مشتركات بين السادات والإخوان 23

مشتركات بين السادات والإخوان (2-3)

مشتركات بين السادات والإخوان (2-3)

 العرب اليوم -

مشتركات بين السادات والإخوان 23

عمار علي حسن

تناول المقال السابق أمرين مشتركين بين السادات والإخوان هما: التحايل وإضفاء الصبغة الدينية على السياسة، وهنا أكمل:

3 - السعى لبناء العمق الاجتماعى، فرغم أن السادات تمكّن من الإطاحة بأنصار عبدالناصر واليساريين عموماً من المناصب المهمة فى الدولة فإن السياسات الاشتراكية التى طبقها عبدالناصر ظلت تحظى بقبول قاعدة عريضة من الناس، ولذا لجأ السادات للإخوان والجماعات الإسلامية بُغية ترسيخ عمق اجتماعى مناصر له، فهو على المستوى النفسى كان يريد أن يطاول حب عبدالناصر عند بسطاء المصريين، وعلى المستوى السياسى كان يدرك أن استقرار حكمه يعتمد على خلق حالة من الرضا عن مسلكه وسياساته.

على التوازى يقوم المشروع الإخوانى على بناء هذا العمق الاجتماعى عبر مسلكين: الأول هو شبكة النفع العام التى تُستغل فيها الجمعيات الأهلية والخيرية، والثانى هو الخطاب الدينى الذى يدغدغ مشاعر عموم الناس. ورغم الضربات التى تتلقاها الجماعة تباعاً فإنها لا تتخلى عن حرصها على استعادة هذا العمق الذى ينسجم مع رؤيتها التى تقوم على بناء الفرد، ثم الأسرة الإخوانية، وصولاً إلى المجتمع الإخوانى الذى تزعم الجماعة أنه هو «المجتمع المسلم» المأمول.

4- الخلاف مع جمال عبدالناصر، وهذا الخلاف لم يقتصر لدى السادات على استبدال السياسات الاقتصادية اليسارية بأخرى يمينية، بل امتد بالتبعية إلى تغيير أنماط التحالفات الإقليمية والدولية، حيث الانفتاح الشديد على المملكة العربية السعودية التى دخلت مع عبدالناصر فى «حرب عربية باردة» امتدت حتى بُعيد نكسة يونيو 1967، ثم الانفتاح على الغرب، من منطلق تصور يرى أن 99% من قواعد اللعبة فى منطقة الشرق الأوسط فى يد الولايات المتحدة الأمريكية.

وعبدالناصر كان ولا يزال عدواً تاريخياً للإخوان، ينعتونه بالسفاح، ويصفون عهده بأنه كان عهداً أسود مفعماً بالاستبداد والاضطهاد والتعذيب والتنكيل، ورغم اهتمام ناصر بالدين فى تعزيز شرعيته، وتقربه من الأزهر والمتصوفة وإطلاق إذاعة القرآن الكريم وتدشين البعوث الإسلامية وبناء عدد وافر من المساجد، فإنه ظل فى نظر الإخوان شخصاً كان يعمل لهدم الإسلام.

وحين وجد الإخوان أن السادات لا يريد أن يذهب فى طريق عبدالناصر، رأوا أن التفاهم معه ممكن، والعمل فى ركاب نظامه مستساغ، ويمكن تسويقه بسهولة لقواعد الجماعة التى كان قادتها قد شحنوهم ضد نظام يوليو برمته.

5- التوجه اليمينى، لم يواجه السادات اليسار على مستوى الخطاب فقط، إنما صحب هذا سياسات يمينية فى مختلف المجالات، وقد حضّ الخطاب السياسى الرسمى على تبنى القيم الرأسمالية، ليس فقط فى الاقتصاد بل فى الحياة الاجتماعية والثقافية على السواء، وشُنت فى نفس الوقت حملة ضارية على كل ما يمت بصلة إلى الاشتراكية، وأصبحت لفظة اشتراكية واشتراكى مرادفة للطاعون الذى يخشاه الجميع.

وتوافق هذا مع التوجهات الإقليمية والدولية للسادات، حيث بنى علاقات مختلفة مع المملكة العربية السعودية عن تلك التى كانت عليها خلال حكم عبدالناصر، وكذلك مع الولايات المتحدة الأمريكية، أى مع القوى اليمينية المحافظة إقليمياً، وقوة دولية عظمى كانت تقود العالم الرأسمالى فى وجه الشيوعية والاشتراكية.

واتفق الإخوان مع السادات فى هذا التوجه، فالبنسبة لهم التقارب مع السعودية فى ذاك الوقت يُعد توجهاً محموداً، نظراً للصبغة الدينية لنظامها السياسى وفتحها الباب أمام الإخوان الفارين من حكم عبدالناصر، كما أن الولايات المتحدة لدى الجماعة أقرب، من الزاوية العقدية أو الدينية، مند الاتحاد السوفيتى الذى كان حليفاً لعبدالناصر، والذى طالما نعته الإخوان وغيرهم من الجماعات الدينية المتطرفة بالدولة الملحدة، التى تسعى لنشر الإلحاد فى العالم الإسلامى.

(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى).

 

arabstoday

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 03:20 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

جديد المنطقة... طي صفحة إضعاف السنّة في سورية ولبنان

GMT 03:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

دعوكم من التشويش

GMT 03:13 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

سوريّا ولبنان: طور خارجي معبّد وطور داخلي معاق

GMT 03:10 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الترمبية انطلقت وستظلُّ زمناً... فتصالحوا

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 03:03 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

زوبعة بين ليبيا وإيطاليا والمحكمة الدولية

GMT 03:01 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ترمب وقناة بنما

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشتركات بين السادات والإخوان 23 مشتركات بين السادات والإخوان 23



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 15:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

"يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة
 العرب اليوم - "يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

حكومة غزة تحذر المواطنين من الاقتراب من محور نتساريم

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab