سيناء الجريحة

سيناء الجريحة

سيناء الجريحة

 العرب اليوم -

سيناء الجريحة

عمرو الشوبكي

حتماً هناك مشكلة فى سيناء، وهناك خطاب إعلامى وسياسى وممارسات عمّقت من جراح أهالى سيناء، حتى أصبحنا أمام مشكلة حقيقية معرضة للتفاقم مادمنا لم نمتلك رؤية سياسية واجتماعية لحل مشاكلها، ومادام هناك من يدعو لدكّ سيناء وتهجير أهلها ويصفهم بـ«الخونة والمتآمرين».

أخبار متعلقة

 photo
السيسي يعفو عن سجناء بمناسبة «تحرير سيناء»

 photo
محافظ جنوب سيناء: 500 مليون جنيه لحماية المحافظة من أخطار السيول

والحقيقة أنه فى الوقت الذى يطالب فيه البعض بأن تكون سيناء قاعدة لانطلاق مشاريع مصر التنموية والسياحية، ويعجز عن استيعاب ما يقرب من مليون مواطن داخل النسيج المجتمعى المصرى، ويصب «جام فشله» على أهلها، فالسؤال الذى يجب أن يُطرح: ما الذى جعل جزءاً من البيئة الاجتماعية فى سيناء يغير موقفه من الدولة المصرية، وكيف انتقل دعم قطاع واسع من أهالى سيناء للجيش والدولة المصرية أثناء الاحتلال الإسرائيلى إلى موقف فيه كثير من الريبة والخوف لدى البعض، والمرارة والعلاقة الثأرية لدى البعض الآخر، بما يعنى أن العيب ليس فى «جينات» أهالى سيناء الذين اختاروا أن يقفوا مع الدولة المصرية ضد ترهيب وترغيب إسرائيل منذ أكثر من 40 عاما، وعادوا وأصبح لقطاع منهم موقف سلبى من هذه الدولة؟

والحقيقة أن الاعتراف بأن هناك بيئة حاضنة للإرهاب فى سيناء لا يعنى اعتبار أهلها إرهابيين، فالبيئة الحاضنة فى الحالة المصرية هى بيئة جزئية وليست شاملة، وهى مرتبطة بجملة من الظروف الاجتماعية والسياسية والثقافية، التى لم يحاول أهل الحكم منذ عهد مبارك حتى الآن حلها، ولو بشكل تدريجى.

والمؤكد أن بداية الشرخ الذى حدث بين الدولة وأهالى سيناء ترجع إلى أكتوبر 2004، عقب اعتداء طابا الإرهابى وقيام أجهزة نظام مبارك بتوسيع دائرة الاشتباه حتى شملت ما يقرب من 4000 معتقل تعرض بعضهم لاعتداءات وانتهاكات صارخة.

ومنذ ذلك التاريخ غابت السياسة تماما، ودخل الأمن وأصبح فى يده تقريبا كل ملفات سيناء ومصر، وتعرض جزء كبير من أهالى سيناء للملاحقة والاعتقال، وشعروا بالتهميش والغبن فى ظل سياسات إقصائية لم تتغير حتى الآن.

وجاء دخول الإرهابيين إلى سيناء ودخول مصر فى حرب ضد الإرهاب، فوجدوا بيئة حاضنة من بعض البشر وكثير من الجبال ساعدت على تغلغلهم وقدرتهم على التحرك والإيذاء.

فى كل بلاد العالم التى دحرت الإرهاب، بما فيها مصر فى الثمانينيات، بدأنا بالسؤال الكبير: هل هناك بيئة حاضنة للإرهاب؟ وكيف يمكن تجفيف منابعه الفكرية والمادية؟ هذا السؤال حاولنا أن نجيب عنه فى حربنا الأولى ضد الجماعات الجهادية فى الثمانينيات والتسعينيات بالعمل على تجفيف المنابع الفكرية للإرهاب حين لم تكن هناك بيئة اجتماعية تُذكر حاضنة له، وكان البعد العقائدى هو المسيطر (الانحراف فى التفسير الدينى) على هذه الجماعات، وليس الشعور بالظلم السياسى أو التهميش الاجتماعى كما هو الحال الآن (وجعل هناك بيئة حاضنة للإرهاب)، ولعب الأزهر فى ذلك الوقت دورا مهما، وتحاور علماؤه مع الجهاديين والتكفيريين داخل السجون وخارجها، ونجحت الدولة فى كسر شوكة الإرهاب.

صحيح أن الظروف الآن تغيرت بعد أن «تعولمت» الجماعات التكفيرية وأصبحت عابرة للحدود، وأكثر قوة وعنفا، ونجحت فى تهديد الدولة الوطنية فى أكثر من بلد عربى، وهو تحد جديد يتطلب جهدا وأداء مختلفا لا علاقة له بدولة مبارك التى مازالت تحكمنا حتى الآن.

والحقيقة أن نجاح أى حرب على الإرهاب يتمثل فى امتلاك رؤية شاملة قابلة للتنفيذ على أرض الواقع لمواجهته، تشمل جوانب سياسية واجتماعية ودينية بالتوازى مع الجانب العسكرى، بغرض فصل البيئة المجتمعية الحاضنة للإرهاب عن الجماعات الإرهابية بإجراءات سياسية واجتماعية، حتى تسهل هزيمة الجماعات الإرهابية بالقوة.

والحقيقة أن هناك مشكلات اجتماعية يومية فى سيناء أشار إلى بعضها الشيخ عيسى الخرافين، شيخ قبيلة الرميلات، أحد كبار المجاهدين فى سيناء، فى حواره المهم فى «المصرى اليوم»، فى 6 إبريل الماضى، وهى بداية طيبة لفتح جروح سيناء ومشاكلها بعيدا عن صراخ الفضائيات.

وقد قال الرجل إن الدولة شكلت جهازا لتنمية سيناء 3 مرات ولم يحدث شىء حتى يومنا هذا، مشيرا إلى أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عين وزيراً للسد العالى، وسيناء ليست أقل أهمية من «السد» فى الوقت الحالى.

وأوضح أن شيوخ القبائل اجتمعوا بالفريق أسامة عسكر، قائد القيادة الموحدة لمنطقة شرق القناة ومكافحة الإرهاب، وناقشوا معه جميع المشكلات التى يعانى منها أبناء سيناء، ومن بينها الضرب العشوائى الذى يصيب منازل المواطنين ويقتل بعضهم، (هناك 11 شخصا من عائلة واحدة سقطوا الأسبوع الماضى)، ومشكلة المعتقلين فى معسكر الجلاء العسكرى بالإسماعيلية دون دليل إدانة، وقال الرجل بشكل واضح: «لابد من التحرى الدقيق قبل القبض على المواطنين، وإصدار عفو كامل عن غير المتورطين فى أى أعمال إرهابية».

سيناء ليست جزءاً حسب الحاجة من مصر نغنى لها ولأرض الفيروز حين تجلب لنا السياحة والعملة الصعبة وتحتضن مشاريعنا الكبرى، وحين تمر بمحنة- بسبب سياسات الحكم الخاطئة- يصب بعضنا جام غضبه على أهلها ويتهمهم بأسوأ الاتهامات، وينسى أو يتناسى أنه فشل فى حل مشاكلهم، بل ربما كان سبباً فى تفاقمها.

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيناء الجريحة سيناء الجريحة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab