ما يعيق «الخيال السياسي» 12

ما يعيق «الخيال السياسي» (1-2)

ما يعيق «الخيال السياسي» (1-2)

 العرب اليوم -

ما يعيق «الخيال السياسي» 12

عمار علي حسن

لا يعد «الخيال السياسى» مجرد تغيير فى الأدوات والأساليب السياسية، بل هو رؤية ذات بعد عميق تستشرف المستقبل أو تعيد قراءة الواقع من منطلقات ومقاربات مختلفة جوهرياً عن السائد والنمطى والمتكرر. والخيال السياسى ليس مجرد تطوير عامل الابتكار وإدخاله لهذه الأدوات، وإنما هو استعمال منهج مختلف، يعاد بمقتضاه تشكيل الخطة السياسية برمتها، على نحو يلائم المستقبل. وهذه الخطة يجب أن تلبى الاحتياجات الآتية أو المقبلة للنظام السياسى أو الدولة بشتى أركانها البنيوية والوظيفية.

والخيال السياسى سواء فى تعريفه أو فى حقيقته، لم يعد تهاويم عابرة أو شطحات مارقة، إنما بات مساراً علمياً له أدوات ضبطه، كما سيتم تناوله فيما بعد، لا سيما بعد أن انتقل علم السياسة من مجال «الينبغيات» التى صبغته سنين عدداً فى كنف القانون إلى دراسة ما هو قائم وكائن بالفعل فى رحاب العلوم السلوكية، التى ساعدت، من دون شك، الباحثين على التنبؤ بالسلوك السياسى.

وعلى أهميته لا يجد «الخيال السياسى»، فى الغالب الأعم، لدى السلطات والنخب العربية، طريقاً ممهداً فى كل الأحوال، إذ تعترضه أشياء كثيرة، فتقتله أو على الأقل تحد منه، وبالتالى تجعل الاستفادة به ضئيلة وهزيلة، أو تحوله إلى خيالات وأوهام وأضغاث أحلام قد تحط فى لحظة عابرة برأس القيادات السياسية أو الأفيال الكبار الذين يديرون المؤسسات والهيئات والمنظمات والشركات العملاقة التى تحوز جزءاً هائلاً من ركائز القوة داخل المجتمع.

وهذه الكوابح متعددة ومتداخلة فى آن، وهذا التداخل يسمح لها بأن تشكل شبكة متينة الخيوط، قد تتماسك بطريقة أكثر، وتتصلب بصيغة أقوى، لتصير جداراً عازلاً، يحرم القرار السياسى والاقتصادى والثقافى والاجتماعى والإدارى من أن ينعم بعطاء المبدعين الذين بوسعهم أن يتوقعوا ما يأتى فى ضوء الإلمام بكل معطيات الواقع.

وتعتمد منابع الخيال السياسى على استقراء التاريخ، والعمل بروح الفريق، وامتلاك العقل المنطقى الخلاق، واستعمال الإبداع الأدبى، واللجوء لاستطلاعات الرأى، واستعمال أدوات مثل نظرية المحاكاة ونظرية المباريات، والاستفادة من الدراسات عبر النوعية. ومن هنا فإن غياب هذه المنابع أو تجفيفها أو على الأقل اتخاذ ما يؤدى إلى ضحالتها، يشكل كوابح على إطلاق الخيال السياسى، لكن فى هذا المقام سأعرض الأسباب الرئيسية التى توجد هذا، ويمكن ذكرها على النحو التالى:

1- الوقوعية: بمعنى قلة الطموح، والخوف الهائل من التجريب والتغيير، والرضا بالموجود والمقسوم، والاستسلام لشعار «ليس فى الإمكان أبدع مما كان» والاعتقاد الزائف بأن الحكمة مرتبطة وجوداً وعدماً بالبطء والتريث الشديد.

وقطعاً هناك فرق وتمييز واضح بين الواقعية التى تعنى فهم وتقدير الموارد المادية والمعنوية والرمزية التى يجب تعبئتها نحو تحقيق الأهداف وبين الوقوعية التى تعنى عدم الإيمان بأن بوسعنا ألا نكتفى بتعبئة هذه الموارد إنما نطورها ونعمقها ونزيدها، ونعتقد بأنها ليست ثابتة تنقص بتزايد احتياجاتنا إنما هى متحركة، وعلينا أن نجعل هذا التحرك إلى الأمام، ونؤمن دوماً بأن لدينا «طاقة كامنة» غير مستغلة، ونبحث عنها ونوظفها فى سبيل الوصول إلى الغايات التى نصبو إليها.

(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى)

arabstoday

GMT 19:26 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

مواعيد إغلاق المقاهى.. بلا تطبيق

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

المطلوب

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

البابا فرنسيس والسلام مع الإسلام

GMT 19:23 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

الإحساس في كلام عبّاس

GMT 19:23 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

خيار الفاتيكان القادم: الكرازة أم التعاليم؟

GMT 19:21 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

السوداني والإخوة الحائرون

GMT 19:21 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

... والجامعيون أيضاً أيها الرئيس!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما يعيق «الخيال السياسي» 12 ما يعيق «الخيال السياسي» 12



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 08:52 2025 السبت ,26 إبريل / نيسان

قادة العالم يشاركون في جنازة البابا فرنسيس
 العرب اليوم - قادة العالم يشاركون في جنازة البابا فرنسيس

GMT 08:58 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

هزتان ارضيتان تضربان تركيا بقوة 4.5 و4.6 درجات

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

البابا فرنسيس والسلام مع الإسلام

GMT 11:58 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 6 درجات يضرب إسطنبول

GMT 16:05 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

أنوشكا تتقدّم ببلاغ ضد شخص ينتحل شخصيتها

GMT 16:10 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

كريم فهمي يفجّر مفاجأة عن ياسمين عبد العزيز

GMT 17:42 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

سر الرواس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab