النص أم السياق

النص أم السياق؟

النص أم السياق؟

 العرب اليوم -

النص أم السياق

عمرو الشوبكي

فى كل ندوة أو لقاء يجمع مثقفين مصريين أو عربا أو حتى أجانب ممن يهتمون بالعالم العربى والإسلامى، نجد موضوع الإسلام السياسى يطرح على مائدة الحوار الأكاديمى والفكرى، ويبرز على الفور، وربما منذ زمن، تياران: الأول يرى أن مشكلة هذه التيارات تعود إلى نصها العقائدى الذى لا يسمح لها بالاندماج فى الحياة السياسية والقبول بقواعد الديمقراطية وتداول السلطة، والثانى يرى أن المشكلة ليست فقط أو أساسا فى النص أو العقيدة السياسية، إنما فى السياق السياسى المحيط بها، فإذا كان سياقا ملائما وضع شروطا محددة لدمج التيارات الإسلامية السلمية فى العملية السياسية دمجا آمنا، فإنها ستتغير، ويمكن أن تصبح جزءا من العملية السياسية.

وبعيدا عن التوظيف السياسى للمدرستين، فإن لكل منهما فى عالم البحث والدراسات العلمية منذ أكثر من 3 عقود حتى الآن كتابات كثيرة وأنصاراً كثراً.

والحقيقة أن فشل حكم جماعة الإخوان المسلمين فى مصر فتح الباب أمام عودة قوية للقول إن هذه التيارات بحكم بنيتها الفكرية والتنظيمية غير قابلة لتبنى الديمقراطية، وإنها لأسباب هيكلية ستظل معادية للحريات العامة ولقيم المواطنة، حتى لو ادعت فى بعض المراحل غير ذلك، لأن موقفها الدفين هو رفض الديمقراطية، وأنها حين تصل للسلطة لن تسمح مطلقا بتداولها.

فى مقابل هذا الرأى، ظل هناك اقتراب آخر يرى أن مشكلات التيارات الإسلامية غير التكفيرية هى مشكلات تتعلق أساسا بالسياق السياسى المحيط (حتى لو أقر بوجود مشكلات عقائدية فى فكرها)، وأن هناك كثيرا من التجارب التى نجحت فى دمج التيارات الإسلامية فى العملية السياسية وتحويلها لتيارات ديمقراطية تؤمن بالتعددية السياسية والمواطنة ودولة القانون كما جرى فى المغرب وتونس وإلى حد كبير تركيا، قبل أن يسقط أردوجان فى براثن غواية السلطة.

والحقيقة أن الفارق الأساسى بين تجارب الفشل فى مصر والسودان وفلسطين وأفغانستان والعراق وليبيا للحركات الإسلامية الإخوانية وغير الإخوانية، وبين تجارب النجاح، ولو الجزئى، فى تونس والمغرب وتركيا أن السياق السياسى كان أكثر نضجا فى هذه التجارب، فالفارق مثلا بين تجربة «إخوان تونس» و«إخوان مصر» أن الأولى يوجد بها حزب ينتمى لمدرسة الإخوان اسمه حركة النهضة، وجاء فى المرتبة الثانية فى الانتخابات الأخيرة، بعد أن حصل على أغلبية سابقة فى المجلس التأسيسى لكتابة الدستور، ولا توجد جماعة دينية غير قانونية تحركه من وراء الستار اسمها جماعة الإخوان المسلمين كما فى مصر، ويوجد رئيس واحد لحركة النهضة هو راشد الغنوشى، ولا يوجد له مرشد ولا نائب مرشد ولا مكتب إرشاد يصدر له توجيهات مطلوب منه أن يلتزم بها.

السياق الصحى يقول لنا إنه كان يجب دخول التيارات الإسلامية إلى المجال السياسى، عقب ثورة يناير، وفق قواعد معدة مسبقا تتمثل فى دستور مدنى وقواعد انتخابية وقانونية منظمة للعملية السياسية وفصل الجماعة الدعوية عن الحزب السياسى كما جرى فى تجارب النجاح، التى كان فيها دستور مدنى ودولة وطنية ونظام قانونى وسياسى راسخ كالمغرب مثلا مع تجربة حزب العدالة والتنمية الحاكم.

كيف إذن يتم وضع نظام دستورى وقانونى يؤدى إلى ظهور حزب سياسى له مرجعية حضارية وثقافية إسلامية، أى أن الماكينة- السياق السياسى والقانونى- التى سيدخل فيها القطن (الإسلام السياسى) ستخرج من الناحية الأخرى قماشا (تيار حضارى إسلامى مدنى وديمقراطى) ليس له علاقة بـ 85 عاما من فشل الإخوان المسلمين.

سيبقى هذا تحديا مطروحا علينا، وسنفتح آجلاً أم عاجلاً نقاشاً هادئاً حوله.

arabstoday

GMT 19:10 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

«ضريبة موحدة».. خطوة للأمام

GMT 19:09 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

جوائز الدورى الإنجليزى

GMT 19:07 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

الحصاد المر

GMT 12:58 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (103) رحيل الحبر الأعظم

GMT 12:56 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

جدول أعمال المستقبل 2030

GMT 12:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

القاعدة العامة

GMT 12:54 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

كارثة هجرة الأطباء

GMT 12:43 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السودان .. وغزة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النص أم السياق النص أم السياق



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - محمد صبحي يهاجم ورش الكتابة وأجور الفنانين العالية

GMT 14:44 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 6.2 درجات قبالة سواحل الفلبين الجنوبية

GMT 14:47 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

وفاة البابا فرنسيس.. خسارة لقضية السلام

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 23 إبريل / نيسان 2025

GMT 02:25 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

الاحتلال يغلق مدخل المنشية جنوب شرق بيت لحم

GMT 03:05 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ترامب يؤكد أن العملات المشفرة بحاجة إلى تنظيم

GMT 02:41 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

صفارات الإنذار تدوي في سديروت بغلاف غزة

GMT 03:03 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

تراجع مخزونات النفط في الولايات المتحدة

GMT 05:37 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

على رُقعة الشطرنج

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عودة النّزاع على سلاح “الحزب”!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab