قوة التفاوض 1ـ2

قوة التفاوض 1ـ2

قوة التفاوض 1ـ2

 العرب اليوم -

قوة التفاوض 1ـ2

عمرو الشوبكي

التفاوض امتحان «يكرم فيه المرء أو يهان»، فإذا كان من أجل حل خلاف أو تسوية صراع بين دول، فإن قوة كل دولة في الداخل والأوراق التي تمتلكها في الخارج هي التي ستؤثر في مسار التفاوض ونتائجه.

والحقيقة أن معركة التفاوض الكبرى التي خاضتها كل من إيران واليونان، الأسبوع الماضى، من أجل تسوية خلافاتهما العميقة مع القوى الكبرى لها دلالة بالغة، فرغم أن الدولتين مختلفتان في أمور كثيرة وعميقة، بما فيها طبيعة خلافاتهما مع الدول الكبرى، إلا أن نجاحهما الكبير في التوصل لاتفاق مع دول الاتحاد الأوروبى بالنسبة لليونان، ومع الدول الست الكبرى بالنسبة لإيران، أمر يثير الإعجاب والاحترام.

فالمفاوضات الشرسة التي دارت بين المفاوضين الإيرانيين ومندوبى الدول الست الكبرى، وأسفرت بعد 21 ساعة من الحوار المضنى عن اتفاق بين الجانبين، بعد أن وظف كل جانب مهاراته الدبلوماسية للوصول إلى اتفاق يحقق ولو الحد الأدنى من طموحاته، دلت على أن التفاوض هو النهاية الطبيعية لأى صراع مهما كان.

أما اليونان فقد قاد رئيس وزرائها اليسارى أليكسيس تسيبراس واحدة من أهم المفاوضات التي شهدتها أوروبا منذ عقود، وهو نموذج يدرس في مستوى جديد من القيادات السياسية اليسارية يختلف عن كثير من «الهتيفة» في بلادنا، الذين يعتبرون اليسار هو مجرد صراخ على مواقع التواصل الاجتماعى، وجلسات التنظير في المقاهى باسم الجماهير التي لم يعرفوها.

بالمقابل فإن تجربة رئيس وزراء اليونان الذي ينتمى لليسار تعبر عن حالة جماهيرية حقيقية في بلد صغير هو اليونان (12 مليون نسمة) متوسط الإمكانات بالمعنى العالمى وضعيف بالمعايير الأوروبية رغم تاريخه وحضارته العريقة.

وقد بدأت مشكلة اليونان حين قامت حكوماتها السابقة بتزوير الأوراق التي تقدمها للاتحاد الأوروبى، والخاصة بحجم إنفاقها العام والإصلاحات الاقتصادية المطلوبة منها، وهو ما أدى إلى تراكم ديونها وعجزها عن تسديدها.

وجاء رئيس الوزراء الجديد تسيبراس، ورغم انتمائه لليسار الماركسى إلا أنه ظل مقتنعاً بأن بقاء بلاده في منطقة اليورو على عيوبها (يرفضها من الناحية الأيديولوجية) أفضل من الخروج منها، وذلك بعد تحسين شروط البقاء فيها.

وقرر الرجل أن يدخل في تفاوض جديد مع دول الاتحاد الأوروبى بعد أن بحث عن أوراق قوة جديدة، فدعا الشعب اليونانى إلى الاستفتاء على الشروط القاسية التي وضعتها أوروبا لإخراج اليونان من أزمتها الاقتصادية، فكانت النتيجة هي رفض 61% من اليونانيين للشروط الأوروبية، وهو يعتبر انتصارا ساحقا لـ«لا» في بلاد اعتادت أن تكون نتيجة الأغلبية أو الفوز فيها لا تتجاوز الـ52 أو 53%.

وقد أدى توظيف رئيس الوزراء اليونانى لجمهور واسع من أبناء شعبه، يتجاوز أنصاره وجماهير حزبه في معركته التفاوضية مع الاتحاد الأوروبى، إلى مراجعة الأخير لشروط الاتفاق الذي وضعته مع اليونان وتحسينها بعد نتيجة الاستفتاء.

النظام السياسى في اليونان حرك جماهير شعبه لصالح تحركاته الخارجية وأدخله طرفاً بمهارة شديدة في معادلات التفاوض مع أوروبا، فلم يورطه في حرب ولا في عدوان ولا في قرارات عنترية غير محسوبة، إنما في معركة تفاوض حسبها الرجل بالسنتيمتر وانتصر فيها.

أن توظف أوراقك من أجل التفاوض هو قمة التحضر وقمة المهارة، وهى أمور قدمت فيها كل من اليونان وإيران خيرة نجاح رغم الفروقات الكبيرة بينهما، وهى تدل على أن هناك بلاداً ترغب في أن تتقدم وأن تنجز، لا أن تظل مكانها بلا عقل سياسى ولا رؤية للمستقبل.

arabstoday

GMT 02:18 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (الجزء 1)

GMT 02:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الوفاء غائب ولغة التخوين والحقد حاضرة

GMT 02:10 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حين ينهار كلّ شيء في عالم الميليشيا

GMT 02:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 02:04 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الرفاق حائرون... خصوم ترمب العرب

GMT 02:01 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شبحا كافكا وأورويل في بريطانيا

GMT 01:58 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

التوسع والتعربد

GMT 01:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أميركا دونالد ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قوة التفاوض 1ـ2 قوة التفاوض 1ـ2



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة
 العرب اليوم - أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة

GMT 02:44 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
 العرب اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 12:03 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
 العرب اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 05:58 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 12:50 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

موسكو تدعو "حماس" إلى الإفراج "الفوري" عن مواطنين روسيين

GMT 12:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

انفجار قوي يهز العاصمة السورية دمشق ويجري التحقق من طبيعته

GMT 13:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب تطرح ميزة “مسودات الرسائل” الجديدة

GMT 13:26 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 20:44 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترمب يُعدّ قائمة بمسؤولين في البنتاغون لفصلهم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab