القوة السياسية قبل العسكرية

القوة السياسية قبل العسكرية

القوة السياسية قبل العسكرية

 العرب اليوم -

القوة السياسية قبل العسكرية

عمرو الشوبكي

قرار تشكيل القوة العربية العسكرية المشتركة جاء من حيث الشكل حماسياً، إلا أنه من حيث المضمون لن يغير شيئاً يذكر فى الواقع العربى وفى طبيعة التحالفات الحالية التى ستأتى القوة العربية المشتركة انعكاساً لها، فسواء كانت القوة العربية موجودة أم لا، فإن مصر كانت ستتضامن مع السعودية فى حربها ضد ميليشيات الحوثى، تماماً مثلما كانت الأخيرة ستتضامن مع مصر فى حربها ضد الإرهاب.

ومع تفهمنا تماماً أن أوضاع العالم العربى تحتاج فى جانب منها إلى حلول عسكرية لمواجهة خطر الإرهاب وبعض التهديدات الخارجية، فإن دول العالم التى قدمت تجارب نجاح حولنا من أوروبا إلى أمريكا الجنوبية، وعرفت بدورها خطر الإرهاب، (وإن بصورة أقل خطورة من عندنا)، لم تبدأ مشاريعها التنموية بقوة عسكرية مشتركة، إنما بدأت كما جرى فى أوروبا مثلا بتصور سياسى واقتصادى لوحدتها ومفهوم قوتها، وبعد سنوات طويلة اكتشفت أنها فى حاجة إلى قوة تدخل سريع، فأقامتها، وتحديدا عقب التدخل الأمريكى فى بلد أوروبى، أى البوسنة، وعجز أوروبا عن إنقاذه.

أوروبا التى بدأت وحدتها بالتوقيع على اتفاق تأسيس السوق الاقتصادية فى روما عام 1957، وضمت فى البداية 6 بلدان أوروبية فقط، تمكنت فى النهاية من بناء اتحاد أوروبى ضم 30 دولة، ومَثَّل قوة رئيسية فى العالم، بسبب قدراته الاقتصادية وإرادته السياسية وليس قوته العسكرية المشتركة.

إن التعليق البديهى فى أى مقارنة من هذا النوع هو أن الواقع العربى ليس مثل أوروبا، وهو يقينا صحيح، وأن بالتأكيد مشكلاتنا أكثر عمقاً والتهديدات التى تواجهنا كثيرة، وبعضها «وجودى»، إلا أن هذا لا يمنع أن العالم العربى على مدار أكثر من 60 عاما لم يكن فشله بسبب ضعف جيوشه أو بسبب عدم وجود قوة عربية مشتركة، إنما بسبب فشله فى التنمية والديمقراطية.

فقد عرف العالم العربى قوة مشتركة فى 1967، ورغم ذلك لم تَحُلْ دون هزيمته، بسبب سوء الإدارة السياسية والعسكرية وليس ضعف أو عدم شجاعة الجيوش، وعاد وبنى قوة ردع عربية مشتركة، لإنقاذ لبنان من الحرب الأهلية، فتحولت إلى سبب لاستمرارها، بعد أن سيطر عليها الجيش السورى.

وفى العراق وسوريا، لم تَحُلْ الجيوش القوية دون وقوعهما فى مآس كبرى حين وظف الجيش القوى فى العراق قادة حطموا بلادهم وجيوشهم فى حروب مدمرة، أو كما جرى فى سوريا حين حول بشار الأسد جيش الدولة إلى جيش النظام والطائفة.

نظرية أن القوة العسكرية المشتركة هى التى ستواجه التهديدات الداخلية والخارجية، وأنها هى وحدها القادرة على مواجهة الإرهاب، أمر غير صحيح، فدون امتلاك أى رؤية سياسية لمعرفة أسباب انتشار الإرهاب، (رغم وجود الجيوش القوية)، وغياب أى جهد لتحييد أو مواجهة البيئة الحاضنة له، فلن تنقذنا القوة العربية المشتركة.

القوة العسكرية المشتركة هى «تحصيل حاصل»، هى تجميع لما هو موجود بمثالبه وإيجابياته، فى حين أن العالم العربى ينتظر ماذا سنعمل فى ملف التعليم والأمية والصحة وتجديد الفكر والمؤسسات الدينية ووضع قواعد مهنية لعمل الإعلام وتصور للتنمية المستدامة وغيرها من الأمور ذات الطابع السياسى والاقتصادى، التى تنظر لتفاصيل الصورة والواقع المعاش من أسفل، وليس الشعارات الكبرى التى نطلقها من أعلى وتبقى محلقة فى الهواء دون أن تلمس أرض الواقع.

arabstoday

GMT 02:18 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (الجزء 1)

GMT 02:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الوفاء غائب ولغة التخوين والحقد حاضرة

GMT 02:10 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حين ينهار كلّ شيء في عالم الميليشيا

GMT 02:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 02:04 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الرفاق حائرون... خصوم ترمب العرب

GMT 02:01 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شبحا كافكا وأورويل في بريطانيا

GMT 01:58 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

التوسع والتعربد

GMT 01:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أميركا دونالد ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القوة السياسية قبل العسكرية القوة السياسية قبل العسكرية



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة
 العرب اليوم - أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة

GMT 02:44 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
 العرب اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 05:58 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 12:50 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

موسكو تدعو "حماس" إلى الإفراج "الفوري" عن مواطنين روسيين

GMT 12:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

انفجار قوي يهز العاصمة السورية دمشق ويجري التحقق من طبيعته

GMT 13:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب تطرح ميزة “مسودات الرسائل” الجديدة

GMT 13:26 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 20:44 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترمب يُعدّ قائمة بمسؤولين في البنتاغون لفصلهم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab