محمد أبوالغار التألق الدائم

محمد أبوالغار.. التألق الدائم

محمد أبوالغار.. التألق الدائم

 العرب اليوم -

محمد أبوالغار التألق الدائم

بقلم: مصطفي الفقي

ذاع صيته وانتشر اسمه منذ أكثر من أربعين عامًا عندما كان شابًّا يشق طريقه بين أعضاء هيئة تدريس قصر العينى بقسم أمراض النساء والتوليد، واعتبره الجميع رائدًا فى علاج العقم، وصولًا إلى النقلة النوعية الكبرى المتصلة بأطفال الأنابيب، لم نكن نعرف وقتها أن تلك الشخصية الفذة تملك مخزونًا كبيرًا من الاهتمامات السياسية، وأنها منغمسة حتى النخاع فى هموم الوطن وأوجاعه، ثم بدأ اسمه يمضى فى هذا الاتجاه.

وعرفه المصريون أستاذًا جامعيًّا نشطًا فى المجال السياسى وشؤون التعليم الجامعى والحركات الإصلاحية داخل جامعة القاهرة، وتجاوز محمد أبوالغار كل ذلك لكى يُتحفنا بمجموعة نادرة من الكتب الرصينة، بعضها عن ثورة 1919 وعلاقات الولايات المتحدة الأمريكية بها، ثم يؤرخ لليهود المصريين ودورهم السياسى والاقتصادى والثقافى، ويمضى ليقدم لنا كتابه الأخير بعنوان (الفيلق المصرى.. جريمة اختطاف نصف مليون مصرى).

وهو كتاب يلقى الضوء على استغلال الفلاح المصرى، الذى كان وقودًا لقوات الحلفاء فى الحرب العالمية الأولى، وهو يؤرخ فى ذلك بتفصيل موثق على نحو يدعو إلى الدهشة لأستاذ كبير فى الطب، عالِم متميز فى تخصصه، فإذا به يقرع الأبواب ليلقى الضوء حول المسكوت عنه فى تاريخنا الحديث، وهو يفعل ذلك بلغة سهلة وتسلسل منظم، إذ يقع الكتاب فى ثمانية فصول، غير المقدمة والخاتمة.

مع قائمة بالمراجع وملحق بالصور، لقد وضع ذلك الأستاذ الجامعى المرموق، العالِم الفريد بين أقرانه، منهجه فى التحليل العلمى لكى يوضح التفاصيل ويربط بين الدوافع والنتائج مثلما تعود أن يفعل وهو يدرس تشريح الجسد البشرى فى تاريخ الطب!، ولا أنسى أبدًا أن كتابه عن اليهود فى مصر هو موسوعة رائعة لكل مَن يريد أن يعرف عن دور اليهود المصريين فى المكون الاجتماعى لوطننا.

وذلك عبر مراحل شديدة الحساسية فى تاريخ مصر، إن محمد أبوالغار يكتب بموضوعية شديدة وحياد أكاديمى واضح ولا يتأثر بالشعارات الصاخبة أو الآراء المتداولة فى ظل دعايات تاريخية شوهاء حرمت المصريين طويلًا من معرفة كافة الحقائق المتصلة بتاريخهم الوطنى.

ويوضح الدكتور أبوالغار تجربة التعايش المشترك بين الأجانب والمصريين فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين وما بعد ذلك حتى حرب يونيو 1967، ولأننى أعرف الدكتور أبوالغار عن قرب فى بعض المناسبات، فإننى أعترف بأننى أعتبره (ترمومتر) لقياس الوطنية المصرية دون ضجيج أو ادعاء.

بقى أن أقول إن الدكتور أبوالغار لم يترك مناسبة وطنية إلا وشارك فيها بكتاباته الموضوعية وتحليلاته العميقة، وقد انتصر دائمًا لقضايا الحرية والمفهوم الحقيقى للديمقراطية، ولم يلهث وراء منصب ولم يحقق فائدة من موقف معين، فالذى يعنيه هو الوطن.

إذ يختتم مقالاته بعبارة: (قوم يا مصرى.. مصر دايمًا بتناديك)، ومن الواضح أنه تأثر كثيرًا بالوعى التاريخى الذى يمتلكه للفترة التالية لـ1919 والنقلة النوعية بين العصرين الملكى والجمهورى، إن كتابه الأخير أهداه دكتور أبوالغار إلى جميع الفلاحين المصريين، الذين أُهدرت دماؤهم وكرامتهم فى حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.. وإلى كل الوطنيين المصريين، الذين تكاتفت عليهم قوى خارجية وداخلية بالقتل أو السجن.

وأشعر أحيانًا أن الدكتور أبوالغار لو عاصر مذبحة دنشواى والإعدامات الميدانية فى القرية لكان رد فعله مثل الزعيم الوطنى مصطفى كامل، وربما أشد، وما من صديق أعرفه كان على صلة بالدكتور أبوالغار إلا وشاركنى الرأى واتفق معى على أننا أمام نموذج وطنى نادر يعتز به المصريون ابنًا لوطن معطاء وشعب صنع التاريخ فى كل مراحله، تحية إلى الدكتور أبوالغار واحترامًا، ودعاءً له بمواصلة العطاء والمضى على الصراط المستقيم، الذى اختاره لنفسه منذ مطلع شبابه.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محمد أبوالغار التألق الدائم محمد أبوالغار التألق الدائم



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 12:43 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السودان .. وغزة!

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عودة النّزاع على سلاح “الحزب”!

GMT 11:38 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ماذا تفعل لو كنت جوزف عون؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 23 إبريل / نيسان 2025

GMT 11:52 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب ولاية جوجارات الهندية

GMT 15:51 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

وفاة الإعلامى السورى صبحى عطرى

GMT 15:48 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

"بتكوين" تقفز لأعلى مستوى فى 7 أسابيع

GMT 03:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

غارات أميركية تستهدف صنعاء وصعدة

GMT 03:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 24 إبريل / نيسان 2025

GMT 03:24 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

قتلى وجرحى في انفجار لغم أرضي شرقي حلب

GMT 01:13 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

جليد القطب الشمالي يسجل أصغر مساحة منذ 46 عاماً

GMT 03:46 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

ارتفاع حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي لـ23 شخصًا

GMT 12:58 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (103) رحيل الحبر الأعظم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab