التهنئة بعيد الميلاد المجيد

التهنئة بعيد الميلاد المجيد

التهنئة بعيد الميلاد المجيد

 العرب اليوم -

التهنئة بعيد الميلاد المجيد

عمرو الشوبكي

عيد ميلاد جديد وسعيد على المصريين جميعهم، مسلمين ومسيحيين، وتهنئة من القلب لكل مسيحى مصرى وعربى يحتفل فى هذا اليوم بعيد الميلاد، رغم أنف التعصب والكراهية والإحباط.

يقيناً أن العلاقة بين المسلمين والمسيحيين لم تكن دائما فى أفضل حال، وصحيح أن الأغلبية تتحمل مسؤولية أكبر من الأقلية فى بث الطمأنينة والسكينة والثقة فى نفوس الجميع، إلا أنه من المؤكد أن مشاركة المسيحيين المصريين فى ثورتى يناير ويونيو- وخروج كثير منهم من العزلة عن قضايا الوطن لصالح الانغماس فى همومهم الدينية الخاصة- قد مثلت بداية تحول كبير فى إخراج طاقة الوطنية المصرية الكامنة فى نفوسهم «مثل كل المصريين الطبيعيين»، من أجل الثورة على حكم الإخوان وإسقاطهم.

ورغم التحول الإيجابى الكبير، الذى أعقب 30 يونيو، فى علاقة المسلمين بالمسيحيين ومشاركتهم فى كل الاستحقاقات السياسية، فإنه ظل هناك مَن يستهدفهم داخليا وخارجيا لذلك، ويمارس ضدهم صورا مختلفة من التعصب والكراهية، بدأت بالفتوى بعدم تهنئة المسيحيين بالعيد وانتهت إلى حد القتل على الهوية الدينية، كما جرى فى ليبيا بحق 21 مواطنا مصريا مسيحيا، وبعدها أسرة مصرية مسيحية أخرى من 5 أفراد وغيرهم.

أذكر أنى كتبت، فى بداية العام الماضى عقب قتل 21 مصريا فى ليبيا، مقالا تحت عنوان: «إرهاب القَتَلة والمجرمين»، أن هناك فارقا كبيرا بين رد فعل العالم الذى انتفض فى مواجهة جريمة قتل 12 فرنسيا، معظمهم من صحفيى «شارلى إبدو»، وبين رد الفعل الباهت، عقب جريمة قتل 21 مواطنا مصريا مسيحيا، فالغرب اعتاد أن يدين الإرهاب الذى يحدث فى بلادنا، مصحوبا دائما بكلمة «لكن»، وعادة ما حاول أن يبتزنا بخيارات سياسية لا نريدها، باعتبارها هى الطريق لمكافحة الإرهاب، وأحسنت مصر أنها لم تلتفت إلى نصائح الأمريكيين فى المساومة على بقاء الدولة الوطنية المصرية، عقب 3 يوليو، ورفضت أن تخضع لابتزاز العنف والإرهاب، وبقيت واقفة على أقدامها، رغم قسوة التحديات الداخلية والخارجية، ونضيف الآن: وسوء الأداء، وتراجع المهنية، حتى لا نقول انهيارها، «لأننا فى عيد».

جريمة ليبيا صادمة وبشعة وحقيرة ليس فقط لأنها استهدفت 21 إنسانا، إنما لأنها قتل على الهوية الوطنية والدينية، لأن فى مصر مسيحيين رفضوا حكم الجماعة، ولم يخافوا من رفع صوتهم الوطنى فى مواجهة مشاريع الحماية الأمريكية، وحافظوا على الدولة المصرية فى مواجهة مشاريع الهدم والتفكيك التى استهدفت دولًا عربية كثيرة، وعلى رأسها العراق.

هناك مَن يحاول معاقبة العالم العربى كله، ويقتل كل يوم إنسانيتنا، فمن مشهد حرق الطيار الأردنى حياً حتى مشهد ذبح 21 مصريا، تأكد بما لا يدع مجالا للشك أن هناك مَن وصلوا فى منطقتنا العربية إلى درجة من التدهور والانهيار النفسى والإنسانى مُرعِبة.

يقينا الجميع ضحايا الإرهاب، كل الشعوب وكل الأديان، ويقينا أيضا أن الإرهاب خرج من كل المجتمعات والأديان، فحين تمسحت النظم الفاشية والنازية بالدين وقتلت ملايين البشر، لم يقل العقلاء منا إن العيب فى كل حضارة الغرب وفى المسيحية، واليوم نكرر نفس الشىء، فالعيب ليس فى جوهر الدين الإسلامى، إنما فى نظم ومجتمعات تعانى الأمية والاستبداد والفقر والتهميش، أنتجت هؤلاء الإرهابيين الذين استهدفوا الجميع، وخصوا المسيحيين بجانب كبير من الكراهية والتعصب والإرهاب.

والحقيقة أن الإرهاب لم يكن فقط إرهابا ماديا بالقتل والحرق، إنما وصل أيضا إلى إرهاب لفظى بغيض، فهل كنا نتخيل- منذ نصف قرن فقط- أن يأتى اليوم الذى تصبح فيه تهنئة المسيحيين بالعيد مشكلة يختلف عليها البعض، وتُثير فتاوى البعض الآخر بالتحريم والمنع تساؤلات لا تُطرح إلا فى بلادنا، ولا نجد فى الدنيا أحدا يناقش مثل هذه الأمور الخارجة عن المنطق والعقل؟!

أما نحن فلدينا نوعية من رجال الدين ومن الحركات السياسية والدينية المتعصبة، التى تتفنن فى إلغاء نعمة العقل وطرح كل ما هو شاذ وخارج عن أى منطق دينى أو أخلاقى أو عقلى، فهل تهنئة المسلمين للمسيحيين بالعيد تعنى الإيمان بعقيدتهم، وهل تهنئة المسيحيين المصريين لشركائهم فى الوطن من المسلمين تعنى أنهم يؤمنون برسالتهم؟ بالتأكيد ليس مطلوبا من أحد أن يؤمن برسالة الآخر، إنما المطلوب منه فقط أن يحترمها ويجامل أبناءها بالكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة.

كيف يأمرنا الإسلام بالحفاظ على دور العبادة المسيحية، ويطالبنا بضرورة صون ممتلكاتهم «لهم ما لهم وعليهم ما علينا»، ثم يحرم البعض أن نقول لهم كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد الميلاد المجيد أو غيره من الأعياد؟! كيف يستقيم عقلا ومنطقا- قبل أن يكون دينا أو أخلاقا- أن نحرم المسلمين المصريين من أن يقولوا لإخوانهم المسيحيين: كل عام وأنتم بخير، وعيد سعيد، ونتمنى لهم الخير والسعادة كما نتمناهما للإنسانية كلها، فما بالنا بشركاء الوطن؟!

إن افتعال قضية من هذا النوع مؤذٍ للعقل قبل المشاعر، وإن مشاركة المسيحيين فى أعيادهم واجب إنسانى على كل مصرى وعربى ومسلم، فكيف لا تُهنئون شركاءكم فى الوطن بالعيد؟! تعمدوا تهنئة المسيحيين بالعيد، حتى تختفى أصوات التعصب والكراهية من مجتمعاتنا.

وكل عيد والمسيحيون المصريون بخير، وكل عيد ونحن جميعا بألف خير.

arabstoday

GMT 19:26 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

مواعيد إغلاق المقاهى.. بلا تطبيق

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

المطلوب

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

البابا فرنسيس والسلام مع الإسلام

GMT 19:23 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

الإحساس في كلام عبّاس

GMT 19:23 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

خيار الفاتيكان القادم: الكرازة أم التعاليم؟

GMT 19:21 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

السوداني والإخوة الحائرون

GMT 19:21 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

... والجامعيون أيضاً أيها الرئيس!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التهنئة بعيد الميلاد المجيد التهنئة بعيد الميلاد المجيد



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 17:37 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 04:47 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الجمعة 25 إبريل / نيسان 2025

GMT 17:02 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

صعود طفيف لأسعار النفط بعد انخفاض 2%

GMT 10:33 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

GMT 17:34 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بقايا «حزب الله» والانفصام السياسي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab