مفيد فوزى ونادية عابد

مفيد فوزى ونادية عابد

مفيد فوزى ونادية عابد

 العرب اليوم -

مفيد فوزى ونادية عابد

بقلم: مصطفي الفقي

كان نصيرًا للمرأة وعاشقًا للحرية، قال كلمته دائمًا ثم مضى.. مفيد فوزى إلى رحاب ربه بعد حياة عريضة، عرف فيها كبار الأدباء وألمع الصحفيين وأشهر الفنانين، رحل ليترك فراغًا فى مساحة احتلها عبر العقود الستة الماضية، كان فيها ملء السمع والبصر وشغل الناس بأحاديثه الجريئة وعباراته الحادة واستغلاله الذكى لمساحة الحرية المتاحة فى كل العقود ودفع الثمن لذلك فى كثير من المناسبات، احتفى به المصريون والعرب دائمًا وكان نجمًا لامعًا فى سماء الأحداث التى شارك فيها أو شهد عليها، فهو المؤرخ الفنى الثقة للفنانين الكبار، بدءًا من أم كلثوم وفيروز، وصولًا إلى عبدالحليم حافظ وفريد الأطرش، مرورًا بكل الرموز التى عبرت على مسرح السينما وصوت الراديو وصورة التليفزيون فى مصر والدول العربية التى كانت تستمد رحيق القوى الناعمة من الزهور اليانعة التى تنطلق من مصر، وكانت شجاعته فى إبداء الرأى أحيانًا أشبه بالصرخة فى وادى الصمت.

وهو الذى صك عبارات شهيرة تداولها المثقفون كثيرًا مثل حزب أعداء النجاح، وكلمة (البوح)، أى التعبير عن رأى مكتوم أو سر مجهول، وهو الذى كان يتصل بى لكى يقول إننا نريد أن نقر بالعامية المصرية للحديث والفضفضة والإحساس بما كان يسميه رحمه الله (الونس)، لقد وقف الراحل الكريم إلى جانبى فى كل الظروف الصعبة، فعندما تركت مؤسسة الرئاسة كان أول من زارنى وأتذكر أن قدمه تعثرت يومها فى طرف السجادة وأصيب إصابة خفيفة فى ركبته، ولكن حرصه على أداء الواجب كان أهم لديه من سلامته الجسدية، وكنت أناديه باسم حفيده، فأقول له: يا جد شريف، مع أن التسمية اللائقة هى (يا أبوحنان) تلك الكاتبة الصحفية والأديبة الواعدة التى انهمرت دموعها ونحن نعزيها على باب كنيسة المرعشلى لفراق أغلى الناس بعد أن رحلت والدتها الإذاعية اللامعة آمال العمدة التى كان يتذكرها مفيد دائمًا بعد رحيلها فى كل المناسبات، وهو الذى اقترح عليها ذات يوم التسمية الشهيرة لبرنامجها الإذاعى (صحبة وأنا معهم) نقلًا لفقرة من إحدى أغنيات كوكب الشرق، رغم أنه كان «فيروزيًا» أكثر منه «كلثوميًا» ولكنه كان يضع الجميع فى موضع التقدير والاحترام، ولقد احتشد عدد كبير من الكُتاب والصحفيين والقراء فى بهو الكنيسة يودّعون رمزًا مصريًا خالصًا وشخصية رحبة بكل المعايير.. نعم إن هناك من يختلفون معه فى الرأى ولا يفضلون بعض مواقفه ولكن تلك هى سُنة الحياة وفلسفة الوجود.

فالناس لم يجمعوا على رأى واحد على ظهر الكوكب، لقد كان مفيد فوزى هو ملك الحوار الذى يتسلل من خلاله إلى دخائل من يحاوره، ولقد كتب الراحل مفيد فوزى كتابًا رائعًا عن الأستاذ محمد حسنين هيكل، وطلب منى كتابة مقدمة ذلك الكتاب وقد فعلت، وعلق الأستاذ هيكل بعدها قائلًا إن مفيد ينقض على من يحاوره كالنسر الجسور الذى يهبط من السماء ليناقش أهل الأرض!. وقد احتفظ الأستاذ مفيد بصداقات كثيرة وكان يعترف بفضل مؤسسة روزاليوسف والأستاذ إحسان عبد القدوس خصوصًا، لذلك رأيت ابنه الأستاذ محمد عبدالقدوس يتصدر الحاضرين فى الكنيسة حبًا ووفاءً للرجل الذى عمل مع أبيه لسنوات خرج منها بصداقات كثيرة، بدًءا من الأستاذ أحمد بهاء الدين ومرورًا بمشاغباته مع الأستاذين محمود السعدنى ومنير عامر، وصولًا إلى العندليب والسندريلا اللذين كان مفيد فوزى كاتمًا لأسرارهما وشاهدًا على زيف الكثير مما كُتب عنهما، وقد كان إيمانه بالحرية غير محدود وحماسه للرأى الآخر واضحًا، وأذكر الآن دعوتى الأخيرة له لندوة إلى «بيت السنارى» مطلع عام 2022، فإذا به يستهل الندوة بكلمة لخصها فى تعبير جاد وحاد، قال فيه: (أحذر وطنى بشدة من الآثار السلبية للانفجار السكانى الذى نعيش فيه).

وأخيرًا هوى النجم، وترجل الفارس وترك صهوة جواده لأجيال قادمة، أدعو له بالرحمة.. وأعترف بأننى فقدت صديقًا عزيزًا بكل ما له وما عليه، وسوف تبقى كتاباته شاهدة على ذكائه وفطنته فى كل الظروف وكافة المناسبات، لقد كان مفيد فوزى نصيرًا للمرأة يسبر أغوارها ويعبر عن همومها حتى تقمص شخصية سيدة وهمية وكتب باسم مستعار هو نادية عابد لسنوات متواصلة، ليعبر عن أحلام حواء ومعاناتها والشعور بالقهر أحيانًا أمام سطوة المجتمع الذى تعيش فيه.. إن مفيد فوزى كان بحق نموذجًا فريدًا غادرنا ولن يعود!.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفيد فوزى ونادية عابد مفيد فوزى ونادية عابد



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب
 العرب اليوم - أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 11:30 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 05:22 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

تحالفاتُ متحركة

GMT 05:57 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 04:01 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 6 درجات يضرب تايوان ويخلف 15 مصابا

GMT 13:20 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

كريم عبد العزيز يتّخذ قراره الأول في العام الجديد

GMT 13:09 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

بعد 22 عاما محمد سعد يكشف سرّاً عن فيلم "اللي بالي بالك"

GMT 13:16 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

محمد منير يواصل التحضير لأعماله الفنية في أحدث ظهور له

GMT 08:47 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

جائزة هنا.. وخسارة هناك

GMT 09:11 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط بين إرث بايدن وتأثير الترمبية

GMT 09:12 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عاد ترمب... الرجاء ربط الأحزمة

GMT 09:16 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

لفائف لا مجلّد

GMT 09:15 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

حماس تخطف اللحظة والصورة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab