مقهى ريش

مقهى "ريش"

مقهى "ريش"

 العرب اليوم -

مقهى ريش

مصطفى الفقي

مررت على «الديار» فإذا هى مظلمة لأول مرة، كأنها أطلال ذكريات طويلة لجزء عزيز على قلب الشعب المصرى كله، ذلك كان شعورى وأنا أمرق بسيارتى عائدًا من مكتبى بشارع «طلعت حرب» فى أمسية اليوم التالى لرحيل صاحب «مقهى ريش» بعد أن قمنا بتأبينه فى قاعة الكنيسة بحى «جاردن سيتى»، نعم لقد رحل «مجدى عبد الملاك»، ذلك الرجل الأسطورة الذى كان يقبع على مقعده فى مدخل المقهى يتأمل القادمين والذاهبين، ويعرف قدر الأدباء والفنانين، وقيمة العلماء والمفكرين، ولقد عكست كلمات الصفوة من مثقفى «مصر» فى قاعة «الكنيسة» حزن الوطن على واحد من أبر أبنائه ولوعته على الرجل الذى غاب، لقد تحدث فى رثائه وزير الثقافة الأسبق «محمد صابر عرب» وعدد من الكتاب والفنانين، ورئيس اتحاد المراسلين الأجانب وهو ألمانى الجنسية مقيم فى «مصر» منذ عام 1955، وتحدثت أيضاً سيدات أجنبيات ومصريات، وعندما جاء دورى فى الحديث وجدت «مجدى عبد الملاك» أمامى وكأنه يستمع إلى ما أقول وهو يردد أحاديث الزمن الجميل من رجل لن يتكرر، لقد كان وطنيًا حتى النخاع، ومحاربًا جسورًا فى القوات الجوية المصرية، وملمًا بأدق تفاصيل حياة «مقهى ريش» بتاريخه الوطنى الثرى، ففى ذلك المكان أوت الجماعات الثائرة عام 1919 ومازالت «المطبعة القديمة» فى قبو المقهى شاهدًا على الدور الوطنى لذلك المكان العريق الذى كانت تطبع فيه المنشورات الوطنية السرية لثورة «سعد زغلول» وفى داخله هرب «عريان سعد»، بعد أن ألقى القنبلة على موكب «يوسف وهبه باشا» رئيس الوزراء، عندما رفض الأقباط توليه المنصب فى ذلك الوقت حتى لا تتكرر مأساة اغتيال «بطرس غالى باشا» ورأوا أن اختيار قبطى وطنى لممارسة تلك الجريمة سوف يعفى البلاد من فتنة طائفية محتملة، لقد كان «مجدى عبد الملاك» يجلس فى صدر المكان وهو يعرف كل رواده تقريبًا،

وحوله وثائق تاريخية نادرة لتاريخ الوطن وأحداثه وتسجيلًا رائعًا «للقاهرة الخديوية» فى المائة عام الأخيرة مع قصاصات صحف ومحاضر بوليس وإعلانات فنانين من النصف الأول من القرن الماضى، وقد كان يزين حوائط المكان من الداخل بصور عدد من مرتاديه الكبار وهم باختصار القمم فى مجالات الأدب والفن والعلم والفكر والسياسة ويعاونه رفيق عمره المهندس «عباس»، الذى أشرف على ترميم المكان وكان حارسًا لتراثه الأصيل وفى المقهى نادل شهير هو «فلفل» الذى يعمل فى ذلك المكان منذ عام 1943 حتى الآن ولقد رأيت وجه ذلك النوبى الأصيل وهو يلمع ببريق الحزن فى قاعة الكنيسة فلقد طويت صفحة رائعة من تاريخنا وسقطت واحدة من أجمل زهرات أجيالنا، ولم يقتصر ذلك المكان أبدًا على اتجاه سياسى بعينه بل كان مفتوحًا لذوى الرأى الحر رغم ارتباط اليسار المصرى به ولقد رأيت الشاعرة العربية المعروفة «ميسون القاسمى» ابنة البيت الحاكم فى «الشارقة» وهى تتردد على المكان وتستقبل بحفاوة واحترام حتى إنها أعدت وثيقة تاريخية مذهلة عن تاريخ المكان ورواده عبر قرن كامل من الزمان، ولا أنسى بريق عينى «مجدى عبدالملاك» فى العام الماضى ونحن نتعشى معًا حين سألته عن سر سعادته الزائدة وسروره الواضح فى تلك الأمسية فقال لى لأن «سعد» معنا فى المقهى وكان يقصد الكاتب الكبير الراحل «سعد هجرس» الذى كان يودع الحياة فى تلك الأيام حيث مضى إلى رحاب ربه بعد تلك الزيارة الأخيرة «لمقهى ريش» بأيام معدودة.

arabstoday

GMT 19:28 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

الفائزون فى 3 مباريات

GMT 10:57 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 10:55 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيديوهات غبية في هواتفنا الذكية!

GMT 10:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

«الداخلية» توضح دورها على طريق ديروط - أسيوط

GMT 10:50 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عراب كامب ديفيد.. الانقلاب على الإرث المر!

GMT 10:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محاكمة الساحرات

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقهى ريش مقهى ريش



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - يحيى الفخراني يختار التمثيل ويترك مهنة التدريس في كلية الطب

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab