الإمام جاد الحق على جاد الحق

الإمام جاد الحق على جاد الحق

الإمام جاد الحق على جاد الحق

 العرب اليوم -

الإمام جاد الحق على جاد الحق

بقلم- مصطفي الفقي

لم يَنَلْ من الاهتمام ما يستحقه ولم يُكتب عنه كما يجب، رغم أنه شغل المناصب الإسلامية الثلاثة، فقد كان مفتى الديار المصرية، ثم وزير الأوقاف، فشيخ الأزهر، بعد رحيل الشيخ عبدالرحمن بيصار، وأنا أكتب عن شيوخ الأزهر الذين عرفتهم وتعاملت معهم، فقد كتبت عن الشيخ الفحام لأن زيارته إلى الجزائر كانت سببًا فى تعديل بروتوكول الدولة المصرية فيما يتعلق بالأزهر الشريف.

والشيخ جاد الحق كان عالِمًا زاهدًا عاش فقيرًا ومات فقيرًا، فقد كان يسكن فى شقة متواضعة فى دور علوى دون مصعد، حتى إن الشيخ الشعراوى رحمه الله حاول أن يشترى له شقة بديلة، ولكنه أبَى وعبّر عن رضاه بما هو فيه. لقد كان الشيخ متشددًا بعض الشىء متمسكًا بالآراء التقليدية لدى بعض الفقهاء، فكان له موقف سلبى من فوائد البنوك وغيرها من القضايا المُثارة على الساحتين الاقتصادية والاجتماعية.

وقد ذهبت إليه ذات يوم فى مقر المشيخة حاملًا رسالة شفهية من رئيس الدولة يرجوه فيها مراجعة موقف الأزهر من بيانٍ صدر عنه ينتقد بقسوة برامج التليفزيون المصرى والأعمال الدرامية فيه، وبعدما جلست مع الإمام فى مكتبه- خصوصًا أننى كنت أعرفه شخصيًا قبل ذلك- ذكرت له رسالة الرئيس، فاستمع إلىَّ جيدًا ولم يعلق، وتصورت أن ذلك قبول منه لما أراده رئيس البلاد على اعتبار أن السكوت علامة الرضا، ولكننى نسيت وقتها أنه أيضًا لا يُنسب لساكت قول!، فجلست معه ساعة أو بعض ساعة حكى لى فيها قصة الحجاج بن يوسف الثقفى وطلاقه من زوجته هند وزواجها من أمير المؤمنين حتى قالت: لقد استبدل الله بدرهمنا دينارًا كاملًا، وخرج معى الإمام ليُودعنى، وكان ذلك فى مبنى المشيخة القديم.

فقلت له: يا فضيلة الإمام سوف أُبلغ الرئيس باستجابتكم الكريمة لما طلبه منكم، فقال لى: لا. للرئيس ما رآه، وهو ولى الأمر.. أما موقف الأزهر فلن يتغيّر، وعندما أبلغت الرئيس مبارك بذلك أبدى تفهمه لما قاله الشيخ، وعبّر عن احترامه له، وأتذكر ذات مرة أن الرئيس استقبل الشيخ جاد الحق فى مكتبه، وطلبنى أثناء الجلسة أربع أو خمس مرات لتلبية مطالب الإمام فيما يتصل بالمناهج الدراسية وطرق تدريس الدين فى المدارس، ومرة بسبب خطب الجمعة وضرورة مراجعة «الأوقاف» لها من مشيخة الأزهر، وثالثة بسبب دور الأزهر الشريف فى أعمال البر وأنشطة الخير.

وكنت ألاحظ فى كل مرة تشدد الإمام، وأنا أعرف خلفيته كقاضٍ شرعى ذهب ذات يوم إلى مكتب فؤاد محيى الدين، رئيس الوزراء حينذاك، وترك بياناته، شاكيًا تأخير ترقيته، وكان رئيس الوزراء يبحث بصعوبة عن مُفتٍ جديد، بعد رحيل سلفه، فراقت له فكرة عرض المنصب على ذلك القادم إليه، وطلب من مدير مكتبه استقباله فى المرة التالية، وعرض عليه منصب الإفتاء، فقَبِل، وكانت بداية خطواته إلى المناصب العليا على غير ترتيب ودون مسعى منه.

وأتذكر أنا شخصيًّا أننى بعد أن تركت الرئاسة بسنواتٍ ثلاث، جاء موعد عقد قران ابنتى الكبرى، وفوجئت بأن المفتى الذى كنت قد اتفقت معه، وهو الإمام الراحل، د. محمد سيد طنطاوى، يطلب التأجيل لأنه سوف يسافر مع القس صمويل حبيب فى رحلة رعوية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وعندما علم الشيخ بالموقف الذى أنا فيه فوجئت بجرس التليفون الأرضى يدق فى منزلى، وإذا الإمام الأكبر، الشيخ جاد الحق، يقول لى إنه علم بما حدث، وإنه سوف يعقد القران بنفسه، وقلت: سوف نأتيك فى المكتب بالمشيخة.

فقال: لا، سوف أعقد القران فى بيت والد العروس يُمنًا وبركة، وفعل الرجل ذلك بتواضع شديد وزهد واضح، وكنت قد تركت موقعى فى مؤسسة الرئاسة، ولكن ذلك كله لم يؤثر على ذلك الإمام الراحل، وقام بهذه المكرمة التى لا أنساها تشريفًا وتكريمًا لى مادمت حيًّا.. لقد كان الإمام جاد الحق معتدلًا فى علاقاته بالغير، كما كان عازفًا عن الأضواء، وظلت علاقتى به طيبة حتى نعاه الناعى، فتذَكَّر أفضاله كل مَن عرفه، رحمه الله رحمة واسعة.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإمام جاد الحق على جاد الحق الإمام جاد الحق على جاد الحق



GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab