أقباط مصر

أقباط مصر

أقباط مصر

 العرب اليوم -

أقباط مصر

بقلم - مصطفي الفقي

عدت فى خريف عام ١٩٨٣ من عملى فى الهند مستشارًا للسفارة المصرية هناك، وفوجئت بأن الدنيا قد تغيرت وأن الأحوال قد تبدلت، فكل سيارة خاصة تمضى على الطريق تبدو فى الغالب وكأنها مسجد صغير أو كنيسة متحركة، فالآيات القرآنية وعبارات الكتاب المقدس والصلبان والمسابح تطوّق السيارات بشكل ملحوظ لتأكيد هوية كل سيارة بأن صاحبها مسلم أو مسيحى.

فلو حدث أى أحتكاك مرورى بين سيارة وأخرى ينتمى صاحب كل منهما لديانة مختلفة لأصبحنا أمام مشروع حادث طائفى لا مبرر له، خصوصًا أننا كنا غير بعيدين عن أحداث الخانكة والزاوية الحمراء، وكان ذلك بعد اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات بعامين تقريبًا، ولأننى معنى بالشأن القبطى فى مصر من الناحيتين الأكاديمية والعملية بعد حصولى على الدكتوراه من جامعة لندن بأطروحة تحت عنوان (الأقباط فى السياسة المصرية) لذلك وجدتنى مهتمًا بما يدور حولى فى تلك الفترة وشديد القلق من تداعيات ما يحدث واحتمالات تأثيره على السلام الاجتماعى المتماسك والوحدة الوطنية الراسخة.

لذلك ذهبت إلى أستاذى الدكتور بطرس بطرس غالى، وزير الدولة للشئون الخارجية حينذاك، وعرضت عليه مخاوفى وشرحت له المحاذير من هذه التفرقة لأن السيارات ليست دور عبادة وهى كلها سيارات لمصريين ينتمون لوطن واحد، وكان الدكتور بطرس قد كتب مقدمة كتاب مشترك بين ثلاثة من تلاميذه رغم تفاوت الأعمار وهم المستشار طارق البشرى والمستشار وليم سليمان قلادة وكاتب هذه السطور.

وكان ذلك عام ١٩٨١ وصدر الكتاب بعنوان (الشعب الواحد والوطن الواحد) وقد استمع لى الدكتور بطرس غالى فى لقائنا وناقش الأمر من أبعاده المختلفة ثم اقترح علىّ أن ألتقى بابن عمه الشهير الوزير الأسبق مريت بطرس غالى الذى كان عضوًا فى مجلس الشورى حينذاك، وبالفعل قمت بذلك واقترح علىّ الوزير مريت غالى أن نوجه خطابًا مشتركًا بتوقيعنا معًا نطالب فيه وزير الداخلية برفع الملصقات الدينية من نوافذ السيارات والاكتفاء بالتبرك برموز قليلة على اعتبار أن الدين لله وأن الوطن للجميع، خصوصًا أن قانون المرور يخول لوزير الداخلية ومعاونيه القيام بهذا الإجراء.

وكتبت فى نفس الأسبوع مقالًا فى صفحة الرأى بجريدة الأهرام بعنوان (ظواهر وفدت على مصر) مستنكرًا فى سطوره استخدام الدين فى التفرقة بين المصريين خروجًا على مبدأ المواطنة واستعادة لممارسات طائفية عفا عليها الزمن وقد كان، حتى إن الأزهر الشريف والكنيسة القبطية تجاوبا مع دعوتنا وأفتى كل منهما بأن رفع هذه الملصقات لا يمس الدين بل هو دعم لوحدة الأمة وتأكيد للسلم الاجتماعى والأمن الوطنى.

إننى أقول ذلك وأنا أحيى أشقاءنا الأقباط- الذين يبهروننى فى كل مراحل تاريخ مصر- بحرصهم على الوحدة الوطنية، وأتذكر بهذه المناسبة أننى كنت فى موسكو عام ٢٠١٥ ودُعيت لإلقاء محاضرة فى الأكاديمية الدبلوماسية هناك وكان ذلك بعد عام مرير أو أكثر من الاعتداءات على الكنائس المصرية بيد من لا يعرفون سماحة الإسلام ولا يدركون هوية الوطن الذى استوعب دائمًا كل الثقافات وهضم كافة الحضارات وحافظ على سماحة الديانات.

وأتذكر أيضًا كم كنت قريبًا من قداسة البابا الراحل شنودة الثالث، خصوصًا فى فترات الأزمات المفتعلة ذات الطابع الطائفى، حيث كنت موفدًا دائمًا من مؤسسة الرئاسة إلى المقر البابوى لمعالجة المشكلات الطارئة والسعى لحماية الوحدة الوطنية وتفعيل منطق المواطنة والعيش المشترك، وإذا كنا قد احتفلنا هذه الأيام بعيد الميلاد المجيد فإننا نتذكر روح الوحدة الوطنية فى ثورتى 1919 و2013 عندما كانت صلابة تلك الوحدة مصدر قوة حقيقية للشعب المصرى العريق.

وكم تكون سعادتى بالغة حين أقرأ مقالات رصينة لكتاب وكاتبات من أبناء الوطن من أمثال المؤرخ المستنير أحمد الجمال والكاتب الصحفى حمدى رزق وداعية الوحدة الوطنية فاطمة ناعوت والأسقف المثقف الأنبا إرميا وغيرهم من حراس الوحدة الوطنية وسدنة الكنانة أمام كافة التحديات وفى أصعب الظروف، ولقد ظلت الوحدة الوطنية هى المشروع الفكرى الذى أعمل تحت مظلته فى العقود الخمسة الأخيرة.

وكم تكون سعادة الوطن بالغة حين يشهد القاصى والدانى دخول الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى إلى مبنى الكاتدرائية ليحيى أبناءه وبناته من جموع الحاضرين والحاضرات الذين يشعرون لحظتها بدفء الروح الوطنية وصلابة الشعب المصرى الذى علّم الدنيا التسامح ونبذ الإرهاب مؤكدًا للجميع أن أم الدنيا محروسة دائمًا.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أقباط مصر أقباط مصر



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 العرب اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 18:17 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسماء جلال وأسماء أبو اليزيد تتنافسان في الغناء والسينما
 العرب اليوم - أسماء جلال وأسماء أبو اليزيد تتنافسان في الغناء والسينما

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab