سؤال تونس

سؤال تونس

سؤال تونس

 العرب اليوم -

سؤال تونس

عمرو الشوبكي

طرح الصحفى التونسى مقداد الماجرى سؤالاً على رئيس الوزراء المصرى تحدث فيه عن الفساد الموجود داخل الحكومة بعد إقالة وزير الزراعة ومسؤولية رئيس الوزراء عنه، السؤال طبيعى ومن الوارد أن يطرح فى أى مكان، ولو كان الصحفى أجنبيا وليس عربيا لربما تردد المهندس إبراهيم محلب أكثر من مرة قبل اتخاذ القرار الخاطئ بالانسحاب.
والحقيقة أن القرار الصائب كان الرد على السؤال، خاصة أن رئيس وزرائنا قادر على الرد، ولديه رصيد وطنى وشعبى كبير، وكفاءة مهنية، وأيضا صورة ذهنية لدى الرأى العام بأنه رئيس وزراء ميدانى وجسور يجده المواطن أمامه فى كل مكان، بل إن محلب نفسه كثيرا ما ردد أن حكومته فى حالة حرب، فكيف ينسحب من الإجابة عن السؤال مهما كان مصدره؟!

طبعا الطريقة الكارثية والسيئة التى جاءت فى بيان المتحدث الرسمى باسم مجلس الوزراء بالقول إن رئيس الوزراء لم ينسحب، وإنه كان مقررا أن ينهى المؤتمر بعد السؤال الثانى فيها بكل أسف خداع وكذب على الرأى العام، لأن الحقيقة أن رئيس الوزراء انسحب اعتراضا على السؤال وليس كما كان مقررا.

طبعا الطريقة الفاشلة والخائبة التى باتت بمثابة غطاء لأى خطأ أو فشل أو تعثر هو ترك الموضوع الأصلى (سؤال طرحه صحفى ولم يجب عنه) والذهاب إلى الفروع والتوافه، مثل إنه صحفى إخوانى تضامن مع مرسى وغيرها من المفردات.

المؤكد أن الصحفى التونسى متعاطف مع حركة النهضة التى تنتمى إلى مدرسة الإخوان، وهى تمثل ثانى قوة سياسية بعد نداء تونس، وأن رئيس وزراء تونس ورئيس جمهوريتها ينتميان للمعسكر المناهض لحزب النهضة، واعتبروا جميعا أن الانسحاب خصم من رصيدهما فى الشارع التونسى، وأن معظم القوى الرافضة لتيار النهضة ومدرسة الإخوان شعرت بالخذلان من هذا الانسحاب ومن عدم الرد على السؤال المطروح.

والحقيقة أن تجربة تونس تختلف عن نظيرتها المصرية فى أنها نجحت بصعوبة كبيرة فى دمج التيار الذى ينتمى لمدرسة الإخوان، ممثلا فى حركة النهضة فى العملية السياسية، وبالتالى من الوارد أن نجد فى يوم ما رئيس حكومة من النهضة كما حدث من قبل، ولأن تونس ليست مصر وخبرة النهضة هى من اليوم الأول خبرة حزب سياسى وليس جماعة عقائدية مغلقة لها ذراع سياسية مثل تجربة الإخوان فى مصر، بالإضافة لعوامل اجتماعية وثقافية أخرى جعلت الفروقات بين التجربتين واضحة.

والحقيقة إذا انسحبت مصر من أى مؤتمر فيه شخص ينتمى لجماعة الإخوان فإن عليها أن تقطع علاقتها بالمغرب، التى يحكمها الآن حزب العدالة والتنمية، ومع تونس إذا وصلت النهضة مرة أخرى للسلطة، ومع ليبيا لأن هناك تيارا إخوانيا بها ومع سوريا والعراق، لأن فيهما من ينتمى للإخوان من الأحزاب والقوى السياسية.

الغريب أن مصر لديها مبرراتها فى إقصاء جماعة الإخوان المسلمين عقب انتفاضة شعبية واسعة أسقطت حكم مرسى وجماعته، ولكن ليس لها نفس المبررات فى التعامل مع التيارات الإخوانية فى العالم العربى، فهذه تجارب تخص دولها وسياقها الخاص ولا تخصنا تماما مثلما لا نقبل نحن أن يعطينا أحد دروساً فى مسارنا الداخلى علينا أن نتعامل مع مسارات الدول الأخرى بنفس الروح.

إن النجاح النسبى الذى حققته تونس يعتبره الكثيرون راجعاً فى جانب مهم منه لما جرى فى مصر عقب 30 يونيو، فكثير من الأصدقاء التوانسة من أكاديميين وسياسيين (بعضهم فى النهضة) أكدوا أو اعترفوا بأنه لولا تدخل الجيش فى مصر فى 3 يوليو لما قبلت النهضة بالتنازل الأكبر الذى قدمته للمعارضة التونسية بالتخلى عن رئاسة الحكومة والقبول بحكومة كفاءات مهنية لحين إجراء الانتخابات التى خسرتها.

المؤسف أننا كما نفعل فى مصر نتصور أن الأمر هو عبارة عن مشاريع اقتصادية واتفاقات تجارية فى مجال الصيد والتجارة والتعاون الثقافى والأمنى توقعها مصر مع تونس أو مع غيرها، ويبدو أننا نسينا أن تونس مثل كل دول العالم فيها عملية سياسية وتنافس حزبى وسياسى، وأن علاقتنا الجيدة بحكومة تونسية تنتمى لنفس التيار المدنى الممتد فى العالم العربى من حزب الاستقلال المغربى، مروراً بالمؤتمر الوطنى فى ليبيا ونداء تونس، إضافة إلى كل التكتلات القومية فى المشرق والمغرب العربى، وهى كلها تواجه بدرجات مختلفة تيارات الإسلام السياسى، وبوسائل مختلفة أيضا منها الوسيلة السلمية والديمقراطية فى تجارب النجاح والوسائل المسلحة فى نماذج الفشل أو التعثر.

لم يقدر رئيس الوزراء المصرى جيدا تبعات عدم إجابته عن السؤال الذى وجه، وهو أمر علينا أن نتوقعه كل يوم إلا إذا اعتبرنا أن ما جرى عندنا يجب أن يجرى فى باقى دول العالم، والحقيقة تقول إن لكل بلد تجربته ومساره السياسى الخاص الذى لابد فى النهاية أن يؤدى فى تجارب النجاح إلى فرز دولة قانون قادرة على استيعاب التنوعات المختلفة داخل المجتمع التى تحترم الدستور والقوانين القائمة.

arabstoday

GMT 02:18 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (الجزء 1)

GMT 02:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الوفاء غائب ولغة التخوين والحقد حاضرة

GMT 02:10 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حين ينهار كلّ شيء في عالم الميليشيا

GMT 02:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 02:04 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الرفاق حائرون... خصوم ترمب العرب

GMT 02:01 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شبحا كافكا وأورويل في بريطانيا

GMT 01:58 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

التوسع والتعربد

GMT 01:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أميركا دونالد ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سؤال تونس سؤال تونس



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة
 العرب اليوم - أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة

GMT 02:44 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
 العرب اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 12:03 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
 العرب اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 01:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العنف فى المدارس !

GMT 05:45 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 02:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 08:22 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل جندي إسرائيلي من لواء كفير برصاص قناص شمال قطاع غزة

GMT 07:19 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 4.7 درجات يضرب أفغانستان في ساعة مبكرة من اليوم

GMT 13:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية

GMT 06:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يحذّر من حقبة "تغيير سياسي كبير" بعد فوز ترامب

GMT 13:36 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"تسلا" تستدعي 2400 شاحنة من "Cybertruck" بسبب مشاكل تقنية

GMT 22:39 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سقوط قنبلتين ضوئيتين في ساحة منزل نتنياهو

GMT 16:54 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد فهمي ضيف شرف سينما 2024 بـ 3 أفلام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab