مجلس الشيوخ

مجلس الشيوخ

مجلس الشيوخ

 العرب اليوم -

مجلس الشيوخ

مصطفى الفقي

وهبنى الله فضيلة الاعتذار عن الخطأ والتراجع عن المضى فيه إذا أنار الله بصيرتى وجعلنى أدرك جوانب أخرى للحقيقة ترتفع بى عن مستوى الجدل الشخصى إلى الحوار الموضوعى وأنا أقر اليوم بأن «مجلس الشيوخ»ـ التسمية البديلة المنتظرة فى الدستور الجديد «لمجلس الشورى السابق»ـ كان ضرورة كما أن الوقوف ضد استمراره لم يكن قراراً حكيماً، وكان قراراً متسرعاً سببه دور «مجلس الشورى السابق»، وعلاقته الملتبسة بالصحافة، ودوره المحدود فى التشريع والرقابة، ولكننى أعود اليوم لكى أقول إن «مجلس الشيوخ» كان سيحدث توازناً فى الحياة السياسية الراهنة بعد أن رأيت التكالب على عضوية «مجلس النواب» بصورة تقترب من ظاهرة «الأوكازيون السياسى» أكثر من الاختيار الموضوعى، ولقد كانت وجهة نظر السيد «عمرو موسى»ـ رئيس لجنة الخمسين- الإبقاء على «مجلس الشورى» تحت مسمى «مجلس الشيوخ»، ولكن فريقاً كبيراً كان يعارض ذلك من داخل اللجنة وخارجها، وكنت أحدهم ولم يكن ذلك فى رأيى الآن موقفاً موفقاً، ولعلى أبسط أسباب التحول فى الرأى الذى طرأ علىَّ شخصياً وعلى غيرى فى الأسابيع الأخيرة من خلال الملاحظات التالية:

أولاً: إن وجود «مجلس الشيوخ» سوف يسحب جزءاً من الضغط غير المبرر على قوائم «مجلس النواب» ومقاعده الفردية ويعطى فرصة ثانية للبعض لكى يتحولوا عنه ويتركوا للشباب والشرائح العمرية الأقل مقاعد «مجلس النواب» وليس يعنى ذلك أن كبار السن يتركزون فى «مجلس الشيوخ»، وأن الشباب يسيطرون على «مجلس النواب» إذ إن حقيقة الأمر هى وجود العنصرين معاً فى كل منهما مع سيطرة نسبية للشباب فى «مجلس النواب»، وتواجد أكبر لأصحاب الخبرة الطويلة والأعمار المتقدمة فى «مجلس الشيوخ»، وليس ذلك بدعة فهو أمر معمول به فى كثير من الدول خصوصاً البرلمانية مثل «بريطانيا» و«الهند»، وأيضاً فى بعض الدول الرئاسية أو شبه الرئاسية مثل «الولايات المتحدة الأمريكية» و«فرنسا»، أى أن الأمر معمول به فى ظل النظامين البرلمانى والرئاسى.

ثانياً: كنت أتوهم أن وجود المجلسين يرتبط أكثر بالدول المركبة- فيدرالية أو كنفيدرالية- ولكن ثبت أن ذلك ليس تصنيفاً دقيقاً فالحاجة إلى وجود مجلسين لا ترتبط بطبيعة الحكم المحلى وأسلوب إدارة البلاد فى كل الأحوال بل هى ترتبط أحياناً بحجم السكان وأحياناً أخرى بضرورة الحد من حجم العضوية فى «مجلس النواب» بحيث يقف عند مستوى الأربعمائة عضو أو ما يزيد قليلاً على نحو يسمح له بالعمل الجاد، وعلى اعتبار أن الفائض المطلوب سوف يجد قناة أخرى للتعبير فى «مجلس الشيوخ أى أنه من «الناحية اللوجستية» البحتة فإن وجود مجلسين أفضل لكفاءة العمل وإنجاز التشريعات وإحكام الرقابة.

ثالثاً: إن نظام المجلسين يعطى الفرصة أحياناً لمراجعة أكثر دقة لبعض القوانين خصوصاً تلك «المكملة للدستور» ويوزع العبء ولو بنسبة غير متساوية على اعتبار أن «مجلس النواب» يملك من الصلاحيات أكثر من «مجلس الشيوخ» الذى يعتبر تعبيراً عن السيادة وشخصية الدولة وتمثيل طبقاتها أكثر منه مطبخاً يومياً للتشريع والرقابة فوجود «مجلس الشيوخ» يمكن أن يكون مصدراً للتوازن الحقيقى فى الحياة السياسية، ويلعب دوراً فاعلاً فى التعبير عن الرأى العام، ويفتح مجالاً واسعاً لجلسات الاستماع، ويمتص بحكم تكوينه جزءاً كبيراً من موجات الغضب وانفعالات الشباب نظراً لوجود بعض الخبرات فيه من حكماء الأمة بين أعضائه.

رابعاً: من المتوقع أن يمارس «مجلس الشيوخ» دور التهدئة فى حالة الأزمات الدستورية بين رئيس الدولة و«مجلس النواب» خصوصاً فى حالات سحب الثقة من الحكومة والصراع المحتمل فى هذه الحالة بين مؤسسة الرئاسة ومؤسسة التشريع فمن المؤكد أن «مجلس الشيوخ» يمكن أن يلعب دوراً ملطفاً فى تلك الحالة لإحداث نوع من التوازن بين أطراف اللعبة السياسية ويحقق بالتالى قدراً كبيراً من استقرار السلطة والتغلب على الأزمات المتوقعة فى ظل الدستور الجديد.

خامساً: إن قضية نفقات «مجلس الشيوخ» والتى كنا نتخذها إحدى الذرائع باعتبارها عبئاً إضافياً على الميزانية لا تقارن بالعائد السياسى المنتظر منه خصوصاً إذا سلمنا بكثرة ما أهدرناه من أموال فى السنوات الأخيرة، وما جرى من سطو على المال العام عبر العقود الماضية، واضعين فى الاعتبار أن «مجلس الشيوخ» يمكن أن يعطى التمثيل النيابى ثقلاً شعبياً فى القرى والمراكز والمدن الكبيرة، لأنه قد يضم بعض أعيان الريف ووجهاء المدن بغية العمل المشترك من أجل الصالح العام.

إن حيوية الفكر السياسى تنبع من تجدده وقدرته على اكتشاف أخطائه وتجاوزه للدوافع الشخصية المحدودة من أجل المصلحة العليا للوطن، والفكر الذى لا يتجدد والرأى الذى يتجمد هو تعبير عن شخصية راكدة لا تملك شجاعة المراجعة ولا قوة الاعتذار خصوصاً فى ظل تطور الأحداث وظهور مستجدات كشفت عنها المراحل الأخيرة من الاستعدادات لانتخابات «مجلس النواب»، وأقول كما قال السلف الصالح «لقد أخطأنا وأصاب غيرنا»!

arabstoday

GMT 19:28 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

الفائزون فى 3 مباريات

GMT 10:57 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 10:55 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيديوهات غبية في هواتفنا الذكية!

GMT 10:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

«الداخلية» توضح دورها على طريق ديروط - أسيوط

GMT 10:50 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عراب كامب ديفيد.. الانقلاب على الإرث المر!

GMT 10:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محاكمة الساحرات

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجلس الشيوخ مجلس الشيوخ



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - يحيى الفخراني يختار التمثيل ويترك مهنة التدريس في كلية الطب

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab