حوار صامت 3

حوار صامت (3)

حوار صامت (3)

 العرب اليوم -

حوار صامت 3

مصطفى الفقي

"كلام ساكت" تسمية اخترعها السودانيون، وهى عبارة ذات معنى مزدوج يراها قلة منهم أنها تشير إلى الكلام الفارغ الذى لا جدوى منه، بينما تراها الأكثرية تعبيرًا عن المعانى العميقة وراء الكلمات المرسلة، ونحن نميل إلى هذا التفسير الذى جادت به العبقرية السودانية وجعلته أقرب إلى مفهوم «الحوار الصامت» الذى اتخذناه عنواناً لهذه السلسلة من المقالات، والشىء بالشىء يذكر، لذلك فسوف نخصص السطور القادمة للحديث عن لقاء مع معالى وزير خارجية «السودان» الحالى، الأستاذ الجامعى الدكتور «إبراهيم غندور»، حيث تلقيت دعوة كريمة من السفير «عبدالمحمود عبدالحليم» للحضور إلى «دار السودان» بحى «المعادى»، حيث يقيم السفير السودانى، وقد احتشد المدعوون من خلال مجموعة منتقاة من الشخصيات العامة وكبار المثقفين، يتصدرهم الدكتور «عصام شرف»، رئيس الوزراء الأسبق، والسيد «عمرو موسى»، وزير الخارجية الأسبق، وأمين عام جامعة الدول العربية السابق، والسيد «نبيل فهمى»، وزير الخارجية السابق، والأستاذ «مكرم محمد أحمد»، نقيب الصحفيين الأسبق، والأستاذ «يحيى قلاش»، النقيب الحالى، كما كان من بين المدعوين صديق شخصى للوزير السودانى، وهو الدكتور «سيد البدوى»، رئيس «حزب الوفد»، مع صديق آخر هو الدكتور «ماجد الشربينى»، المحامى، ولفيف من رجال الصحافة، يتقدمهم رئيس تحرير «صحيفة الشروق»، وبعض كتاب الأعمدة والمهتمين بالشأن السودانى، وفى مقدمتهم الكاتبة الصحفية «أسماء الحسينى» من «جريدة الأهرام»، كما لفتت أنظار الجميع بمداخلتها الواعية الدكتورة «أمانى الطويل»، الخبيرة المعروفة بالشؤون الأفريقية، وقد حضر اللقاء أيضاً عدد من رموز العمل السياسى والدبلوماسى من «السودان» الشقيق، ولابد أن أعترف بأن شخصية الوزير السودانى قد أزاحت عن صدرى هموماً كبيرة، فالرجل وحدوى النزعة، أفريقى التوجه، عروبى المشاعر، سودانى بهوى مصرى، يذكرنا بالرموز التاريخية فى عصر «وحدة وادى النيل»، وعندما جاء دورى فى الحديث كنت قد ابتلعت قرصاً للصراحة لمواجهة صداع الهواجس التى تعتادنى حيناً بعد حين حول العلاقات المصرية- السودانية، وشجعتنى شخصية الوزير المتفتحة والمنفتحة لكى أقول ما أريد بلا غطاء دبلوماسى أو عبارات ملتوية كما تفرض علينا الظروف أحياناً، لقد عبرت للوزير السودانى عن المرارة التى يشعر بها كثير من المصريين من إحساسهم بانحياز الموقف السودانى لسياسة الأمر الواقع الإثيوبية والمتعنتة فى موضوع «سد النهضة»، رغم أن الخطر المحتمل على «السودان» من هذا «السد» لن يقل عن الخطر المحدق بـ«مصر»، وأثرت معه موضوع «حلايب وشلاتين»، وقلت له: طالما العلاقات طيبة فنحن «أخوة وحبايب»، وعندما يتعكر صفوها قليلاً نقول «شلاتين وحلايب»!. وأثرت معه موضوع المبالغة والتهويل حول معاقبة بعض السودانيين أسوة بغيرهم من المصريين بسبب بعض الجرائم أو المخالفات، وكيف يحتشد الرأى العام السودانى ويرتفع صوت الإعلام فى «الخرطوم» بالتهويل بل والتحريض على «مصر»، ولقد كان الرجل صريحاً وواضحاً فقد قال إن موقف «السودان» هو ألا تضار «مصر» من جراء بناء هذا «السد الإثيوبى»، لأن أى ضرر يلحق بـ«مصر» يلحق مباشرة بـ«السودان»، فـ«مصر القوية» دعم لـ«السودان»، كما أن «السودان القوى» دعم لـ«مصر»، وأضاف أن «المباحثات السداسية» قد دخلت مرحلة من الجدية والصراحة والتطرق إلى التفاصيل بشكل يوحى باحتمال التوصل إلى اتفاق تقبله الأطراف الثلاثة، وقال إن البعض فى «القاهرة» يظن أن «السودان» وسيط فى هذا الشأن، بينما هو طرف مباشر شأن «إثيوبيا» و«مصر»، أما بالنسبة لـ«حلايب وشلاتين» فقد قال إننا ناقشنا من قبل، وفى مناسبات مختلفة وبصراحة كاملة، أبعاد هذه القضية وتوصلنا إلى إمكانية استخدامها كمنطقة تكامل إنتاجى بين البلدين، وأكد أنها تثور فى لحظات فتور العلاقات بين البلدين التوأم، أما بالنسبة للمواطنين السودانيين فى «مصر»، وهم عدة ملايين، فإن هناك أصواتاً عاقلة فى «السودان الشقيق» رفضت تهويل هذا الأمر، حتى إن 25 برلمانياً سودانياً من بين 27 دافعوا عن «مصر»، وأضاف ولكن مصرع 20 سودانياً وهم يتسللون إلى «إسرائيل» كان خبراً حزيناً. وقلت له على الفور إن السلطات المصرية لم تقتلهم كسودانيين، ولكن قتلتهم كمتسللين عبر الحدود المصرية إلى «إسرائيل»، وقد تحدث الوزير عن المعابر الجديدة على الحدود المصرية- السودانية وأساليب تنمية التجارة وتنشيط حركة النقل بين «شمال الوادى» و«جنوبه»، لقد جاءت إجابات الوزير فى معظم الأسئلة التى وجهت إليه برداً وسلاماً على الحاضرين، ولكننى قلت له إننا تعودنا بشطرى «الوادى» أن نتحدث بكلمات طيبة وعبارات معسولة وشعارات مكررة، بينما يكون الواقع غير ذلك، فقال الوزير السودانى إننا لذلك نسعى إلى الصراحة الكاملة والمواقف الواضحة وطرق كل الموضوعات دون استثناء، وقد خرجت من ذلك اللقاء الذى انتهى بعشاء سودانى على مائدة السفير لكى أقرر صراحة أن فصلاً جديداً فى العلاقات المصرية- السودانية يمكن أن يبدأ إذا كانت العناصر القائمة على الأمر هى من ذلك الطراز الذى شهدته، خصوصاً أن وزير الخارجية السودانى قد امتدح نظيره المصرى لصراحته ودخوله فى كل التفاصيل دون حساسيات، وإذا كنا هنا نكتب تحت مظلة «الحوار الصامت» بالمصرى أو «الكلام الساكت» بالسودانى فإننا نتحدث عن العلاقات بين البلدين، بحيث لا يصبح «الحوار صامتاً» ولا «الكلام ساكتاً» لكى نؤكد أهمية العلاقة بين الدولتين لمواجهة التحديات القائمة والظروف التى طرأت على الساحة الأفريقية ودول «حوض النيل»، لذلك فإننى أحلم بعودة شعار «وحدة وادى النيل»، لأن ذلك على ما يبدو سوف يكون مطلوباً بشدة فى ظل المشكلات القادمة والمسائل المعلقة التى تروج لها سياسات أجنبية أقحمت دورها على «النهر الخالد» الذى ظلت تحلم بالاقتراب منه عبر عصور التاريخ الطويل!

arabstoday

GMT 08:26 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عادي

GMT 08:25 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الآن؟

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 08:22 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سلام عليك يا شام

GMT 08:20 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا وتخمة القادة الأسطوريين

GMT 08:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

«سنو وايت».. أهمية أن تكون أنت.. «أنت»!

GMT 08:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

هوامش على حياة الشهيد عبدالمنعم رياض

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

اللاعبون الأساسيون ومخاطر الفوضى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حوار صامت 3 حوار صامت 3



إطلالات حمراء جريئة للنجمات على سجادة مهرجان البحر الأحمر

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 07:51 2024 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
 العرب اليوم - أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
 العرب اليوم - مقتل 54 صحافياً في عام 2024 ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية

GMT 16:39 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

التأثير الإيجابي للتمارين الرياضية على صحة الدماغ

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة

GMT 20:19 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

الفنان جمال سليمان يبدي رغبتة في الترشح لرئاسة سوريا

GMT 18:20 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

بشار الأسد يصل إلى روسيا ويحصل على حق اللجوء

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

480 غارة إسرائيلية على سوريا خلال 48 ساعة

GMT 22:09 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

داني أولمو مُهدد بالرحيل عن برشلونة بالمجان

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 04:49 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الكينية تسجل 5 حالات إصابة جديدة بجدري القردة

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

استئناف عمل البنك المركزي والبنوك التجارية في سوريا

GMT 05:03 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزير الدفاع الكوري الجنوبي السابق حاول الانتحار في سجنه
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab