الأيدي الناعمة

الأيدي الناعمة

الأيدي الناعمة

 العرب اليوم -

الأيدي الناعمة

عمرو الشوبكي

هناك بعض الشباب فى مصر تعلم تعليما جيدا، وأتيحت له فرصة السفر إلى الخارج ليكمل تعليمه وينال أعلى الدرجات العلمية، وبعضهم بقى هناك، وبعضهم عاد لمصر، ومع ذلك قرر كثير منهم الانسحاب من الشأن العام ويبدون ألف رأى وحجة تبرر عدم مشاركتهم.

يقينا الأمر ليس له علاقة فقط بالانتخابات الحالية وبوجود تيار من الشباب مقتنع بالمقاطعة، ويرى أن الظرف السياسى الحالى سيؤدى إلى برلمان مشوه، يقابله رأى آخر (أدعمه) يرى أن تقدم أى بلد يعتمد على قدرة التيارات السياسية على خوض معركة المساحات فبقدر نجاحها فى البناء والإنجاز تستطيع أن تجد لها مكانا تحت الشمس أو تحت قبة البرلمان، طالما لا يوجد تزوير فى الصناديق كما كان يجرى قبل ثورة يناير.

وإذا كان البعض يعتبر مقاطعة الانتخابات موقفا نضاليا فهو مخطئ لأنها لا تحتاج إلى أى مجهود إلا مجرد كلمتين على الفيس بوك للتأكيد على مساوئ الوضع السياسى أو القول بأن الشعب جاهل ولا يستحق أن نثور مرة أخرى من أجله وغيرها من باقى الأسطوانة المشروخة.

صحيح أن المقاطعة حرية شخصية، ولا يجب أن يجبر أحدا على الإدلاء بصوته بغرامة أو يغيره، وهى موقف طبيعى فى النظم السياسية الديمقراطية أو التى ترغب فى أن تكون ديمقراطية، إلا أن المشكلة فى العزوف الكامل عن المشاركة فى الشأن العام: لا حزب سياسى ولا جمعية أهلية ولا جهد يبذل مع بسطاء الناس ولا حرب على الأمية إنما فقط تحميل النظام السياسى مسؤولية كل شىء (وهو يقينا مسؤول) إلا أنه إذا لم ينجح المجتمع وفى قلبه الشباب على تقديم بدائل مضيئة لكل الظلام الذى يرونه لن يتقدم هذا البلد خطوة للأمام.

يقينا هناك ملايين الشباب لم يحبط بعد ولايزال يحاول إلا أن هناك قطاعا ملفتا من بين الشباب الأفضل تعليما انفصل تماما عن واقع مجتمعه واكتفى بنقد أوضاع سياسية واجتماعية قائمة ولم يحاول أن يغير جانبا واحدا منها.

كثير من هؤلاء تجده متنقلا بين كل بلاد العالم يتكلم لغات أجنبية بطلاقة ويستحق أن يدعو فى مؤتمرات دولية لأنه بالفعل تعلم وأصبح جزءا من أنشطة جامعات عالمية كثيرة، وحين تقول له هل ستشارك فى الانتخابات هل ستدعم مرشحا أو حزبا؟، سيقول لك الرد المريح: مقاطع.

الرد أو النضال المريح غير مكلف، وأن نظرية السلطة هى السبب، لها أسبابها لدى البعض، ولكنها لدى البعض الآخر من أصحاب الأيادى الناعمة هى حجة لعدم اتساخ الأيادى بتراب الشارع ولا عرق الكادحين.

بعض هؤلاء يقول لك كلاما ثوريا وهو متنقل بين عاصمة غربية وأخرى وتقول له هل جربت أن تغير الواقع دون أن تتظاهر حتى تتقى شر قانون التظاهر؟ سيقول لك لا، هل حاولت أن تبنى مشروعا سياسيا إصلاحيا رغم الظروف الصعبة؟، هل قمت بمبادرة أهلية واحدة تعطى أملا لغيرك؟ الإجابة كانت دائما لا.

الأيدى الناعمة طاقة كبيرة مهدرة يتحمل السياق السياسى والاجتماعى جانبا كبيرا من مسؤولية انسحابهم إلا أن عزلة البعض وتشدد خطابهم، ونقدهم لأوضاع سياسية لم يحاولوا تغيرها وسخريتهم من واقع مجتمعى أليم جعلهم غير قادرين على التأثير فى بلدهم، وأخشى أن بعضهم اختار هذا الخيار المريح لأنه بلا تكلفه خاصة بعد أن أمن حياته فى جامعة عالمية مرموقة أو مركز أبحاث كبير فيكون النضال المريح هو الحل للأيدى الناعمة.

arabstoday

GMT 02:48 2025 الثلاثاء ,29 إبريل / نيسان

إنهاء الهيمنة الحوثية

GMT 02:45 2025 الثلاثاء ,29 إبريل / نيسان

عبد الناصر يدفن عبد الناصر

GMT 02:43 2025 الثلاثاء ,29 إبريل / نيسان

الإنسانية ليست استنسابية

GMT 02:42 2025 الثلاثاء ,29 إبريل / نيسان

معركة استقرار الأردن

GMT 02:39 2025 الثلاثاء ,29 إبريل / نيسان

الشرق الأوسط والاستثمار في منطق الدولة

GMT 02:37 2025 الثلاثاء ,29 إبريل / نيسان

قصة الكنز العظيم (1)

GMT 02:33 2025 الثلاثاء ,29 إبريل / نيسان

شخصية مصر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأيدي الناعمة الأيدي الناعمة



ميريام فارس تتألق بإطلالات ربيعية مبهجة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:01 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

استشهاد 70 شخصًا فى قطاع غزة خلال 24 ساعة

GMT 00:58 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

أوغندا تعلن السيطرة على تفشي وباء إيبولا

GMT 01:04 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

قصف مبنى في ضاحية بيروت عقب تحذير إسرائيلي

GMT 02:57 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

الطيران الأميركي يستهدف السجن الاحتياطي

GMT 20:28 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

أخطاء شائعة في تنظيف المرايا تُفسد بريقها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab