عن قرب

عن قرب

عن قرب

 العرب اليوم -

عن قرب

مصطفي الفقي

قد لا يعرفه الناس إلا بأنه والد الفنان المبدع صاحب الأدوار المركبة نبيل الحلفاوى، ولكن للدكتور محمد الحلفاوى الأب قيمة أكاديمية رفيعة ومكانة إنسانية عالية، فقد عرفته لسنوات أربع عندما كنت سفيراً لمصر فى العاصمة النمساوية ومندوباً لها لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمات الأمم المتحدة الأخرى هناك، فكان محمد الحلفاوى هو كبير الجالية المصرية هناك بعد أن تقاعد من عمله فى منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)، وتفرغ لخدمة الناس ومساعدة من يحتاجه، وكنت أزيّن به جلساتنا الرسمية ومناسباتنا الوطنية، فالرجل كان صندوق ذكريات ثرياً، رفاقه هم الكبار من أمثال إبراهيم حلمى عبدالرحمن، مؤسس منظمة اليونيدو، والمشارك فى إنشاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومصطفى طلبة، الأب الشرعى لمنظمة الأمم المتحدة للبيئة، وزكى شافعى، مؤسس كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وأستاذى الذى اقتربت منه كثيراً وتعلمت منه دائماً، والذى كان شقيقاً لزوجة الدكتور الحلفاوى، وهؤلاء العلماء الثلاثة كانوا وزراء فى الحكومات المصرية، وما أكثر ما سعى الدكتور الحلفاوى إلى السفارة فى «فيينا» يعطى رأياً أو يقدم نصيحة أو يستجيب لمشورة، فهو يعرف النفس البشرية عن عمق، ويدرك قيمة الأجيال المختلفة، كما كان معطاءً أجزل فى التبرعات لكليات العلوم فى دمياط والمنصورة، وكانت عينه دائماً على وطنه وقلبه مع مشكلاتها المعقدة، وقد أعانته فى سنوات عمره الأخيرة زوجته النمساوية التى كانت حريصة على صحته وطريقة غذائه، وكان ذلك الرجل العملاق ـ شكلاً وموضوعاً ـ يسعى إلى المصحات بعدما جاوز الثمانين، يخضع لأساليب علاجية طبيعية يستعيد بها لياقته ويلتقى برفاقه من أصدقاء العمر، وكان أصغرهم سناً هو الدبلوماسى الوطنى الكبير عبدالرؤوف الريدى سفير مصر الأسبق فى الولايات المتحدة الأمريكية، ثم يعود إلينا فى العاصمة النمساوية بحصيلة من الذكريات والمعلومات والأخبار العامة، فقد كان الرجل صاحب رؤية شاملة يعرف فى السياسة مثلما يعرف فى فروع العلوم المختلفة، معتزاً بابنه الفنان المرموق متحدثاً عن أحفاده الذين يزورهم فى القاهرة كلما سنحت الفرصة، وعندما عدت إلى القاهرة عام 1999 فاجأنى ذلك الرجل الكبير عمراً ومقاماً بزيارة لمكتبى وسط العاصمة المصرية، وقال لى إنه افتقد أحاديثنا بعد انتهاء خدمتى فى «فيينا» فتأثرت كثيراً وفرحت بقدومه، وأنا أرى أن الرجل كان عصراً كاملاً يمشى على قدمين وعقلاً متقداً لم تؤثر فيه سنوات العمر ولا خطوب الزمان ولا ندوب الأحداث، وقد أهدانى يومها مجلداً ضخماً صدر بالإنجليزية عن أهم أحداث القرن العشرين بمناسبة نهاية ذلك القرن الذى شهد خليطاً مروعاً من الدماء والدموع والعرق فى حربين عالميتين، على حد تعبير السياسى البريطانى الداهية ونستون تشرشل، وسوف تظل ذكرياتى مع ذلك الرجل الذى رحل عن عالمنا فى فبراير 2014 وقرأت نعيه فى صحيفة الأهرام، فشعرت أن صفحة من عمرى قد طويت، وأن فصلاً رائعاً من ملف الشخصيات المصرية قد لملم أوراقه واستأذن فى الانصراف، ولا أستطيع أن أقول إنه رحل مبكراً ولكن للرحيل لوعة فى كل الأحوال، فالدكتور محمد الحلفاوى واحد من رعيل العلماء المصريين الذين شرفوا الوطن فى المنظمات الدولية وأضافوا للكنانة نجوماً لامعة فى سمائها متألقين فى اجتماعات المحافل العالمية والدوائر العلمية. إننى إذ أكتب عنه اليوم فإننى أقدم قدوة رائعة أمام شبابنا لعلهم يجدون فيها ما يدعو إلى الرضا فى هذه الظروف الصعبة التى يمر بها الوطن والمحنة التى تجتازها الأمة المصرية، والتى لا أشك فى أنها سوف تجتازها فى أقرب وقت لتطل على الدنيا من جديد وتقدم أفضل ما لديها من رجال مثل الدكتور محمد الحلفاوى الذى أعطى كثيراً ثم غاب أخيراً.. رحمه الله.

arabstoday

GMT 09:25 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

دولار ترمب

GMT 09:23 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

لغز اليمن... في ظلّ فشل الحروب الإيرانيّة

GMT 09:21 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

هزيمة "حماس" لا تعني تجاوز الشعب الفلسطيني

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

صدمة ترامب

GMT 09:17 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مهنة البحث عن «الاحتراق»

GMT 09:15 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

صراع التيك توك

GMT 09:02 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

وعد ترمب ووعيده من المناخ للصحة

GMT 08:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

... أن يقتل السوريّون واللبنانيّون عجولَهم الذهبيّة الثلاثة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن قرب عن قرب



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب
 العرب اليوم - أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 11:30 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 05:22 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

تحالفاتُ متحركة

GMT 05:57 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 04:01 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 6 درجات يضرب تايوان ويخلف 15 مصابا

GMT 13:20 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

كريم عبد العزيز يتّخذ قراره الأول في العام الجديد

GMT 13:09 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

بعد 22 عاما محمد سعد يكشف سرّاً عن فيلم "اللي بالي بالك"

GMT 13:16 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

محمد منير يواصل التحضير لأعماله الفنية في أحدث ظهور له

GMT 08:47 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

جائزة هنا.. وخسارة هناك
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab