بقلم - عمرو الشوبكي
جاءت مشاهد الدمار التى خلفها العدوان الإسرائيلى على لبنان لتثير أحزانا كثيرة، سواء بسبب عدد الشهداء الذين سقطوا وبلغوا حوالى ٢٤٠٠ شخص، أو بسبب البلد الذى يدمر وتقصف أحياؤه السكنية بقسوة وخاصة فى الضاحية الجنوبية وفى مدن وقرى الجنوب اللبنانى.
ولأن هذا البلد أعرفه جيدا وزرته عشرات المرات ولدىّ فيه صداقات منذ زمن طويل، وأعرف كثيرا من أساتذته الجامعيين وكُتابه وصحفييه وأيضا مناطقه المختلفة وتعقيدات اختلافاته المذهبية والسياسية.. لذا لم يكن غريبا أن يكون الموقف من حزب الله محل خلاف عميق بين اللبنانيين، وأخذ أبعادا مجتمعية لم تخل من جوانب دينية ومذهبية حتى وسط من يرون إسرائيل عدوة، ويجب مقاومتها.
والحقيقة أن النقاش اللبنانى والسورى حول حزب الله تحمل أبعادا كثيرة، فهناك من يعارض الحزب بقسوة بسبب مشاركته فى حرب سوريا واتهامه بأنه السبب الرئيسى وراء استمرار النظام السورى وسقوط آلاف من الضحايا، كما رفض كثير من اللبنانيين إدخال البلاد فى حرب من أجل غزة، حتى لو تضامنوا بشكل كامل مع القضية الفلسطينية، وهناك من اعتبر أن سلاح حزب الله يمثل حماية للبنان من إسرائيل التى باتت دولة عدوانية لا توقفها أى مبادرات أو اتفاقات سلمية ولا مواثيق دولية.
والحقيقة أن هذه المواقف المختلفة كنت أعرفها منذ زمن وتبلورت أكثر من خلال مناقشاتى طوال الأسبوع الماضى مع أصدقاء لبنانيين، فهناك من قال لى إنه يحمل حزب الله «مظالم كثيرة»، وذكر لى معاتبا موقف صديق مشترك (من نفس مذهبه) كتب مرثية فى وفاه السيد حسن نصر الله، واختلف مع موقفه، وهناك صديق ثالث كاتب صحفى ورئيس تحرير أحد المواقع اللبنانية وهو من المتعاطفين مع حزب الله تعاطفا «عاقلا» وينتقده فى بعض الجوانب لكنه مؤمن بضرورة الحفاظ على وجوده كقوة مقاومة، بعد العدوان الإسرائيلى أصبح موقفه أكثر دعما للحزب دون أن يفقد حسه النقدى.
كثير من المثقفين اللبنانيين والعرب ممن يعارضون توجهات حزب الله صدمهم مسلسل الجرائم الإسرائيلية فى غزة ولبنان واستهداف المدنيين واصطياد قادة المقاومة، وقالوا طالما تعلن إسرائيل رفضها الكامل لأى تسوية سلمية وحل الدولتين ولا تكترث بالسلطة الفلسطينية ولا تعبأ بالمجتمع الدولى وقرارات الأمم المتحدة وعجزت قوى الاعتدال العربية مع الضغوط المدنية والشعبية الدولية عن أن تدفع إسرائيل للالتزام بقرارات الشرعية الدولية، فإنه يمكن التغاضى عن أخطاء حزب الله أو تصويبها فى مرحلة لاحقة، طالما يقاوم إسرائيل ويمثل شوكة فى ظهرها وقدم بالفعل تضحيات كبيرة.
الحوار اللبنانى والعربى حول حزب الله له أبعاد كثيرة ويحمل أيضا آراء مختلفة.. لكن من الواضح أن ما تقوم به إسرائيل جعل المؤيدين وأغلب المعارضين لحزب الله يتمنون نجاحه فى الصمود فى وجه العدوان الإسرائيلى.