مصر تراكم التقاليد والقيم

مصر.. تراكم التقاليد والقيم

مصر.. تراكم التقاليد والقيم

 العرب اليوم -

مصر تراكم التقاليد والقيم

بقلم : مصطفي الفقي

تتحدد قيمة الدولة- أى دولة- بالتراكم التاريخى لمجموعة التقاليد ومنظومة القيم التى تحملها، وهو أمر يختلف وفقًا لأعمار الدول وممارساتها المتعاقبة، ومصر التى نردد دائمًا أنها دولة مؤسسات أولى بنا أن نقول إنها دولة تقاليد ترسخت مع الأزمنة المتعاقبة والقرون المتتالية، إن مصر كانت ولاتزال مستودعًا للقيم والتقاليد التى لا تنتهى، خصوصًا أن مصر كانت ولاتزال شمسًا لا تغيب، إذا غربت من اتجاه أشرقت من الآخر، ولا تحكمنى فى ذلك «شيفونية» حمقاء، بل تدفعنى رؤية عادلة لتاريخ مصر وتطور منظومة القيم فيها مع تراكم التقاليد المرعية على مر العصور، وذلك يعنى بإيجاز أن مصر ليست بلدًا مسطحًا ولكنها وطن يضرب بجذوره فى أعماق التاريخ، حيث ظلت دولة مستقرة مستمرة لم تختف عن خريطة الوجود السياسى والتأثير الإقليمى أبدًا، بل ظلت ترسل إشارات ضوئية لمن حولها فى العالمين العربى والأفريقى بل الإسلامى أيضًا، كما مثلت حضارتها ركيزة كبيرة فى حضارات البحر المتوسط الذى نعتبره بحيرة الحضارات ومركز حركتها وبؤرة تجمعها، لذلك فإننى أطرح الاعتبارات الآتية:

أولًا: إن مصر لا يجب أن تقارن نفسها كل يوم بغيرها أو تنزل من عليائها لتناطح الصغار فيما يجب وما لا يجب، إذ إن مصر منظومة كبيرة لا يستطيع أحد أن يجادل فيها أو يشكك فى قيمتها، فلقد استقرت لديها مجموعة كبيرة من التقاليد الإنسانية والقيم الأخلاقية التى اعتمدت عليها مصر وأضحت رمزًا لها وتعبيرًا عنها، لذلك فإن مصر ليست دولة صغيرة العمر أو قليلة الخبرة أو محدودة التجربة، وأنا لا أجد مبررًا على الإطلاق لحالة الغضب التى سادت عندما لم نحصل على منصب مدير عام اليونسكو، فالمناصب الدولية تخضع لانتخابات تحكمها ظروف لا تخفى على أحد، ولا يمكن التعميم بشأنها حتى نرى أن الأمر فادح أو خسارة كبيرة، فمصر هى مصر فى النهاية ومرشحوها من أبنائها يمثلون نمطًا متميزًا من الموارد البشرية فى العالم العربى، ولكن الشىء الذى يدعو إلى الأسف هو انعدام قدرة العرب حتى الآن على اختيار واحد أو الاجتماع حول شخصية بذاتها، فالقُطرية تنهش فى أوصال الأمة والأجندات المتضاربة تعصف بوحدة الصف بعد أن عصفت من قبل بوحدة الهدف.

ثانيًا: إن مصر، التى احتفلت فى السنوات الأخيرة بمرور ما يقرب من مائة عام على كثير من مظاهر الحياة الحديثة فيها بدءًا من السينما مرورًا بميلاد بنك مصر، وصولًا إلى نشأة شركة الطيران، إن البلد الذى يمتد عمره إلى طفولة التاريخ لابد أن يمسك فى الوقت ذاته بأدوات التغيير أمامه، ولا ننسى أن فى مصر مدارس مهنية وأخرى حرفية، فلدينا مدرسة القضاء المصرى، ومدرسة المحاماة، ومدرسة الطب، والمدرسة الدبلوماسية وغيرها، أما على المستوى الحرفى فإن لدينا المدارس التى تولدت عن حرف محددة مثل عمال (الدريسة)، ونقصد بهم العاملين فى قطاع السكة الحديد، ومدرسة الرى لخبراء المياه الذين يعملون على شاطئ النيل من منبعه إلى مصبه باسم الدولة المصرية، ولذلك لم تبخل مصر بتقديم خبراتها إلى الأشقاء والأصدقاء عبر دورة الزمان واختلاف المكان وتنوع السكان.

ثالثًا: إن لمصر مكانة ذات خصوصية فى العقل الجمعى البشرى برمته، إذ إن حضارتها الفرعونية الملهمة قد وضعتها فى إطار له بريقه وتأثيره بحيث تبدو المقارنة معها فى غير محلها، كذلك فإن الإهمال فى نوعية من يتصدون للعمل العام هو جريمة فى حق الشعب والمجتمع، كما أن أكثر ما يؤلمنى أن كثيرًا من المصريين لا يرتفعون إلى مستوى الدولة ومكانتها الرفيعة.

لقد أردت من هذه الشواهد أن أقول كلمة واحدة وأرددها دائمًا (لا يجب أن تكون مصر أبدًا بلد الحسابات الخاطئة أو الفرص الضائعة)!.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر تراكم التقاليد والقيم مصر تراكم التقاليد والقيم



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 العرب اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab