْأَرْضِ».

arabstoday

GMT 08:37 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المايسترو

GMT 08:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 08:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتيتان «الجهادية» والتقدمية... أيهما تربح السباق؟

GMT 08:31 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

... وَحَسْبُكَ أنّه استقلالُ

GMT 08:28 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

اقتصاد أوروبا بين مطرقة أميركا وسندان الصين

GMT 09:43 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 09:42 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 09:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صبري موسى 22 صبري موسى 22



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
 العرب اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 06:36 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024
 العرب اليوم - الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024

GMT 06:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
 العرب اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 20:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 02:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

النيران تلتهم خيام النازحين في المواصي بقطاع غزة

GMT 17:23 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنتر ميلان الإيطالي يناقش تمديد عقد سيموني إنزاجي

GMT 16:59 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يتوعد الحوثيين بالتحرّك ضدهم بقوة وتصميم

GMT 17:11 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد الكرة الجزائري يوقف حكمين بشكل فوري بسبب خطأ جسيم

GMT 02:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 10 ركاب وإصابة 12 في تحطم طائرة في البرازيل

GMT 06:45 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

انفجار قوي يضرب قاعدة عسكرية في كوريا الجنوبية

GMT 17:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

.. قتلى في اصطدام مروحية بمبنى مستشفى في تركيا

GMT 11:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab