اعترافات ومراجعات ٧٤ حكم الإعدام على زميلى

اعترافات ومراجعات (٧٤) حكم الإعدام على زميلى!

اعترافات ومراجعات (٧٤) حكم الإعدام على زميلى!

 العرب اليوم -

اعترافات ومراجعات ٧٤ حكم الإعدام على زميلى

بقلم: مصطفي الفقي

أنهينا دراستنا الجامعية فى شهر مايو ١٩٦٦، ولم نكد نتطلع إلى الحياة ونفكر فى المستقبل حتى فاجأتنا النكسة بعد عام واحد بكل آثارها السلبية على كافة نواحى الحياة، وانطلقت أفواج الخريجين إلى أداء الخدمة العسكرية لحملة المؤهلات العليا بلا تفرقة أو تمييز فى ظل أجواء قاتمة وظروف صعبة، وكنت مجندًا فى سلاح الحدود قبل أن يتقرر نقلنا إلى الأسلحة الثلاثة الرئيسية المشاة والمدرعات والمدفعية، حيث كان دورى جنديا فى سلاح المدرعات الذى كان يسمى من قبل سلاح الفرسان، وما هى إلا أسابيع قليلة حتى بدأت جرائم إسرائيل بعد أن لقنها الجيش المصرى الخارج من هزيمة ١٩٦٧ دروسًا متلاحقة بدأت من رأس العش وشدوان وإغراق المدمرة إيلات وغيرها من رسائل بطولة الجيش المصرى، بعد فترة وجيزة من النكسة العسكرية التى كانت نكبة سياسية قبل أن تكون نكسة عسكرية، وقامت وحدات من الجيش الإسرائيلى فى ذلك الوقت بجريمة حرب من نوع فريد فقتلت الأطفال فى مدرسة بحر البقر ثم سطت وحدة من الكوماندوز لتسرق الرادار المصرى من مكانه فى رسالة إرهاب وتخويف للجيش الباسل، وكان من سوء حظ أحد زملائنا الخريجين وهو «مدحت السيد أيوب» المجند فى محطة ذلك الرادار تقديمه للمحاكمة بأمر عسكرى من القائد العام نتيجة وقوع ذلك الجرم الإسرائيلى بعملية غير متوقعة، وجاء أمر القيادة العسكرية بتقديم مجموعة الضباط والجنود المنوط بهم حراسة محطة الرادار للمحاكمة العسكرية واتهامهم بالإهمال، ذلك أنهم كانوا حديثى عهدٍ بالحياة العسكرية ويقظة الجندى المطلوبة أثناء الحروب، وتشكلت المحكمة وأصدرت أحكامها القاسية بشأن المتهمين المجندين، وكان الحكم صادمًا خصوصًا بالإعدام على عددٍ من الجنود، وفوجئنا نحن خريجى قسم العلوم السياسية عام ١٩٦٦ بأحد زملائنا محكومًا عليه بالإعدام وفى انتظار تنفيذ الحكم، نزل علينا الخبر كالصاعقة لأن «مدحت السيد أيوب» كان إنسانًا هادئًا حسن المعشر متفوقًا فى دراسته متميزًا بأخلاقه، وهو من أبناء المدينة الباسلة بورسعيد

ولقد عرفته أثناء إقامته معنا فى المدينة الجامعية فى العام الدراسى الأول بالجامعة، وانتفض الجميع لذلك الخبر وشحذنا قوانا لطلب تخفيف الحكم؛ ذلك أن المتهمين لم تكتمل لديهم الخبرة العسكرية المطلوبة فى تلك الظروف الصعبة شديدة الحساسية بالغة التعقيد فى ظل أيام كئيبة بعد العدوان الإسرائيلى الغادر، وأجرينا نحن الخريجين الصغار اتصالاتنا بزملائنا وزميلاتنا كل فى موقعه، فأتذكر أننا اتصلنا بزميلنا المحترم ابن دفعتنا الأستاذ أحمد خليفة السويدى الذى كان رئيسًا للديوان الأميرى فى أبو ظبى، وابنة الدفعة التى نعتز بها جميعًا ونفتخر السيدة هدى جمال عبد الناصر، وعدد آخر من الرفاق والزملاء الذين أصابهم التوتر كلما تخيلوا إمكانية تنفيذ أحكام الإعدام فى شباب صغار لم يعرفوا التقاليد العسكرية جيدًا ولم يعرفوا معنى الانضباط فى مواجهة الخصم الذى يحمل خطاب الكراهية ويتصرف بتقاليد العدوان ويضرب تحت الحزام كلما تمكن من ذلك، ومرت علينا وقتها أسابيع قلقة ومتوترة حتى أمر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر القائد الأعلى للقوات المسلحة بإعادة التحقيق والمحاكمة، وانتهى إلى تخفيف الحكم من الإعدام إلى السجن لفترات متفاوتة، وتنفسنا وقتها الصعداء لأن شبح الإعدام قد غادر مخيلتنا الصغيرة فى مستهل حياتنا العملية، وأصبحت كلما التقيت بزميلى العزيز مدحت أيوب أرى فيه نموذج الميت الحى بعد ذلك الشعور الأليم الذى غمرنا ذات يوم لواحد من أعز الزملاء، وكلما تحدثت معه عن تلك الأيام يبدو مبتسمًا وهادئًا لأن ما أصابه فى مستهل حياته كان مرتبطًا بخدمته لوطنه والدفاع عنه فى أحلك اللحظات من تاريخنا الحديث، وأظن أن مدحت أيوب حى يرزق أطال الله فى عمره، التقيته منذ سنوات قليلة فى الاتحاد التعاونى والابتسامة الطيبة لا تغادر وجهه النقى ولا تبرح محياه الصبوح.. تحية له ولذكرياتنا الجامعية ودور الجيش المصرى الباسل أمام أصعب التحديات وأعقد الظروف!.

arabstoday

GMT 17:42 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

سر الرواس

GMT 17:40 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

حلّ «إخوان الأردن»... بين السياسة والفكر

GMT 17:38 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

دارفور وعرب الشتات وأحاديث الانفصال

GMT 17:37 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 17:35 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بعثة الملكة حتشبسوت إلى بونت... عودة أخرى

GMT 17:34 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بقايا «حزب الله» والانفصام السياسي

GMT 17:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

الهادئ كولر والموسيقار يوروتشيتش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعترافات ومراجعات ٧٤ حكم الإعدام على زميلى اعترافات ومراجعات ٧٤ حكم الإعدام على زميلى



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 12:43 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السودان .. وغزة!

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عودة النّزاع على سلاح “الحزب”!

GMT 11:38 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ماذا تفعل لو كنت جوزف عون؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 23 إبريل / نيسان 2025

GMT 11:52 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب ولاية جوجارات الهندية

GMT 15:51 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

وفاة الإعلامى السورى صبحى عطرى

GMT 15:48 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

"بتكوين" تقفز لأعلى مستوى فى 7 أسابيع

GMT 03:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

غارات أميركية تستهدف صنعاء وصعدة

GMT 03:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 24 إبريل / نيسان 2025

GMT 03:24 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

قتلى وجرحى في انفجار لغم أرضي شرقي حلب

GMT 01:13 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

جليد القطب الشمالي يسجل أصغر مساحة منذ 46 عاماً

GMT 03:46 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

ارتفاع حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي لـ23 شخصًا

GMT 12:58 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (103) رحيل الحبر الأعظم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab