اعترافات ومراجعات ٧٣ الأناقة الفكرية رفعت المحجوب نموذجًا

اعترافات ومراجعات (٧٣).. الأناقة الفكرية.. رفعت المحجوب نموذجًا

اعترافات ومراجعات (٧٣).. الأناقة الفكرية.. رفعت المحجوب نموذجًا

 العرب اليوم -

اعترافات ومراجعات ٧٣ الأناقة الفكرية رفعت المحجوب نموذجًا

بقلم: مصطفي الفقي

أعترف بداية أننى تأثرت كثيرًا بشخصية أستاذى الدكتور رفعت المحجوب منذ العام الدراسى الأول فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية (١٩٦٢/١٩٦٣)؛ وذلك لعدة أسباب أولها أننى حفىٌّ بسلامة اللغة وتألق الأداء ووجود خلفيةٍ فكرية محسوسة وراء العبارات التى ينطق بها المحاضر.

وقد كان رفعت المحجوب رحمه الله يشرح القضايا الفكرية والمسائل الاقتصادية بلغةٍ عربية رشيقة ويطرح أفكارًا عميقة؛ حتى إن المحاضرة فى مبادئ علم الاقتصاد كانت تبدو كمعزوفة موسيقية يصدح بها الدكتور المحجوب مكررًا الفكرة عدة مرات بتركيبة لغوية مختلفة ورؤى جذابة يطرح بها أفكارًا جديدة تشد الطلاب المستمعين وتجعلنا ننسى أننا فى محاضرة تعليمية بل نحسب أننا فى جلسة تثقيفية حرة.

انظر إلى الدكتور المحجوب رحمه الله وهو يفسر التعريف الأدق لعلم الاقتصاد فيتحدث فقرة عنه باعتباره علم الندرة، ثم يكمل عليه بأنه علم الثروة، ثم يضيف إليه أنه علم الضرورة لينتهى بالتعريف باعتبار أنه علم الخيارات الصعبة للحاجات المتعددة، وهو فى كل ذلك يصول ويجول باعتباره أستاذًا لفلسفة الاقتصاد وليس معلمًا لفرع من فروع العلوم الاجتماعية.

بالإضافة إلى أناقة الملبس واحترام الذات خصوصًا أننى عايشته طالبًا مبتدئًا ثم شابًا يمارس عملاً فى التنظيمات السياسية لذلك العصر، التى كان المحجوب واحدًا من فرسانها، ومازلت أتذكر كلمته أمام المؤتمر الوطنى للقوى الشعبية عندما كان هو والدكتور لبيب شقير ومعهما د.طعيمة الجرف يتنافسون أمام الرئيس عبد الناصر على إثبات الولاء وفهم معنى الاشتراكية العربية، يدفعهم جموح الشباب إلى الاستئثار باهتمام زعيم الأمة، آملين أن يجرى اختيارهم وزراء.

ولقد سمعت الدكتور المحجوب فى إحدى خطبه يقارن بين الميثاق الوطنى والماجنا كارتا فى التاريخ السياسى البريطانى، ولكن وقع اختيار عبد الناصر على الدكتور لبيب شقير ليكون نائبًا لوزير التخطيط ثم يصعد السلم الذى سوف يصعده أيضًا زميله ورفيق دراسته رفعت المحجوب فيما بعد، وهو الذى تقلب فى مناصب عدة منها سكرتير أول اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى، ومنها ذلك المسار البرلمانى لرئاسة مجلس الأمة الذى أصبح اسمه مجلس الشعب منذ حركة مايو التصحيحية التى أراد بها الرئيس الراحل أنور السادات أن يعبد الطريق لمرحلة جديدة من الحياة العامة والسياسة الوطنية فى مصر.

والملاحظ هنا أن كلاً من لبيب شقير ورفعت المحجوب ترأسا البرلمان المصرى فى مرحلةٍ معينة؛ الأول وهو مجلس للأمة، والثانى وهو مجلس للشعب، وأتذكر جيدًا أن أول عملٍ كلفت به عند التحاقى بمؤسسة الرئاسة هو أن أعد مسودة خطابٍ كامل للرئيس الراحل مبارك فى افتتاح الدورة البرلمانية عام ١٩٨٣، وقد كان الدكتور الباز رحمه الله يمر بوعكة صحية فآلت إلىّ مسؤولية إعداد ذلك الخطاب وحدى.

وكانت بداية تعرفى بالرئيس مبارك عند تقديم مسودة الخطاب إليه ومناقشته فى ملاحظاته عليه، وبدأ الرئيس يبحث عن رئيس جديد للمجلس خلفًا للفقيه الراحل صوفى أبو طالب، فاستقر رأيه على الدكتور كامل ليله الأستاذ بحقوق عين شمس الذى أمضى فى الموقع الجديد عامًا واحدًا ثم جرى تعيين رفعت المحجوب عضوًا فى البرلمان ثم مرشحًا لرئاسته، إلى أن رأى الرئيس أنه من قبيل المواءمة السياسية يجب أن يكون رئيس مجلس الشعب منتخبًا من أعضاء المجلس وليس معينًا فيه، فخاض الدكتور المحجوب أول انتخابات برلمانية وفاز فيها ليكتسب الشرعية الكاملة لوضعه الجديد.

وقد برز الأستاذ الراحل كنموذج للمفكر المثقف والفقيه القانونى والاقتصادى اللامع فأصبحت له شعبية كبيرة داخل المجلس وخارجه، مدافعًا عن الفقراء منددًا بالقطط السمان، وقد كان الرجل واعيًا بالتاريخ السياسى فقال لى عام ١٩٧٧ عندما حصلت على الدكتوراة «لا تندهش إذا رأيتنى أكتب فى نفس موضوعك فأنا معنىٌّ بسياسة حزب الوفد»، ومازلت أتذكر يوم جنازة محمد صبرى أبو علم سكرتير عام حزب الوفد بعد مكرم عبيد، وكيف كان الهتاف يومها هو (اشكى الظلم لسعد يا صبرى)، فكأنهم يحمّلون الوفدى الراحل رسالة إلى زعيم الوفد احتجاجًا على أوضاع الحزب فى ذلك الوقت.

.. هذه لمحات من سيرة عطرة لقدوة فكرية وعلامة فقهية فى التاريخ الأكاديمى للعلوم الاجتماعية فى بلادنا، أسوقها احترامًا لذلك الرجل وتقديرًا لذكراه، ومازلت متأثرًا بأناقة عباراته وروعة أفكاره وجمال أسلوبه، لاعنًا تلك الرصاصات الغادرة التى وجهها إليه إرهابيون وهو فى سيارته، حيث ظنوا أن موكبه هو موكب وزير الداخلية الذى كانوا يريدون استهدافه، وهكذا شاءت الأقدار أن تكون تلك النهاية المأساوية لرجلٍ مسالم وسياسى لامع رحمه الله.

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعترافات ومراجعات ٧٣ الأناقة الفكرية رفعت المحجوب نموذجًا اعترافات ومراجعات ٧٣ الأناقة الفكرية رفعت المحجوب نموذجًا



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 العرب اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab