عن التونسي محمود المسعدي 22

عن التونسي محمود المسعدي "2-2"

عن التونسي محمود المسعدي "2-2"

 العرب اليوم -

عن التونسي محمود المسعدي 22

عمار علي حسن

تسعى أعمال الأديب التونسى الكبير الراحل محمود المسعدى إلى تعزيز الإرادة البشرية وتفجير الطاقات الكامنة فى الإنسان، من منطلق أن الإرادة هى التى تحرك أبطال أدب المسعدى، وتدفعهم إلى تحدى الظروف السائدة، وابتكار وسائل للتغلب عليها. وتكشف هذه الأعمال عن تأثير عميق للقرآن الكريم الذى حفظه المسعدى منذ طفولته المبكرة، فى تكوينه الفكرى والوجدانى والأسلوبى، وتبين كيف نهل من الأدب العربى القديم، حين درسه بعمق فى المرحلة الثانوية، والآداب الأوروبية الحديثة، حين سافر إلى باريس للحصول على الدكتوراه من جامعة السوربون. علاوة على ذلك فإن أدب المسعدى يضرب مثالاً بليغاً على أن لغتنا الفصحى هى مرآة شخصية الفرد الذى يكتب بها، وانعكاس لذهنية المجتمع والعصر فى سماته الفكرية والخلقية.
وأعمال المسعدى غير تقليدية، تعبر الأنواع فى سلاسة، لتمزج الشعر بالنثر، وتعدو بين المسرح والرواية، متجاوزة أى فواصل بينهما، وتقتبس من التراث العربى الشكل القصصى القديم كالحديث والمقامة والسيرة، وتنهل من الآداب الأوروبية الحديثة، فى ثوبها الجديد، الذى فارقت به أعمال الرعيل الأول من الروائيين والمسرحيين المؤسسين الكبار، ثم تمزج الخيال الخصب بالتفكير العقلى، وتضفر الحدس الإبداعى بالبرهان الفلسفى فى أعلى صوره.
ولم يكتف المسعدى، الذى رأى النور بقرية تازركة من أعمال نابل فى يناير من عام 1911، بالكتابة، بل زاول أدواراً حركية مؤثرة من خلال السياسة والتربية على حد سواء. ففى السياسة تقلد فى سنوات الاستقلال الأولى عدة مناصب مهمة، إذ عهد إليه من 1958 إلى 1968 بوزارة التربية القومية وانتخب عضواً بمجلس النواب فى أواخر الستينات ورئيساً لمجلس النواب عام 1981. وفى التربية تولى مسئولية شئون التعليم فى حركة الاستقلال الوطنى، التى انتظم فى صفوفها مناضلاً ضد الاستعمار الفرنسى، كما لعب دوراً قيادياً فى العمل النقابى للعاملين فى المهن التعليمية. وخلال توليه وزارة التربية القومية وضع اللبنة الأولى فى أساس الجامعة التونسية. وقبلها، كان قد تمكن من إقرار حق كل طفل تونسى فى التعليم، وكان له جهد ملموس فى أنشطة منظمتى «اليونيسكو» و«الأليكسو» و«مجمع اللغة العربية»، كما أشرف على مجلة «المباحث» عام 1944، ثم على مجلة «الحياة الثقافية» عام 1975، وقام بتدريس الأدب العربى فى جامعات تونس وفرنسا.
وخلال هذه المسيرة تميز المسعدى، حسب ما جاء فى نعى وزارة الثقافة التونسية له، بوطنيته العالية وتجذره العميق وحرصه الشديد على الارتقاء بالفكر التونسى إلى أعلى درجات النبوغ والمساهمة من خلاله فى إثراء الثقافة العربية والإنسانية.
حقا لقد كان المسعدى ثمرة لتلاقح الثقافتين المصرية والتونسية، ولا نستغرب فى هذا التلازم أو التغذية المرتدة أو التأثير المتبادل بين الثورتين التونسية والمصرية، والتى أعتقد أنها لم تتوقف عند النقطة التى نعيشها الآن، بل ستستمر فى المستقبل المنظور.

arabstoday

GMT 02:43 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

4 ساعات مللاً

GMT 02:41 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!

GMT 02:31 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

رسائل محمد الطويّان المفتوحة والمغلقة

GMT 02:28 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

الشرق الأوسط... تشكلٌ جديدٌ

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 02:21 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

متى يراجع الفلسطينيون ما حدث؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن التونسي محمود المسعدي 22 عن التونسي محمود المسعدي 22



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 13:03 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025
 العرب اليوم - البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025

GMT 13:51 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

إيران لم تيأس بعد من نجاح مشروعها!

GMT 17:42 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

برشلونة يتعاقد مع مهاجم شاب لتدعيم صفوفه

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 12:15 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب جنوب شرق تايوان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab