عمرو الشوبكي
أصدر ما سُمى المتحدث الإعلامى لجماعة الإخوان المسلمين بيانا فى ذكرى ثورة 25 يناير دلّ على حجم المأساة التى تعيشها الجماعة وعيشت فيها الوطن، ليس فقط بسبب كم الأكاذيب التى تضمنها، إنما أيضا بسبب هذا الادعاء الثورى لجماعة الإخوان المسلمين التى عرّفت نفسها بأنها جماعة محافظة وإصلاحية ترفض فى كل أدبياتها فكرة الثورة.
والمؤكد أن فى مصر قبل يناير ثوارا آمنوا بالثورة كأيديولوجيا وكهدف، وظلوا كذلك قبل وأثناء وبعد يناير، وكان فى مصر إصلاحيون ظلوا كذلك قبل وبعد ثورة يناير، حتى لو شاركوا فيها باعتبارها وسيلة اضطرارية وليست هدفا، وهناك النوعية الثالثة النادرة التى كان الإخوان أهم من يمثلها وهؤلاء رفضوا الثورة، وأعلنوا، فى بيان رسمى فى يناير 2011، رفضهم المشاركة فيها وراء «شوية عيال»، وقالوا إن الجماعة ليس من مبادئها فكرة الثورة ولا حتى التظاهر، ثم عادوا وتحولوا إلى ثوار بعد أن نجحت الثورة، ثم عادوا ثالثا وتحولوا إلى حكام متسلطين بعد أن وصلوا للسلطة، واتهموا من طالبوا بالنزول فى ذكرى ثورة يناير فى عهد مرسى بأنهم دعاة فوضى ومتآمرون ومخربون، ثم عادوا بعد أن أقصاهم الشعب عن السلطة ليتحولوا مرة ثانية إلى «ثوار أحرار» فى انتهازية غير مسبوقة فى حين أنه لو حافظت الجماعة على نفس مضمون خطابها السابق قبل 25 يناير لربما جعل الناس وهم يرفضونها يقدرون ثباتها على المبدأ وعلى ما جاء فى أدبياتها.
وقد جاء بيان الجماعة الأخير فى ذكرى ثورة يناير يُدرس فى الكذب والتدليس، وتضمن ما يلى:
«تحية إلى الثوار الأحرار فى شتى ربوع الوطن.. الذين خرجوا اليوم يتدافعون باسم الحق فى مواجهة الطغيان.. تحية إلى ثوار المطرية وبلطيم.. تحية إلى ثوار المعادى والمهندسين.. تحية إلى ثوار الإسكندرية والجيزة.. تحية إلى كل الثائرين فى صعيد مصر.
لقد نظم الثوار 350 فعالية ثورية فى 27 محافظة حتى كتابة هذه الكلمات، شارك فيها ما يقارب 700 ألف ثائر، خرجوا ليعلنوا فى الذكرى الخامسة لثورة يناير أن الثورة مازالت فى الميدان، وأن الحشود الهادرة لن تتراجع عن زحفها الثورى نحو وطن حر كريم أبىّ..
فاليوم نُرى العالم أجمع حراكا قويا مبهرا يعبر عن الحالة الثورية فى مصر بشكل حقيقى. أقول لكل الشرفاء والأحرار من أبناء شعبنا الأبى الذين مازالوا فى بيوتهم حتى الآن.. احتشدوا من أجل مصر.. احتشدوا من أجل كرامة هذا الوطن.. احتشدوا من أجل حقوق الشهداء.. احتشدوا من أجل كل صرخة داخل أقبية السجون.. احتشدوا من أجل كل فقير لا يجد قوت يومه.. احتشدوا من أجل كل أسرة تحلم برغيف الخبز.. احتشدوا بعيداً عن الخلافات الحزبية والرؤى السياسية.. فميادين الثورة أكبر من أى خلاف.. ودماء المصريين أغلى من أى طموح أو مطالب سياسية.. ولتكن أرضيتنا الثابتة هى عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية».
هل شاهد أى مصرى طبيعى، حتى من معارضى النظام الحالى، 700 ألف ثائر فى الشوارع؟ أكاد أجزم بأن المظاهرات التى نزلت لا يتجاوز عدد المشاركين فيها 750 شخصا وليس حتى 7 آلاف.
اللافت الذى يحتاج الجميع لتأمله هو أن بيان الإخوان لم يتحدث عن عودة مرسى و«الشرعية»، إنما ركز على مطالب سياسية بامتياز يبدو فيها أنها تجمع ولا تفرق، وهذا تحول لافت يحتاج إلى حديث آخر.