من «رابعة» إلى «ميزورى»

من «رابعة» إلى «ميزورى»

من «رابعة» إلى «ميزورى»

 العرب اليوم -

من «رابعة» إلى «ميزورى»

عمار علي حسن

(1)

هل تتذكرون الأستاذ ماجد عاطف، مراسل مجلة نيوزويك الأمريكية سابقاً، الذى قدم شكوى إلى مكتب منظمة «هيومان رايتس ووتش» فى القاهرة يتهم فيها من صاغ تقريرها حول «رابعة» و«النهضة» باستبعاد جزء من شهادته؟

ها هو يعود ليفجّر قنبلة من العيار الثقيل حين صرح لبرنامج «90 دقيقة» على قناة «المحور»، يوم الخميس الماضى، بأن الإخوان كانوا يفخخون محيط الاعتصام بوضع أسطوانات البوتاجاز خلف السواتر الحديدية والدشم التى أقاموها على المداخل والمخارج. وقد قال أيضاً إنه قد شاهد عناصر الإخوان وهم يحملون الأسلحة فى مواجهة رجال الأمن خلال عملية الفض. وقول عاطف عن وجود سلاح مع المعتصمين ليس جديداً على أعين الناس ومسامعهم، لكن كلامه عن التفخيخ يغير أموراً كثيرة جوهرية، وقد يفسر لماذا ارتفع عدد القتلى هناك على العكس مما حدث فى «النهضة». المنظمة من جانبها عدلت صفحة 27 بناء على شكوى عاطف حول قضية إطلاق النار من داخل الاعتصام، وتحتاج إلى تعديلات أوسع تأخذ فى الاعتبار حديث التفخيخ هذا. ويبقى جوهر القضية هو السؤال: لماذا لم تتعامل السلطة بجدية مع تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان، رغم أنها هى التى أنشأته من أيام مبارك؟ ولماذا لم يُحقق قضائياً فيما ورد به من معلومات واتهامات؟ على السلطة إن أرادت تجنب انتقادات الآخرين أن تحصّن نفسها بمساءلة الذات.

(2)

هل يؤثر انتقاد مصر لطريقة تعامل السلطات الأمريكية مع مظاهرات «ميزورى» على الولايات المتحدة؟ ما فعلته القاهرة قابله البعض بترحاب تحت شعارات «أهلاً بالتحدى»، و«لستم أفضل منا»، و«بيتكم من زجاج فلا تقذفونا بالطوب»، و«من أعمالكم سُلط عليكم»، و«لا تنه عن فعل وتأتى مثله.. عار عليك إن فعلت عظيم»، وقابله البعض بامتعاض واستغراب: «لا وجه للمقارنة» و«التحقيق هناك جار وهنا إغفال وتواطؤ». لكن بعيداً عن المرحبين، وهم الأغلبية، والرافضين، وهم الأعلى صوتاً، فإن الخطوة المصرية تزعج الولايات المتحدة، من زاوية أنها ستفتح باباً وسيعاً لانتقادات أخرى من دول عديدة فى المستقبل لسلوكيات الإدارات الأمريكية المتعاقبة حيال مواطنيها، بما يغل يد واشنطن فى انتقاد الآخرين اتكاء على أن أمريكا هى القوة العظمى فى عالمنا المعاصر ويمكنها أن تمارس وصاية على الآخرين. من دون شك فإن الولايات المتحدة تستغل قضيتى «نشر الديمقراطية» و«حقوق الإنسان» فى ابتزاز بعض الدول والضغط عليها، وهى مسألة غير خافية على أحد، فأيام إدارة الرئيس بيل كلينتون تم إنشاء إدارة لحقوق الإنسان بوزارة الخارجية كنوع من الأذرع الأمريكية فى العالم وحددت مهمتها بوضوح فى توظيف هذا المجال فى تحقيق مصلحة واشنطن من خلال شن دعاية مضادة على مناوئيها فى العالم بأنهم غير ديمقراطيين ولا يحترمون حقوق الإنسان، مع أن أمريكا طالما غضت الطرف عن الاستبداد والجور على كل الحقوق من قبَل أنظمة حكم حليفة لها. لكن ما الذى يضير أمريكا من انتقاد مصر لها؟ والإجابة بوضوح: إن هذا يُخلخل واحدة من وسائل الهيمنة التى تتبعها، شأنها فى ذلك شأن كل الإمبراطوريات التى تعاقبت فى التاريخ. فكل منها كانت تغلف توسعها بحثاً عن الثروة والنفوذ والمكانة بطلاء مزيف من قبيل: تعزيز الحرية والعدالة والمساواة، أو فتح الباب أمام التقدم والرفاء، أو نشر رسالة السماء، أو إنقاذ أقليات مهضوم حقها، أو شعوب ترزح تحت نير طغيان. والطلاء الأمريكى للتوسع دار حول مصطلحات من قبيل «نشر الديمقراطية» و«الدفاع عن حقوق الإنسان» و«حقوق الأقليات»، وفى ركاب هذا احتلت العراق تحت شعار «الحرية للعراق»، وغزت الصومال تحت شعار «التدخل الحميد» والنتائج أمامنا كارثية. لكل هذا سرعان ما ابتلعت أمريكا نبرة السخرية من الانتقادات المصرية وتعاملت معها بجدية، وعنيت بالرد عليها وتفنيدها، وبان هذا بوضوح فى الصحف الأمريكية والعالمية، فالقاهرة ثقبت الرداء الأمريكى أو أسقطت قشرة من الطلاء المزيف، فإن حذت دول أخرى حذوها ستفقد واشنطن تباعاً واحدة من أهم وسائلها للهيمنة والتمدد فى عالمنا المعاصر.

ومع هذا يبقى جوهر القضية بالنسبة لمصر موجوداً، ألا وهو: احترام الحريات العامة وتلبية حقوق المصريين ليس وسيلة لإرضاء أمريكا وغيرها أو تجنب غضبهم، إنما طريق لتعزيز رضا الشعب عن السلطة، وهذه مسألة مهمة لصالح تماسك الدولة وقوتها.

arabstoday

GMT 09:43 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 09:42 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 09:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

GMT 09:39 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

متى يخرج السيتى من هذا البرميل؟!

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 09:35 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 09:33 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 09:30 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من «رابعة» إلى «ميزورى» من «رابعة» إلى «ميزورى»



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab